أوبزيرفر: في مواجهة تسونامي كورونا.. القطاع الصحي البريطاني يقاتل بشجاعة والحكومة فشلت

2020-03-29

قالت صحيفة “أوبزيرفر” في افتتاحيتها إن الوباء الذي ضرب العالم ووصل إلى بريطانيا كشف عن فشل حكومي في التعامل معه.

وأضافت أن الحكومة كانت تعرف أن وصول فيروس كورونا يعني زيادة الضغوط على النظام الصحي ولكنها كانت وبشكل مخيف غير مستعدة.

وقالت الصحيفة: “جلب الأسبوع الماضي أخبار أول ضحية للفيروس من القطاع الطبي في بريطانيا. ففي يوم الأربعاء توفي الدكتور حبيب زيدي، الطبيب العام (طبيب عائلة) في إيسكس فيما يعتقد أنه من أعراض كوفيد- 19. وتوفي الجراح المتخصص في زراعة الأعضاء عادل الطيار (سوداني) بعد إصابته بالفيروس أثناء عمله في مستشفى ويست ميدل سيكس.

وعلقت الصحيفة أن هناك احتمالا كبيرا لخسارة أرواح أطباء وممرضين وعاملين في الطواقم الطبية حياتهم نتيجة لعملهم الحيوي في فحص المرضى المصابين بالفيروس.

وهذا تذكير مرعب بأن العاملين في الصحة الوطنية (أن أتش أس) والرعاية الإجتماعية يعرضون حياتهم للخطر من أجل إنقاذ الآخرين. وتقول الصحيفة إن الجهود الحثيثة لزيادة معدلات استيعاب الخدمة الصحية والتي تمت خلال الأيام الماضية مثيرة للإعجاب. ويجري العمل على بناء مستشفى في مركز إكسل للمعارض بلندن، سيبدأ عمله في الأسبوع المقبل باسم “مستشفى ناينتنجيل” وسيوفر 500 سرير في المرحلة الأولى. ويتوفر على قدرات توسيع لاستيعاب 4.000 مريض. ويجري العمل على توسعة القدرات الصحية في أماكن أخرى مثل بيرمنغهام ومانشستر.

ورغم كل هذا تحتاج الخدمة الصحية بما فيها من أطباء وممرضين إلى جهود ضخمة لمواجهة حالات إصابة متزايدة ومنع الخدمات من الانهيار.

وسيتم تجنيد الأطباء والممرضين من كل أنحاء البلاد للمساعدة ومراقبة الأسرّة الجديدة. وسيعمل الكثير منهم في الموقع ويواجهون مناوبات متعبة ومجهدة عاطفيا في ظروف من الصعب تحملها.

وفي كل أنحاء البلاد ودّع الأطباء الأعزاء والمقربين منهم وتركوا البيوت أو نقلوا الأبناء للعيش مع أقاربهم، ربما لأشهر حتى لا يتعرضوا لخطر الإصابة بالمرض. وهو عمل مثير للإعجاب ويدعو للتحية لهم على التزامهم وتكريسهم للواجب. ولن ينسى أحد هذا الموقف لهم.

إلا أن تكريس القطاع الطبي للمهنة والواجب يتناقض مع موقف الحكومة التي أظهرت أنها ليست مستعدة، مثل شراء أجهزة تنفس إضافية أو ملابس واقية للعاملين في القطاع الطبي ولا حتى أجهزة فحص.

وكان على الحكومة فهم الإشارات القادمة من الصين والتي بدأت في شهر شباط/فبراير وأظهرت احتمالات عالية لتحول المرض إلى وباء عالمي. وهذا يقتضي بالضرورة زيادة الاستعدادات الطبية وتحضير الأجهزة والمعدات الإضافية، فنظام صحي يواجه ضغوطا عالية لن يكون قادرا على الصمود.

وانتظر وزير الصحة طويلا، ودعا قبل اسبوعين الشركات للاتصال بالحكومة لمساعدتها على تصنيع أجهزة التنفس. واتضح، وهذا مثير للقلق أن الحكومة ليست لديها القدرة الشرائية.

ولم تشارك بريطانيا في المبادرة الأوروبية المشتركة لشراء أجهزة التنفس، ذلك أنها كانت ستستفيد من الكتلة الجماعية هذه لزيادة مخزونها من أجهزة التنفس التي ستتوفر للخدمات الصحية. وفي البداية زعمت الحكومة أنها قررت عدم المشاركة لأنها لم تعد عضوا في الاتحاد الأوروبي وقررت بذل الجهود لتوفير الأجهزة الضرورية. ثم عادت وقالت إن الحكومة فشلت بالانضمام في الموعد المحدد والسبب “هي مشكلة تواصل”.

ولكن بروكسل أعلنت عن المبادرة المشتركة قبل عدة أسابيع، وأن ممثل بريطانيا كان حاضرا عند مناقشة مبادرة الشراء المشتركة. ولم تخفف مبررات الحكومة من الشكوك في أنها فشلت بالانضمام للمبادرة الأوروبية لأسباب أيديولوجية.

وأكثر من هذا، فقد قال مصنعو أجهزة التنفس البريطانيين إنهم اتصلوا بالحكومة وعرضوا المساعدة لزيادة أعداد الأجهزة، إلا أن الحكومة لم ترد عليهم. واتصلت شركة “دايركت أكسس” مع وزارة التجارة بعد توفير 5.000 جهاز تنفس ولكنها لم تسمع من الحكومة.

وقال مورّد آخر وهي شركة “أم إي سي ميديكال” إن الحكومة لم ترد على عرض لتوسيع معدلات الإنتاج. وكشف أن الحكومة رفضت عام 2016 عرضا لزيادة مخزون الملابس الشخصية الواقية المستخدمة لمواجهة وباء الإنفلونزا نظرا لكلفتها.

ولكن القرار ترك تداعياته الخطيرة على الأطباء والممرضين العاملين على الخطوط الأولى، فقد طلبت بعض مؤسسات الصحة الوطنية من المدارس التبرع بالمناظير الليلية المتوفرة لديها، فيما قال البعض إنهم اشتروا الزي الواقي من أموالهم الخاصة.

وتعلق الصحيفة أن الضغوط التي يتعرض لها النظام الصحي نابعة من قطع النفقات وسياسات الدعم غير الكافية التي مارستها حكومات المحافظين منذ 2010. فمن المعروف أن وباء كهذا كان سيضع ضغوطا متطرفة على القطاع الصحي، ولكن الأثر سيكون سيئا عندما تقوم الحكومة وعلى مدى عقد بتخفيض النفقات التي أدت لنقص الأسرّّة في المستشفيات.

وبسبب هذه السياسات تم اليوم إلغاء العمليات اليومية بسبب عدم توفر القدرات، ووصلت العناية الطبية الضرورية لأدنى مستوياتها، وأقل مما هو موجود في الدول الأوروبية.

ونظام صحي دُفع للعمل بأقصى ما لديه من قدرات، سيكون ضعيفا أمام أزمة واسعة على القاعدة الحالية، مما سيؤدي إلى وفيات كان يمكن تجنبها.

وفي الوقت الحالي يجب تقديم التحية للقطاع الصحي الذي يحضر نفسه لتسونامي من الحالات. وسيحين الوقت لتحميل السياسيين الذين استخدموا خفض النفقات للمستشفيات كوسيلة لتحسين وضع حزبهم المحافظ بدون الاهتمام لما تتسبب به هذه الأفعال من تداعيات قاتلة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي