تعيش ملايين السنين.. "إكسير الحياة" في شجرة جنكو بيلوبا
2020-02-02
فكرت المهدي
تعتبر الشيخوخة مرحلة عمرية طبيعية في حياة أي كائن حي والتي تنتهي بموته مع مرور الوقت.
غير أن دراسة حديثة نشرت في دورية "بي ناس- PNAS" بتاريخ 13 يناير/كانون الثاني من العام الجاري كشفت وجود استثناء يشذ عن هذه القاعدة في شجرة "جنكو بيلوبا" التي تنمو في كل من الصين واليابان، وتعرف أيضا باسم شجرة المعبد أو شجرة كزبرة البئر وتمثل نوعا فريدا من الأحافير الحية.
ففي حين تعيش بعض الأشجار لمدة تتراوح ما بين ألف وثلاثة آلاف عام، وجد العلماء أن هذه الشجرة يمكن أن تعيش عشرات الملايين من السنين، ويرى بعض الباحثين أيضأ أن عمرها الافتراضي لا محدود.
وظائف حيوية يافعة
يعرف عمر الأشجار عن طريق عدد حلقات النمو في جذعها، وقد وجد الباحثون أن شجرة جنكو بيلوبا تطور حلقات نمو ذات ثخانة رقيقة مع مرور السنين، إلا أنها لا تبدي تراجعا يذكر في قدرتها على التمثيل الضوئي، أو إنبات البذور، أو مقاومة الأمراض مقارنة بالأشجار اليافعة.
وعندما تم فحص عينات الأنسجة من تسع أشجار جنكو بيلوبا يتجاوز عمرها ستمئة عام، لم يتمكن فريق الباحثين -من جامعات مختلفة من الصين- من العثور على أي دليل على الشيخوخة أو التدهور في الوظائف الحيوية على الإطلاق.
تطور حلقات نمو ذات ثخانة رقيقة مع مرور السنين
بل على العكس لم تطرأ أية تغييرات ملحوظة على جهازها المناعي، بحيث يمكن القول إن شجرة جنكو بيلوبا التي تقترب من عمر ألف عام تشابه إلى حد كبير شجرة بعمر عشرين عاما.
السر في الكامبيوم الوعائي
وعلى عكس الدراسات السابقة التي ألقت الضوء بشكل أساسي على أوراق "جنكو" ركز الباحثون في دراستهم الجديدة على كامبيوم الشجرة الوعائي، وهو طبقة رقيقة من الأنسجة بالجذع مسؤولة عن إنتاج اللحاء والنسج الخشبية الجديدة.
تحتوي هذه الطبقة على خلايا مرستيمية مولدة، وهي خلايا النسيج الجنيني القابل للتكاثر تشبه الخلايا الجذعية في الحيوانات.
وقد قام الباحثون بفحص نشاط الكامبيوم في كل شجرة من العينات المدروسة ومستويات الهرمون والجينات المرتبطة بمقاومة الأمراض وعوامل الاستنساخ المسؤولة عن موت الخلية، بهدف تحديد التغييرات التي تطرأ على الخلايا الجذعية مع التقدم بالعمر.
وبالفعل لم يجد الباحثون فرقا يُذكر في نشاط الجينات أو مقاومة الأمراض مع تقدم الشجرة بالعمر. وفي الواقع، كان الشيء الوحيد الذي يتغير هو ثخانة حلقات النمو بجذع الشجرة، والتي بدا أنها تقل بشكل حاد خلال المئة أو المئتي عام الأولى من حياة "جنكو" ومن ثم يصبح معدل الانخفاض في ثخانتها أبطأ على مدار مئات السنين التالية.
وبهذا يحتفظ الكامبيوم الوعائي بقدرته على النمو المستمر لمئات أو آلاف السنين مما يجنب "جنكو" أعراض مرحلة الشيخوخة.
لم يجد الباحثون فرقا يذكر في نشاط الجينات أو مقاومة الأمراض مع تقدم تلك الشجرة بالعمر
الموت بفعل عوامل خارجية
كونها تحافظ على شبابها دائما فإن ذلك لا يعني أن جنكو بيلوبا لن تموت أبدا. حيث إنها تموت لكن ليس بفعل الشيخوخة، وإنما يمكن أن يكون نتيجة تأثير عوامل خارجية أخرى كالرياح أو النار أو البرق أو المرض أو الإفراط في قطعها/ احتطابها، وهي العوامل التي أدت لوصول هذه الأنواع إلى حافة الانقراض بالعصر الحديث.
ويرى الباحثون ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث طويلة الأمد حتى يتمكنوا من معرفة المزيد عما يحدث لهذه الشجرة الفريدة على مدار حياتها الطويلة.
