بفضل تضحية "كاترين".. نجت روسيا من مرض قاتل

2020-03-16

لوحة زيتية تجسد الإمبراطورة كاترين الثانيةطه عبد الناصر رمضان


منذ صعودها على عرش روسيا عام 1762، حققت الإمبراطورة الروسية كاترين الثانية المعروفة أيضا بكاترين العظيمة العديد من الإنجازات التي خلدت اسمها كواحدة من أعظم القادة بالتاريخ الروسي.

وإضافة لنجاحها في قيادة العديد من الحملات وتوسعة الرقعة الجغرافية لبلادها، ساندت كاترين الثانية العلوم ووضعت وهي في التاسعة والثلاثين من عمرها حياتها على المحك من أجل إنقاذ روسيا من مرض قتل سنويا عددا كبيرا من الروس وعرف بالجدري.

وتولت كاترين الثانية عرش روسيا عام 1762 عقب إزاحتها لزوجها بطرس الثالث (Peter III) من سدة الحكم. وقد ورثت الأخيرة حينها بلدا مزقته المشاكل الداخلية والفقر. وسنة 1767، وجدت روسيا نفسها في مواجهة مرض الجدري الذي أنهك البلاد على مدار سنين.

لوحة تجسد بيتر الثالث

الجدري يفتك بالروس
فخلال ذلك العام، فارق حوالي 20 ألف روسي الحياة عقب تفشي الجدري بسيبيريا. وأمام هذا الوضع، اتجهت امبراطورة روسيا كاترين الثانية للتحرك بهدف إنقاذ البلاد، فلجأت لخدمات الطبيب الإنجليزي توماس ديميسديل (Thomas Dimsdale) لمساعدتها في القضاء على الجدري وإنقاذ حياة الروس.

إلى ذلك، اعتبر الإنجليزي توماس ديميسديل أحد أبرز أطباء عصره حيث أجرى الأخير العديد من الأبحاث حول مرض الجدري وطريقة التطعيم. ولإقناعه بمساعدتها في خصوص روسيا، عرضت كاترين الثانية على ديميسديل مكافأة مالية هامة وأكدت استعدادها للتضحية من أجل بلادها واعدة بتوفير الحماية الكافية له.

سنة 1768، حلّ توماس ديميسديل بروسيا رفقة ابنه ناثانييل واتجه مباشرة صوب سانت بطرسبرغ. وهنالك، التقى الطبيب الإنجليزي بالإمبراطورة كاترين الثانية التي طلبت بأن تكون أول روسية تحصل على التطعيم ضد الجدري. وأكدت الإمبراطورة حينها أن نجاتها ونجاح التجربة ستقنع بقية الشعب الروسي على تجربة التطعيم ضد الجدري.

تطعيم الإمبراطورة

في الأثناء، لم يكن ديميسديل واثقا من تأثير التطعيم على الروس بسبب طبيعة حياتهم وتخوف من نتائج قد تكون مخالفة لتلك التي ظهرت على الإنجليز سابقا.

ولهذا السبب، فضّل الطبيب الإنجليزي تجربة التطعيم على عدد من أفراد الشعب لتجنب ظهور أعراض جانبية على الإمبراطورة ووفاتها وهو الأمر الذي قد يؤدي لإعدامه.

لوحة تجسد الطبيب توماس ديميسديل

أمام هذا الوضع، قدّمت كاترين الثانية ضمانات للطبيب ديميسديل فأصرت على أن تكون أول روسية تطعّم ضد الجدري وجهّزت في المقابل موكبا من الأحصنة والعربات لنقل ديميسديل على جناح السرعة خارج البلاد في حال تدهور حالتها الصحية.

وخلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 1768، أقدم الطبيب ديميسديل على تطعيم الإمبراطورة وابنها إضافة لأكثر من 100 فرد من أفراد القصر ضد الجدري. وخلال الأيام القليلة التالية، أظهرت كاترين الثانية علامات طفيفة للمرض قبل أن تشفى تماما ليحقق بذلك التطعيم نجاحا أسعد الروس.

لاحقا، انتشر التطعيم ضد الجدري بروسيا بفضل تجربة الإمبراطورة، ووافق كثيرون على الاقتداء بها لحماية أنفسهم من المرض لتشهد بذلك السنوات التالية تراجعا كبيرا في عدد الوفيات بسبب الجدري.

من جهة ثانية، منحت كاترين الثانية الطبيب ديميسديل مكافأة مالية قدرت بحوالي 10 آلاف جنيه إضافة لنفقات أخرى بلغت قيمتها ألفي جنيه كما منحته رتبة بارون ومبلغا سنويا بنحو 500 جنيه.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي