"ستّ الكل".. امرأة عربية مشهورة عاشت منذ قرون!

2020-03-10

عهد فاضل

 

لم يكن الرجل العربي، المتصرّف الوحيد بالألقاب المفخمة، يوجهها إلى ذاته، ويحرم منها المرأة. بل على العكس، حصدت المرأة، أجمل الألقاب في التاريخ العربي والإسلامي، وكان ما يحسبه البعض لقباً، اسماً في الحقيقة، لعدد منهن، الأمر الذي زاد من الدلالة المنوطة به.

ويبدو تعبير "ستّ الكل" الذي يكثر استعماله في مصر، وغير دولة عربية، من المخاطبات التي يتم فيها تبجيل المرأة، سواء المرأة الأم، أو المرأة الزوجة، أو الأخت، أو أي سيدة موضوع تبجيل ما. إلا أن الإخباريين العرب، سجلوا السيدات اللاتي حملن هذا اللقب، ستّ الكل، والمفاجأة أنه كان اسماً شخصياً لبعضهن، لا لقباً! كما يبدو في إغفال الإخباريين للاسم الشخصي والاستعاضة عنه بما كان يظن لقباً، إلا إذا كان الإخباري غير عارف بالاسم الشخصي.

ستّ الكل.. اللقب والاسم
وبُجِّلت المرأة العربية، بلقب "ستّ الكل" المشهور الذي لا يزال سائداً في التخاطب، إلى يومنا الحاضر، إنما يعتقد أنه كان اسماً للبعض من السيدات العربيات، كستّ الكلّ، ابنة إبراهيم الجيلاني النويري، وكانت وفاتها سنة 828 ه.


وستّ الكل، ابنة أحمد بن إمام الدين محمد وصولاً في النسب إلى المكية، وهي من أهل القرن الثامن الهجري أيضاً.
وممن يعتقد أن "ست الكل" اسم لهن، ابنة محمد بن عمر الكيلاني المكي. وست الكل ابنة محمد بن شهاب، انتهاء بالطبري. وتاريخ وفاتها سنة 867هـ.

وكان "ست الكل" لقباً، لا اسماً، للسيدة سعيدة، ابنة علي بن محمد بن عمر الفاكهي، وفاتها كانت سنة 744ه. ويلاحظ أنه عندما يكون لقباً، يقوم الإخباريون بذكر الاسم الشخصي.

وحول الستّ، يوجد رأيان في تاريخ العربية، الأول يقول إن الستّ أصله، في سيدتي، ثم خفف على الكثرة وشيوع الاستعمال. والرأي الثاني، يقول إن الرجل عندما يخاطب المرأة بـ "يا ستّي" فهو يقصد يا ستّ جهاتي، أي أنها تحيط به، من جهاته كلها.

لقبٌ مميّز: سِتّ مَن يَراها!

وأبدعت العربية في نحت ألقاب من الست، وصار الستّات يرفلن بأجمل ما يمكن إلحاقه بكلمة ستّ. فهناك من تدعى: ستّ من يراها! أي أنها سيدة لأي شخص تقع عيناه عليها، وهو تفخيم هائل وتبجيل غير مسبوق لا نظير له، في الألقاب والأسماء. وحملت اللقب ابنة علي بن محمد بن إبراهيم المصري الشهير بابن حلاوة، وهي من أبناء القرن الثامن الهجري.


ستّ الجميع
وفي المقابل، من ستّ من يراها، فهناك ستّ الجميع! وتتحرك الألقاب جميعها، بعد كلمة الستّ على أي مسمى يفيد بالإحاطة والشمول، إشارة إلى تبجيل التي تم تبجيلها، فست الجميع يعني مبجلة من الجميع، وحملت اللقب أو كان اسماً، لابنة محمد بن محمد بن علي بن أحمد، ويشير إلى ولادتها الإخباريون بأنها كانت سنة 838ه.


وهناك ستّ الجميع، أُخرى، وهو ما بين اللقب والاسم، وهي ابنة محمد بن أبي السعود، وولدت سنة 845ه. فيما انتهت حياة ستّ الجميع الثالثة، بمأساوية، غرقاً في سنة 878ه، وهي ابنة علي بن أحمد بن ناصر القرشي الشيبي.

سِتّ الأجناس!
ومن بين الستات، ستّ العرب، وفيها ابنة محمد بن أبي الخير. وستّ العرب ابنة ناصر الدين وصولا إلى ابن العديم الحلبي، وهي من أهل القرن التاسع الهجري.

ويتواصل تفخيم "الستات" في البيئة العربية، ويصل إلى ستّ الأجناس، وهو لقب فخم حملته موفقية ابنة عبد الوهاب بن عتيق، وحددت تاريخ وفاتها في سنة 712 ه. ومثلما يقال "سيد الناس" للرجل، فيقال أيضا "ستّ الناس" وهو لقبٌ حملته كمالية ابنة أحمد بن رافع، وتاريخ وفاتها سنة 731 ه.


الأرفع شأناً: ستّ الملوك!

فضلاً من الستّات المفخمات بلفظ الكل والجميع ومن يراها، والأجناس، فهناك ستّ الشام، ابنة أحمد بن أبي بكر وصولا إلى القرشي، وولدت سنة 838ه، وهي شقيقة لستّ الجميع. وهناك "ستّ العراق" ابنة أحمد بن ناصر البالسي المصري، وتاريخ وفاتها سنة 867ه. وهناك "ست العيش" وأصبحت "ست القضاة" و"ست الوزراء" ثم "ستّ الملوك".


وعُرف أن هناك "ست الكتبة" و"ستّ الأهل" و"ست الرَّكْب" إنما ستّ الستّات، والذي يستعمل إلى الآن، فبحسب ما طالعته "العربية.نت" في المصنفات العربية التي تعنى بتراجم المتأخرين، لم يتم العثور على ملقَّبة لهذا اللقب، وريثما يتم العثور على سيدة عربية حملت هذا اللقب قديما ودوّن رسمياً كلقب أو اسم لها، فإن سِتّ الستّات هو لقب دَوّار، يستعمله الرجل كيف أراد للزوجة والحبيبة، والابن للأم، والمبجِّل لأي مبجَّلة كانت.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي