كيف أجبرتُ منصات "فيسبوك وإنستغرام وتويتر" أن تصبح جانباً إيجابياً في حياتي؟

2020-01-25

اختفت صديقة لي مؤخراً عن العالم الرقمي. تخلَّت عن كل مواقع التواصل الاجتماعي. وذكر آخرون أنهم قد يفعلون المثل. لا شك في أنكم قرأتم منشورات مماثلة من أشخاص تعرفونهم (وأشخاص لا تعرفونهم) عن حاجتهم إلى الانفصال عن حياتهم الرقمية.

من ناحية، يمكننا التعاطف مع ذلك القرار. يمكننا تشبيه الوضع الحالي للعالم الحديث بملايين الأصوات التي تصرخ لنيل انتباهك، ومن السهل أن تجد الأصوات الأكثر سلبية طريقها إليك لتصيبك بالإحباط. قد يكون ذلك مرهقاً، وإذا كنت تعاني في حياتك الواقعية، سيكون تأثير هذا المناخ الرقمي السلبي الكئيب عليك ساحقاً.

ولكن لا يجب أن يكون الأمر على هذا النحو. من خلال بعض الجهود الواعية، أجبرت المنصات الاجتماعية الثلاث الكبرى على أن تصبح جانباً إيجابياً في حياتي، أو تحييدها على أقل تقدير. يتمحور جزء من ذلك حول مدى روعة أصدقائي، إلا أن الجزء الأكبر يعود إلى معرفة كيفية جعل تلك الخدمات تعمل لصالحك بطريقة مفيدة، ولا تسحبك إلى قاع لا قرار له من المحتوى الضار والمؤذي. يمكنك استخدام التطبيقات والمكونات الإضافية في المتصفح أو حتى تعطيل الإشعارات، لكنني سأقدم لكم خطوات مفيدة يمكنكم اتباعها في تطبيقات كل منصة على حدة.

فيسبوك

فيسبوك عملاق وسائل التواصل الاجتماعي بأكثر من 1.5 مليون مستخدم نشط يومياً، يمكننا المراهنة بسهولة على أن كل قارئ لديه حساب بالفعل، أو على الأقل كان لديه حساب على المنصة في مرحلة ما. المنصة التي بدأت بمثابة وسيلة بريئة لمشاركة الصور مع الأصدقاء أصبحت شيئاً مغايراً تماماً.

ولأن فيسبوك أصبح جزءاً لا يتجزأ من الوجود العصري للفرد، أصبحت سلوكيات استخدامه جزءاً من الأعراف الاجتماعية. سوف تجد مزاحاً بشأن «إلغاء صداقة» شخص ما، والسخرية من التداعيات السياسية والاجتماعية التي أعقبت ذلك، في كل مكان على المنصة. كما يعتبر حظر الأشخاص على نفس المستوى من الحدة والأهمية، إذ يمنع الأشخاص من رؤية منشوراتك أو التفاعل معها. وفي بعض المواقف، قد يكون ذلك المسار مفيداً. إلا أن أسهل طريقة لجعل منصة فيسبوك بيئة ملائمة للوجود الإنساني حتى الآن هي الخيار المتخفي: إلغاء المتابعة.

على سبيل المثال، جوناثان بوربريدج (43 عاماً) أوشك مؤخراً على التوقف تماماً عن استخدام فيسبوك. وكان سببه، في رأيي، منطقياً جداً: «يصرّ فيسبوك على أن يعرض لي كل جدال يخوضه أحد أصدقائي مع أقاربهم العنصريين الذين لم ألتقِ بهم في حياتي قط». وبالرغم من تحديث فيسبوك خوارزمياته كثيراً في الآونة الأخيرة، لا تزال المنصة تعتقد أنك قد تكون مهتماً بما قد يقوله أصدقاؤك. لذا إذا دخل أي من أصدقائك في جدال مع أي شخص غريب بالنسبة لك، سترى ذلك.

فكان الحل بالنسبة لجوناثان هو إلغاء متابعة الجميع. إذا ألغيت متابعة شخص ما، لن ترى منشوراته أو محادثاته. سوف تظلان صديقان وسوف يتمكن من رؤية منشوراتك، ولكن لن ترى تعليقاته على منشورات الغرباء. ولكن لن يظهر لك أي شيء تقريباً إذا ألغيت متابعة الجميع. لذا، يمكنك اختيار النقر لترى ما ينشره أصدقاؤك. وسوف ترى أيضاً المنشورات من أي مجموعة تتابعها، أو تفترض أنك لا تزال تتابعها. وعاد جوناثان لمتابعة عدد قليل من الأشخاص، الذين يعتقد أنهم لا يتجادلون على الإنترنت.

لا تحتاج بالتأكيد إلى أن تكون مثل جوناثان، ولكن نهج إلغاء المتابعة الصحي قد يكون له مفعول السحر. هل لديك صديق لا ينشر إلا محتوى سلبياً؟ أو صديق يكتب تعليقات مُخِلَّة؟ اذهب إلى صفحات هؤلاء الأصدقاء، وانقر على إلغاء المتابعة. سوف تصبح المنصة بالنسبة لك أهدأ وأمتع.

إنستغرام

أحب إنستغرام. بالنسبة لي، ما يظهر لي على إنستغرام يتمثل في 60% صور كلاب، و30% صور سفر ورحلات، و10% صور ينشرها أصدقائي. ودائماً ما يكون جزء إيجابي من حياتي الرقمية. أحد الحسابات التي أتابعها لا ينشر إلا صوراً مقرَّبة لأنوف الكلاب. كيف لا تبتسم إذا ظهر شيء مثل ذلك أمامك؟

يسهل جعل منصة إنستغرام أمتع بكثير مقارنة بفيسبوك وتويتر: يمكنك فحسب عدم متابعة الحسابات أو الوسوم التي لا تعجبك. إذا كان هناك شخص لا ينشر إلى صور رحلاته الرائعة، والتي تدفعك إلى الشعور بالإحباط، توقف عن متابعته. يمكنك كذلك وضع قيود على من يرون منشوراتك للحد من عدد من يعلقون على منشوراتك، وكذلك إخفاء منشورات الأشخاص الآخرين إذا أردت ذلك، مثل عدم متابعة حسابات أصدقائك على فيسبوك.

الاستثناء في هذه المنصة هو شريط البحث، الذي يعرض صوراً عشوائية من حسابات عشوائية. سمعت أشخاصاً يشتكون من أن إنستغرام لا يعرض إلا حسابات الأشخاص المؤثرين أصحاب العدد الكبير من المتابعين بالإضافة إلى نصائح التجميل السيئة في صفحة البحث. ولكن هل تعلمون ما يظهر لي؟ 60% صور كلاب، و30% صور سفر ورحلات، و10% صور أخرى. صفحة البحث لا تعرض صوراً عشوائية على الإطلاق، إنستغرام يعرف اهتماماتك، وما الصور التي تنقر عليها أكثر من أي محتوى آخر. واصل النقر على نوع معين من المحتوى وسوف تفترض منصة إنستغرام أنك تريد رؤية هذا المحتوى.

لذا، إذا كان إنستغرام يعرض لك صوراً لا تحب رؤيتها، لا تنقر على صور هذا المحتوى، وانقر على شيء آخر. لن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لتعتاد المنصة على اهتماماتك. إذا أردت التخلص مما لا يعجبك بشكل أسرع، يمكنك جعل التطبيق يعرض قدراً قليلاً من هذا المحتوى. أو يمكنك تجاوز صفحة البحث بالكامل وتتابع فقط الحسابات التي تهتم بالمحتوى الذي تنشره، بافتراض أنك قلصت قائمة المتابعة إلى الحسابات التي تُدخل عليك البهجة فعلاً.

تويتر

على عكس إنستغرام، وفيسبوك بشكل عام، من الصعب تحويل تويتر إلى منصة إيجابية. من الصعب جداً تجنب ما لا تريد رؤيته. قد تتابع كاتباً تحب حوالي 99% مما يكتبه، ثم فجأة يكتب عن كائنات الأورك (المسوخ القاسية الوحشية المتعطشة للدماء).

ولكن على الجانب الآخر، هناك الكثير من الحسابات المرحة. هناك حساب لا ينشر سوى أمور عشوائية رائعة ومفيدة وهو رائع جداً. لذا من الممكن أن تجعل تويتر إيجابياً، ولكنك ستبذل جهداً أكبر مما تبذله على المنصتين الأخريين.

في البداية، تنطبق قاعدة إلغاء المتابعة هنا كما في فيسبوك وإنستغرام. ويمكنك كذلك إخفاء وحظر الحسابات. وسوف يخلّصك ذلك من معظم المستخدمين أصحاب المحتوى السلبي. ويمكنك كذلك استخدام خاصية إخفاء الكلمات. إنها مضيّعة للوقت بعض الشيء في الإعداد، ولكنها تتيح لك تنقيح كل ما يحبطك بانتظام. إنها عملية يدوية وليست آلية، وهي للأسف أيضاً ليست مثالية. يمكنك مثلاً إخفاء كل المنشورات التي تحتوي على كلمة «أورك»، ولكن إذا كتب شخص ما «اقرأ هذا المقال» وكان عنوان المقال «الأورك أفضل من الأقزام»، فسوف تراه. وإذا كان هناك حساب معين دائماً ما يعيد تغريد محتوى لا يروق لك، ولكن تعجبك تغريداته الأصلية، يمكنك أيضاً إيقاف عرض إعادة التغريدات بناءً على كل حساب.

يمكنك كذلك تمكين مرشح الجودة وغيره من المرشحات الأخرى لمنع الردود من الحسابات التي لا تمتلك إلا عدداً قليلاً من المتابعين، والحسابات الجديدة، وغيرها.

ولجعل تويتر منصة ممتعة ومريحة بقدر الإمكان، يمكنك إلغاء متابعة أي شخص بمجرد الاشتباه في أنه ينشر محتوى سلبياً بالنسبة لك، ولا تتابع إلا الحسابات التي تنشر ما يترك لديك انطباعاً إيجابياً.

العالم الواقعي

النصائح السابقة تتناول كيف تجعل تلك الخدمات الرقمية تُظهر لك ما تريد رؤيته فعلياً. ولكن ماذا عن العالم الواقعي؟ هذا بالتأكيد عالم مختلف تماماً.

آمي ليو (22 عاماً) شعرت بأنها ترتدي قناعاً مزيفاً لشخصيتها الرقمية، وكان ذلك أحد أسباب توقفها عن استخدام منصات التواصل الاجتماعي. وتقول: «شعرت أنني أبدو مزيفة جداً ولا أكون على حقيقتي، خاصة على إنستغرام حيث لا يمكن لحياتك إلا أن تكون مثالية بلا عيوب ولا زلل، حيث يمكن اختزال كل شيء في صورة جميلة».

يمكنني فهم ذلك تماماً. إنني أسافر على مدار نصف العام تقريباً، وأنشر الكثير من الصور على إنستغرام لمختلف الأماكن. إنها صور عامة، ولكنها أيضاً لأصدقائي. نادراً، حتى على حسابي الخاص على فيسبوك، ما أنشر أي تجارب سلبية. عندما كنت أفعل ذلك سابقاً، كانت تصلني تعليقات مثل «أنت تسافر وكل شيء مثالي بالنسبة لك، كُفّ عن الشكوى»، وهذا غير منصف أبداً وغير حقيقي. لقد توقفت عن كتابة مثل تلك المنشورات، وهو ما يعد تحدياً صعباً عندما لا تكون أمورك على ما يرام، ولكنني تعلمت أن منصات التواصل الاجتماعي ليست أفضل مكان تحصل فيه على الدعم والمساندة.

نصيحتي هي: لا تنشروا أي شيء لا تريدون نشره. لست مضطراً لنشر أي شيء على الإطلاق. بالتأكيد مشاركة حياتك رقمياً لها متعة ولذة، ولكن ما تشاركه ومقدار ما تشاركه يعود إليك بالكامل. على الأرجح لن يلاحظ أحد إن لم تنشر شيئاً لمدة أسبوع أو أكثر، خاصة إذا ظللت نشطاً وتشارك بالتعليقات على منشورات الآخرين (إذا رغبت في ذلك).

ماذا عن صديقتي التي اختفت من الحياة الرقمية؟ لا تزال مختفية. وجعلني ذلك حزيناً، إذ لا يمكنني أن أعرف ما الجديد في حياتها بانتظام. ولكننا لا نزال نتحدث كل بضعة أسابيع لتبادل الأخبار. بالنسبة لها، كانت هذه الخطوة إيجابية تماماً. وهي لا تعرف إن كانت سوف تعود إلى الحياة الرقمية، ولكنها تدرك أنه خيار مطروح إذا أرادت ذلك.

حقيقة إمكانية استعادة وتفعيل حساباتك مجدداً تجعل من اتخاذ مثل هذا القرار أسهل. أو حتى يمكنك إنشاء حساب جديد، بمجموعة منتقاة ومحددة جداً من الأصدقاء. ربما بعد الابتعاد لفترة، سوف تكون لديك فكرة أفضل عمّا يفوتك وما قد تريده فعلاً من تلك الخدمات، وضبط إعداداتها لتعرض لك ما تريد رؤيته فقط.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي