قبل أن تفقدي عقلك بسبب كورونا.. نصائح للأم العاملة من المنزل

2020-03-26

اخفضي سقف توقعاتك تجاه التزام أطفالك بالروتين اليومي (مواقع التواصل)ماري هارون

 

مع تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19) في أغلبية دول العالم، وإعلان منظمة الصحة العالمية المرض جائحة اعتزمت العديد من الشركات تطبيق سياسات العمل عن بعد، لتحقيق التوازن بين استمرارية العمل والحد من تفشي المرض، ورغم أن العديد من الأمهات اخترن العمل من المنزل فإنه لم يكن في الحسبان أن تتوقف المدارس ودور الرعاية عن استقبال الأطفال، ليس ذلك فحسب ولكن حرصا على الأطفال تخلت العديد من الأمهات عن المربيات اللاتي يساعدهن في إنجاز المهام المنزلية.

قد يشكل هذا السيناريو كابوسا لبعض الأمهات، ربما أكبر من كابوس الوباء نفسه، إذ أصبح على الأم العاملة من المنزل أن تقوم بجميع مهامها اليومية كزوجة وأم وموظفة على نحو متواز، مما قد يفقدها صحتها العقلية دون مبالغة.

الصحة العقلية في خطر

وقع جملة "العمل من المنزل" على المسامع يبدو بسيطا وإيجابيا، ويبدو حلما لمن لم يخض التجربة، ولكن الواقع يعكس أن العمل في نفس المساحة مع الأطفال أمر في غاية الصعوبة، إذ تتداخل ساعات العمل ومهامه مع الواجبات المنزلية كزوجة وأم، لذا قد يصبح واجبا على الأم أن تضع حدا حاسما للحفاظ على سلامها الداخلي وصحتها العقلية، ولا سيما إن مرت بالحالات التالية:

الإرهاق البدني والنفسي والعاطفي، والإحساس بالضياع النفسي وعدم التركيز.

عدم القدرة على الإنجاز اليومي المعتاد.

الانفصال الاجتماعي عن أسرتك.

ارتكاب أخطاء فادحة في مهام العمل أو اضطراب متكرر في علاقتك بزملاء العمل.

عدم التنظيم والتشتت والنسيان المتكرر.

لا تقضي ساعات يومك بملابس النوم واحرصي على ارتداء ملابس خاصة أثناء ساعات العمل (مواقع التواصل)

وتعد تلك العلامات بمثابة جرس إنذار ينبئ بخطورة وضع الصحة العقلية للأم في تلك المرحلة، سواء كانت تعمل من المنزل أو خارجه، وعليها التدخل فورا لوقف النزيف النفسي الذي تتعرض له، والذي قد يعرضها لخسارة الوظيفة نفسها إن استمرت بالضغط على قدراتها لإنجاز ما هو أكثر من طاقتها، الأمر الذي قد يعرضها للانهيار النفسي، ولا سيما إن كانت أما معيلة أو تعتمد أسرتها على دخلها بصورة رئيسية، لذلك الأمر ليس مزحة ولا يمكن اعتبار الصحة العقلية للمرأة رفاهية بأي حال، لكن ما هي الحلول العملية التي يمكن الاعتماد عليها للحد من هذا الضغط؟


حماية عقلك من الإنهيار

تنصح العديد من الأمهات اللاتي خضن تلك التجربة قبل جائحة كورونا بتخصيص مساحة محددة في المنزل للعمل ومشتملاته مثل الأجهزة والأوراق والمستندات، إذ يؤكدن على ضرورة أن تكون تلك المساحة ممنوعة على الأطفال حتى لا تجدي ملفات العمل قد اختفت من حاسوبك أو شيكات مصرفية قد تم تلوينها بألوان الأطفال.

واحرصي على وضع كل ما يخص عملك في أماكن يصعب وصول الأطفال إليها، ولا سيما الصغار منهم، وما يسهل الوصول إليه يتم اعتباره كالنار والكهرباء.

حيل الخبيرات

لا تقضي ساعات يومك بملابس النوم، واحرصي على تغيير ملابسك على الأقل مرتين يوميا، ورغم أنها تبدو نصيحة غريبة فإن ارتداء ملابس خاصة أثناء ساعات العمل وتغييرها بملابس أخرى أثناء القيام بالمهام المنزلية يشعرك بالفصل بين المهام، كما يمهد لأطفالك أنه يجب عليهم ألا يقتحموا هذه الخصوصية أثناء ارتدائك ملابس العمل والجلوس في مساحتك الخاصة، والعكس صحيح بعد انتهاء ساعات العمل.

ويجب الوضع في الاعتبار أنه عليك تنظيم برنامج تعليمي أو ترفيهي خاص بهم تزامنا مع ساعات عملك، مثل الاشتراك في دورة تدريبية عبر الإنترنت أو السماح لهم بالتلوين أو القراءة أو مشاهدة أفلامهم المفضلة، لضمان أكبر مساحة زمنية من التركيز.

ومن جهة أخرى، اخفضي سقف توقعاتك تجاه التزام أطفالك بالروتين اليومي، لأنهم في المنزل وليسوا بالصف، ولكن عليك الاستمرار في المحاولة حتى تتوصلوا جميعا لنقطة التقاء، كما يجب عدم إلزام نفسك بمهام منزلية.


الحياة ليست مثالية

تذكري أن الحياة ليست مثالية كما نحب أن تكون، وتحقيق المركز الأول في جميع المهام أمر غير واجب التنفيذ، بل إن الاتزان النفسي أولى من إلزام نفسك بمهام منزلية خيالية، كما يمكنك إشراك أطفالك في الأعمال المنزلية بحسب أعمارهم إن أمكن.

ولا بأس بقليل من الإخفاقات، وبعض التقصير في مهام العمل الذي يجب أن يقدره الجميع، لأنك تمرين بظروف استثنائية، كما يجب عليك أن تدربي نفسك على الشعور بالرضا عن ذاتك، فليس بالضرورة أن تتمتعي بجسم رياضي وتحافظي على كامل زينتك في الوقت الذي تحققين فيه نجاحا مهنيا وأسريا.

لا تجعلي الخيال يفسد عليك واقعك، فمن تحصل على تلك الصورة المثالية لديها جيش من المساعدين، ولا يمكن لفرد واحد فقط القيام بكل شيء، وهذا يمكن التعرف عليه بسهولة من خلال مجتمعات دعم المرأة العاملة وصحتها العقلية في العديد من الجهات مثل موقع الأم العاملة.

تذكري أن الحياة ليست مثالية كما نحب أن تكون (غيتي)

وقد كشف استطلاع رأي أجرته شركة بنيندن البريطانية لتقديم خدمات الرعاية الصحية عن أن ثلثي الأمهات يشعرن بضغوط بسبب عدم الإحساس بأنهن أمهات جيدات، وثلث هذه النسبة تشعر بأن حياتهن المهنية تأثرت بأمومتهن، والأغلبية العظمى منهن يشعرن بالضغط الشديد يوميا، ومع اللجوء للمتخصصين وجدت الأمهات راحتهن بين الطعام الجيد والرياضة وممارسة الهوايات، فقد يحتاج الأمر فقط إلى قليل من التنظيم وتقبل الإخفاق في بعض الجوانب لحين الحصول على التوازن المطلوب.

تسلحي بإمكاناتك

احرصي على استخدام كلمة سر لا يعرفها أطفالك تحول دون الوصول إلى ملفات أو تطبيقات العمل على هاتفك أو حاسوبك، وتقبلي بعض الخسائر المادية في البداية حتى يعتاد الجميع -بمن فيهم رب العمل- على الظروف الجديدة، وتذكري أنك لست الوحيدة التي تمرين بتلك المحنة، فهناك ملايين من النساء اللاتي يعملن من المنزل، بل اشعري بالامتنان لأنك ما زلت تحتفظين بوظيفة عن بعد رغم كل الأزمات الاقتصادية التي تضرب العالم.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي