السبب مناهج الرياضيات.. الأميركيون فاشلون بالعمليات الحسابية

2020-03-02

زهراء مجدي

أظهر مسح وطني أجرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن 82% من الأميركيين لا يستطيعون تحديد تكلفة السجاد عند إعطائهم أبعادها وسعر كل متر مربع.

هذا اختبار بسيط يعتمد على فهم مهارات الحساب الأساسية، لكنه يعبر عن مدى سوء المناهج الدراسية الأميركية وطرق تدريس تم اعتمادها منذ عقود، وتصديرها لكل دول العالم تحت اسم "الدبلومة الثانوية الأميركية".

فشل المناهج

تشير البيانات التي تم إصدارها مؤخرا إلى أن طلاب المدارس الأميركية في آخر القائمة بين الدول الصناعية المتقدمة عند التقييم وفق المهارات في مادتي الرياضيات والعلوم.

فقد جاءت الولايات المتحدة في المرتبة 38 من بين 71 دولة في الرياضيات، و24 في العلوم من بين 35 عضوا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهو المستوى الذي باتت فيه أميركا منذ عقدين كاملين دون تحسن.

وتقوم مناهج المرحلة الثانوية بتدريس الرياضيات غالبا بالحفظ، بدلا من تعليم الطلاب التفكير الإبداعي في حل المسائل المعقدة في جميع فروع الرياضيات، مما يجعل من الصعب على الطلاب التنافس على الصعيد العالمي، سواء كان ذلك في امتحان دولي، أو في الكليات، والمهن التي تقدر التفكير المتطور وعلوم البيانات، بحسب موقع إديوكيشن نكست.

وجاء هذا التصنيف عن برنامج تقييم الطلاب الدوليين (PISA) الذي يقوم بالتعاون مع منظمة التعاون والتنمية، في الميدان الاقتصادي (OECD).

ويقيس كل ثلاث سنوات مهارات كالقراءة، وتطبيق العلوم، والمهارات الأساسية الأخرى، بين الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 15 عاما، في عشرات البلدان المتقدمة والنامية.

الحفظ والسرعة مقابل الإبداع

تظهر الأبحاث أن الطريقة التي يتم بها تدريس الرياضيات في المدارس الأميركية تضعف بشدة قدرة الطالب على تعلم المادة وفهمها.

فحتى المرحلة الجامعية لا يقابل الطالب ما يثبت له فائدة تعلمه للرياضيات، لأن دراسته لها كانت قائمة على الحفظ عن ظهر قلب، مع عدم إمكانية التطبيق وحل المعادلات، ومن ثم عدم القدرة على حل معادلات الفيزياء أو النجاح في استيعاب الهندسة، وفقا لتقرير موقع بيغ ثتك.

وقد قام برنامج تقييم الطلاب الدوليين (PISA) بمحاولة فهم طريقة تدريس الرياضيات في المدارس الأميركية، من خلال تقييمٍ عام 2012 عن كيفية تعامل الطلاب مع جدول الضرب.

وتم تصنيف إجاباتهم في ثلاثة أنماط، فاعتمد معظم الطلاب في الغالب على الحفظ، وحاول آخرون ربط ما تعلموه سابقا بالدروس الجديدة، وأخيرا استخدم بعضهم منهجا للتعلم الذاتي قاموا فيه بالاستعانة بمصادر غير الكتب المدرسية لفهم الرياضيات.

ساندويتش الهندسة

لم تكن النتيجة مفاجئة، فاتضح أن من يحفظون الدروس كانوا الأقل احتمالا لحل المسائل المعتمدة على الفهم والحل المتسلسل.

أظهرت الأبحاث أن الكثير من استطلاعات رأي الطلاب تشير على الأرجح إلى أن معظم فصول الرياضيات بالولايات المتحدة تقلل من قيمة الفهم والمهارة أمام السرعة، فيتنافس الطلاب على السرعة بحفظ الأرقام والجداول، ويتم تقييم مهاراتهم بمدى سرعتهم في إنهاء ورق الامتحان.

كما تقوم معظم المدارس الثانوية الأميركية بتدريس فرع الجبر الأول بالصف التاسع، والهندسة بالصف العاشر، والجبر الثاني بالصف 11. وهو ما يطلق عليه "ساندويتش الهندسة" من قبل جو بولر أستاذ الرياضيات بجامعة ستانفورد الذي يقف وراء حملة كبرى لإعادة صياغة مناهج الرياضيات الأميركية.

وتدرس بلدان أخرى ثلاث سنوات متتالية من الرياضيات المتكاملة (الأول والثاني والثالث) حيث يتم تدريس مفاهيم الجبر والهندسة والإحصاء وعلوم البيانات معا، مما يتيح للطلاب إعمال عقلهم في المسائل المعقدة، وهي الطريقة التي تعتمدها الدول التي تقدمت على أميركا في التقييم.

ما البديل؟

من المحتمل ألا تفاجئ هذه النتائج الكثير من الناس. ففي تقرير مركز بيو للأبحاث لعام 2015، صنف 29% فقط من الأميركيين تعليمهم في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) على أنه أعلى من المتوسط ​​أو الأفضل في العالم.

كما أظهر استطلاع مصاحب لعلماء من أعضاء الجمعية الأميركية لتقدم العلوم أن 16% فقط من طلاب الولايات المتحدة ومناهجهم هي الأفضل عالميا، في حين رأى 46% أنه تعليم أقل من المتوسط.

ويبدو أن الطلاب الأميركيين يعانون فعلا مما يسميه أستاذ الرياضيات والمؤلف جون ألين بولوس بالبعدية، وهي أمية رياضية أقرب إلى عدم القدرة على القراءة أو الكتابة، بسبب أساليب التعليم التي لا توضح كيفية ارتباط الرياضيات بالعالم، وفهم الواقع.

ورغم ذلك مازالت المدارس الأميركية ومناهجها تنافس حول العالم، وليس في الولايات المتحدة فقط، فينتشر نظام الدبلومة الثانوية الأميركية بديلا للثانوية العامة، لتأهيل الطلاب للسفر والتعلم بأميركا ومعظم دول العالم المتقدمة، مع اعتقاد شائع بأنه يسعى لتنمية قدراتهم العقلية، وفي ذلك ينافسه النظام البريطاني بالدبلومة الثانوية في الجودة والانتشار.

لكن في الخمس سنوات الأخيرة بدأت دول أخرى غنية بالإصلاح الفكري والتعليمي في أن يحل محل النظام الأميركي، مثل فنلندا التي تتصدر القوائم، والصين، وسنغافورة، واليابان، وغيرها من الدول التي تصنف بشكل روتيني في المراكز الأولى بالرياضيات والعلوم.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي