بفضل عالم ولقاح.. نجت أميركا من فيروس قتل الملايين

2020-03-19

صورة لموريس هيلمان بمختبرهطه عبدالناصر رمضان


خلال العام 1957، كتم العالم أنفاسه بسبب فيروس أنفلونزا (H2N2) من الدرجة الثانية، حيث يؤمن كثير من العلماء بظهوره بسبب طفرة في الفيروس الذي يصيب البط البري واندماجه مع فيروس يصيب البشر، ضمن عملية إعادة تشكيل للفيروس. وقد سجلت أول إصابة بهذا الفيروس مطلع العام 1957 بمقاطعة قويتشو (Guizhou) جنوب غربي الصين، قبل أن ينتشر بسرعة ليبلغ سنغافورة بحلول شهر شباط/فبراير وهونغ كونغ خلال شهر نيسان/أبريل من نفس السنة متسببا في ظهور ما عرف بالأنفلونزا الآسيوية.

خريطة لعدد من مناطق شرقي آسيا التي انتشر بها الفيروس

ومع اطلاعه على الأخبار التي تحدّثت عن أهوال انتشار المرض بهونغ كونغ بصحيفة النيويورك تايمز يوم 17 نيسان/أبريل 1957، تيقّن عالم الميكروبيولوجيا الأميركي موريس هيلمان (Maurice Hilleman) أن جائحة الأنفلونزا في طريقها للولايات المتحدة الأميركية. وفي اليوم التالي، اتصل هذا العالم الأميركي بعدد من المسؤولين بأحد المختبرات العسكرية لبلاده بمدينة زاما باليابان، وطالبهم بجمع معلومات حول حقيقة ما يحصل بهونغ كونغ بالتزامن مع ظهور معلومات حول انتقال الفيروس لنحو 250 ألفا من سكان المنطقة.

وأمام هذا الوضع، حدد أحد الأطباء الأميركيين جنديا تابعا لقوات البحرية أصيب بالمرض أثناء تواجده بهونغ كونغ فجمع كمية من لعابه وأرسلها لموريس هيلمان بالولايات المتحدة لإجراء الأبحاث اللازمة على الفيروس.

وبصفته مديرا لمعهد والتر ريد العسكري للأبحاث بواشنطن، تمكن موريس هيلمان من الوصول للعديد من عينات مصل دم لأشخاص من أعمار مختلفة عاشوا خلال العقود السابقة. وخلال أبحاثه، لاحظ هيلمان وجود تغييرات طفيفة ببروتينات نورامينيداز (neuraminidase) وراصة الدم (hemagglutinin) لدى الفيروس الجديد مقارنة بفيروسات الأنفلونزا المعروفة.
فتحدث عن سلالة جديدة من الأنفلونزا وحذّر من جائحة قد تجتاح الولايات المتحدة لتتسبب في ما لا تحمد عقباه في حدود منتصف العام 1957.

صورة لاحدى قوارير لقاح الأنفلونزا لعام 1968

ومع فشله في العثور على أشخاص حاملين لمناعة ضد الفيروس، أرسل العالم الأميركي جملة من أبحاثه لعدد من منظمات الصحة ليعثر في النهاية على مجموعة من الأشخاص حاملين لمضادات مناعية ضده تراوحت أعمارهم بين 70 و80 سنة ونجوا في وقت سابق من جائحة الأنفلونزا الروسية لعام 1889.

مع إعلانه عن حتمية تعرض الولايات المتحدة الأميركية لجائحة الأنفلونزا الآسيوية، واجه موريس هيلمان انتقادات لاذعة إلا أنه تمكّن في النهاية من إقناع شركات الأدوية ببدء العمل على إنتاج اللقاح في الوقت المناسب كما طالب الفلاحين بعدم قتل الديكة لاستغلالها خلال الأبحاث. وقد استغل العلماء حينها تجارب لقاحات الأنفلونزا التي ظهرت خلال الأربعينيات ليطوروا لقاحا ضد الفيروس الجديد. أيضا، اتجه موريس هيلمان لتجاوز تعاليم الهيئات التنظيمية خلال الأبحاث أملا في تسريع عملية إنتاج اللقاح قبل وصول الأنفلونزا الآسيوية.

صورة لإحدى عمليات التطعيم ضد الأنفلونزا

وتماما كما توقع موريس هيلمان، حلّ الفيروس الجديد بالولايات المتحدة الأميركية ليسجل انتشاره خلال شهر أيلول/سبتمبر 1957. ولحسن حظ الجميع حينها كان اللقاح جاهزا قبل تفشي المرض ليساهم بذلك في إنقاذ حياة عدد هائل من الأميركيين.

وبينما تراوح عدد الضحايا بالعالم بين مليون وأربعة ملايين، تسببت الأنفلونزا الآسيوية في وفاة نحو 70 ألف شخص فقط بالولايات المتحدة الأميركية كان جلهم من كبار السن والنساء الحوامل والأطفال.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي