التعليم الأميركي بالدول العربية والولايات المتحدة ما هو الفرق؟

2020-01-26

أرلينغتون - فريدة أحمد - قد تدفع أموالا طائلة حتى يحصل طفلك على تعليم متميز بدلا من التعليم الحكومي بالدول العربية، وربما تدفع المزيد ليحصل على تعليم يضاهي التعليم الأميركي في موطنه الرئيسي والذي يتيح للإبداع مساحة، ويصقل شخصية كل طفل على حدة، ليبرز نقاط قوته وانفراده، لكن هل تحصل حقا على تلك المزايا؟

ميزانية متغيرة

توفر المدارس العامة بالولايات المتحدة تعليما مجانيا من رياض الأطفال حتى الصف 12. وتدير كل مقاطعة في كل ولاية من الولايات الخمسين نظام المدارس العامة الخاص بها.

يأتي الدعم المالي للمدارس العامة من ضرائب كل مقاطعة مضافا إليه نسب بسيطة من حكومات الولايات والحكومة الفيدرالية، وفقا لـ Learning English.

وهو ما يعني غالبا وجود اختلافات بين المدارس في الأحياء الأكثر ثراء وتلك الموجودة بالمناطق الأكثر فقرا التي تفتقر للإمكانيات والموارد الرئيسية، وهو ما يدفع القادرين والطامحين على اختيار المدارس بالأحياء الغنية ذات التقييم المرتفع والسكن بجوارها وإن كلفهم ذلك إيجارات مرتفعة، لتكون لهم الأولوية في إلحاق أبنائهم بتلك المدارس.

مدرسة "أوكريدج" نموذجا

ميزانية المدارس العام في أرلينغتون لعام 2019/2020 تتجاوز 669 مليون دولار بحسب الموقع الرسمي للمدينة.

تقع أرلينغتون في فيرجينيا أحد أهم الولايات التي تضم مقر وزارة الدفاع (البنتاغون) ووكالة الاستخبارات المركزية "CIA" إذ توجد مدرسة Oakridge Elementary School كنموذج للتعليم الأميركي في دولته.

يحكي أولياء الأمور "العرب" عن تجارب أبنائهم داخل تلك المدرسة والفارق بينها وبين المدارس الأميركية بدولهم العربية.

في أرلينغتون تنتهي المرحلة الابتدائية عند الصف الخامس، وفي نفس الولاية بمدينة فيرفاكس تمتد المرحلة الابتدائية حتى الصف السادس وتصل الميزانية إلى ثلاثة مليارات دولار.

الحفاظ على الهوية

عند مدخل أوكريدج الرئيسي تتراص أعلام خمسين دولة تمثل جنسيات الطلاب ومن بينها مصر والسعودية والسودان وإثيوبيا، بجانب العلم الأميركي.

تهتم المدرسة بثقل هويات التلاميذ المختلفة، تتيح لكل وافد كل عام دراسي التحدث والكتابة عن بلده الأصلي، وأكثر ما يحبه هناك، وذكرياته فيها، وتتيح مكتبة المدرسة كتبا مختلفة عن دول التلاميذ وتمكنهم من الاطلاع عليها وقتما شاؤوا.

في أوكريدج لا وجود للطابور المدرسي أو النشيد الوطني، لكن التلاميذ يؤدون تحية العلم داخل الفصل الدراسي كل صباح.

وتشجع المدرسة كغالبية مدارس الولاية رياضة المشي، إذ يسمح باستخدام الحافلة للذين تبعد منازلهم عن المدرسة بأكثر من ميل واحد، لكن من يقطنون بأقل من ميل تقترح "المشي" كرياضة مفيدة، وفي نفس الوقت لا يمكن استخدام الحافلة في مسافة تبعد عن عشرة أميال، إذ تتوافر مدارس بديلة لكل نطاق جغرافي.

لا توجد إجابة خاطئة

تعتمد فلسفة التعليم الأميركي بشكل عام على الأنشطة والاستكشافات العلمية التي يجريها التلاميذ.

وهو أسلوب تعليمي انتقل لغالبية الدول العربية التي تطبق النظام الأميركي، لكنه يختلف من مدرسة لأخرى وفقا لأسلوب الإدارة المتبع.

تشير المصرية مايسة إسماعيل إلى أن نهج المدرسة تفاعلي بامتياز، مضيفة "بجانب حصول التلميذ على منهج دراسي يتماشى مع عمره دون ضغط أو إرهاق، يحصل على حصص مخصصة لتنمية المواهب والتحدث بشكل تعاوني، فمثلا يقوم طلاب الصف الخامس بمساعدة أطفال الصف الثاني والأول على القراءة" مضيفة أن المدرسة تعطي فصولا تحت مسمى "التفكير خارج الصندوق" يساعد الأطفال على حل المشكلات بطرق غير تقليدية.

وتهتم المدرسة بالتعلم من خلال الملاحظة، كما في التجارب العلمية بمادة العلوم، قائلة "تبدأ التجارب العلمية من عمر الحضانة، ولا توجد إجابة خاطئة، يدون كل تلميذ الملاحظات الخاصة به التي شاهدها أثناء التجربة، وتعد كل المشاهدات صحيحة".

وتوضح مايسة أن أسلوب الملاحظة ليس جديدا على طفلها فقد تلقى مثله في مصر بالصف الثاني الابتدائي، لكنها تفسر "كانت المعلمة في مصر تسمع ملاحظات الأطفال، لكن في النهاية تملي عليهم الإجابة الصحيحة الموجودة في الكتابة ودونها يعد خطأ".

وداعا لرعب الواجبات

"لا توجد واجبات مدرسية" شعار ترفعه المدارس الأميركية، إذ تنتهي الدراسة بانتهاء الدوام المدرسي، وما يتبقى من اليوم وقت خاص للطفل، لكنها توصي بالقراءة الحرة يوميا من عشرين إلى ثلاثين دقيقة.

تقول المصرية ميادة عبد الله "ابنتي في الصف الرابع ولا توجد واجبات مدرسية، فلسفة المدرسة تعتمد أن الدراسة داخل جدرانها، وخارجها وقت اللعب والرياضة ومساعدة الأهل بالأعمال المنزلية، وتقترح المدرسة القراءة الحرة لاكتشاف شغفهم الخاص وتنمية قدراتهم".

وتوضح ميادة التي انتقلت خلال أربع سنوات بين ثلاث دول "كنا مقيمين في مصر وهناك التحقت ابنتي بمدرسة أميركية حتى الصف الأول الإبتدائي، تتجاوز مصروفاتها الأساسية تتجاوز 70 ألف جنيه (4.5 آلاف دولار تقريبا) وكانت ابنتي تقضي أربع ساعات متواصلة لإنهاء الواجبات يوميا".

وتابعت "وفي فترة العطلات كانت تحصل على كم هائل من الواجبات، ولم يتغير الأمر كثيرا حين سافرنا إلى دبي والتحقت بمدرسة أميركية هناك حتى الصف الثالث، لكن حجم الواجبات كان أقل، وكانت مصروفاتها 48 ألف درهم، انتقلنا العام الماضي إلى أميركا والتحقت بالمدرسة وتفاجأنا بأنه لا توجد واجبات مدرسية".

تؤكد ميادة أن عدم وجود واجبات لم يظهر أي انخفاض في مستوى ابنتها العلمي، بل العكس فقد لاحظت تطور القدرة المعرفية لها والتفكير الإبداعي.

لا داعي للأسوار

المدرسة مبنى بسيط متعدد الأبواب، ملعبه بلا أسوار، يطل جانبها جانبه غابة كثيفة الأشجار، والجانب الآخر حر بلا قيود، لكن كل هذا تحت إشراف مباشر لمنع خطر حتمي.

تقول اللبنانية سحر "في لبنان مدرسة ابني كان لها باب واحد مغلق بسلسلة حديدية وحارس يجلس أمامه، اشبه بالسجن والسجان، لكن هنا في تلك المدرسة أبواب مفتوحة ومساحة واسعة بلا أسوار أو جدران تتيح للطفل اللعب في الغابة ورؤية فضاء كبير أمامه يحرر عقله وقلبه، وينمو بصحبة موارده الطبيعية حتى يشب حرا وصديقا مخلصا للبيئة".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي