المونيتور: لماذا قررت إيران المشاركة في حملة إدلب؟

2020-02-05

ما الذي جاء بالقوات الإيرانية إلى جبهة إدلب؟ يجيب البرفسور حامد رضا عزيزي من جامعة الشهيد بهشتي بمقال نشره موقع “المونيتور” قال فيه إن العملية المتواصلة لقوات النظام السوري في شمال غرب سوريا أدت لإنجازات إستراتيجية لنظام الأسد، ففي 28 كانون الثاني/يناير سيطرت قواته على المدينة الإستراتيجية معرة النعمان، القريبة من إدلب. ونظر إلى العملية بأنها خطوة مهمة للسيطرة على الطريق الذي يربط دمشق مع حلب.

وكما هو الحال في عمليات سابقة للنظام السوري فلم يكن التقدم نحو معرة النعمان ممكنا بدون دعم من الطيران الروسي. لكن ما هو جديد في الوضع الحالي هو وجود قوات إيرانية وميليشيات تدعمها إيران على الجبهة. ونشرت صحيفة “ديلي تلغراف” في 26 كانون الثاني تسريبات لا سلكي بين المقاتلين الأفغان من لواء الفاطميين كشفوا فيها عن وجودهم على الجبهة. وقالت الصحيفة إن عدد الأفغان يتراوح ما بين 400- 800 مقاتل. وفي بداية كانون الثاني /يناير تحدثت تقارير استندت إلى معلومات استخباراتية تركية عن وجود جماعات شيعية تدعمها إيران تم نشرها على جبهة حلب وإدلب. وفي 27 كانون الثاني/يناير انتقد وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو “القوات الروسية والنظام الإيراني وحزب الله ونظام الأسد” لقيامها بهجوم كاسح على إدلب وغرب محافظة حلب.

ورغم دعمها لنظام الاسد إلا أن طهران تجنبت دعمه في الحملات السابقة في شمال- غرب البلاد. وبناء عليه يعتبر قرار إيران دعم قوات الأسد في العملية الأخيرة تطورا مهما. ويبدو أن القرار مرتبط باغتيال الجنرال قاسم سليماني في 3 كانون الثاني /يناير. فتصفية سليماني الذي يعتبر العقل المدبر وراء إستراتيجية إيران الإقليمية أثار تكهنات حول خسارة إيران تأثيرها في سوريا. واحتمال كهذا أثار مخاوف حتى لنظام بشار الأسد نفسه الذي قرر وعلى جناح السرعة إرسال مدير مخابراته علي مملوك إلى طهران للحديث مع المسؤولين للتفاوض بشأن التنسيق في هذه المرحلة. ومن هنا يمكن النظر إلى التدخل الإيراني في إدلب على أنه محاولة لإرسال رسالة لمنافسيها من أن قوتها وتأثيرها في سوريا لم يتغيران، وفي الوقت نفسه طمأنة الأسد من أنه يستطيع التعويل على حماية طهران وطلب المساعدة التي يريدها.

وبدا هذا واضحا من تقرير نشر في وكالة “فارس” للأنباء التابعة للحرس الثوري، في 26 كانون الأول /يناير، أشارت فيه للدور الذي لعبه فيلق القدس الذي كان يقوده سليماني في منع سقوط نظام الأسد. وهذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها وكالة شبه رسمية تقريرا عن دور فيلق القدس في سوريا قبل صعود تنظيم الدولة عام 2013.

وهناك عامل آخر أسهم في تغير الموقف الإيراني من إدلب وهو التغير في أولويات تركيا في سوريا والمنطقة. فمنذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية، كان السبب الرئيسي الوحيد لتردد طهران التدخل في شمال- غرب سوريا، أنها كانت تخشى من خسارة أنقرة كشريك في محاولاتها التحايل على العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها. وعارضت تركيا الحملة السورية في الشمال ودعمت جماعات المعارضة فيها. إلا أن إشارات بدت من الجانب التركي تتعلق بتغير أولوياتها من سوريا إلى ليبيا حيث تم نقل آلاف المقاتلين السوريين من الشمال إلى ليبيا لمساعدة قوات الحكومة الشرعية التي تكافح لرد الحصار الذي فرضه خليفة حفتر عليها.

ولأول مرة التقى حقان فيدان، مدير المخابرات التركية، مع نظيره علي مملوك في 13 كانون الثاني/يناير في موسكو. ونظر للقاء على أنه نقطة بداية للتقارب التركي نحو سوريا. إلا أن المواجهات الأخيرة التي أدت لمقتل 8 جنود أتراك تظهر أن التقارب بين البلدين لا يزال بعيدا. ومع ذلك فالتدخل الإيراني في إدلب مبني على حسابات أن تركيا لم تعد قادرة أو ليست مستعدة للحفاظ على بقاء طويل في المنطقة.

وربما كان الضغط الأمريكي- الإسرائيلي المتزايد على طهران في سوريا سببا في تغير موقفها من المعركة على إدلب. ففي السنوات الماضية كان التمركز الجغرافي الإيراني في سوريا بالمنطقة الواقعة ما بين درعا في جنوب- غرب البلاد إلى دير الزور جنوب- شرق. ولكن زيادة الضربات الإسرائيلية على المصالح الإيرانية في هذه المنطقة بالإضافة للتوتر المتزايد بين طهران وواشنطن في أعقاب اغتيال قاسم سليماني قادت لتغيير الحسابات الإيرانية وطبيعة تشكيلاتها العسكرية في سوريا. فلحرف النظر الأمريكي والإسرائيلي عن المصالح الإيرانية ربما قررت طهران إرسال وحداتها العسكرية بعيدا إلى مناطق مثل إدلب. وبهذه الطريقة تستطيع خلق عقبات أمام الولايات المتحدة وإيران عبر بناء قاعدة تأثير لها داخل إدلب.

ولا يمكن فصل الدور الإيراني الجديد في شمال سوريا عن الخطة الإيرانية التي رسمها سليماني والهادفة لإخراج الأمريكيين من المنطقة. ويتركز الوجود الأمريكي في شرق الفرات، ولهذا السبب تريد إيران إنهاء الحملة على إدلب بسرعة حتى يبدأ النظام الخطوة المقبلة لاستعادة السيطرة على “كل شبر” من البلاد. وفي مؤتمر صحافي قال علي أكبر ولايتي، المستشار البارز لآية الله علي خامنئي، يوم 30 كانون الثاني/يناير: “ستنتقل الحكومة السورية وحلفاؤها من جبهة المقاومة من إدلب إلى شرق الفرات لطرد الأمريكيين”.

وكل هذا يؤشر إلى مدخل إيران الجديد وهو الوجود المتفرق في سوريا والتكيف مع الوضع المتغير بشكل مستمر، ما يجعل المشاركة الإيرانية في معركة إدلب تحولا إستراتيجيا قي الأزمة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي