نيويورك تايمز: سليماني قتل بعد وصوله بغداد قادما من سوريا

2020-01-03

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا لمراسيلها ديفيد كرولي وفالح حسن وإريك شميدت، عن الغارة الأمريكية التي قتلت قائد فيلق القدس قاسم سليماني قرب مطار بغداد ليلة الخميس. وأمر الرئيس دونالد ترامب بقتل المسؤول الأمني والعسكري حيث أطلقت طائرة مسيرة من طراز “إم كيو- 9 ريبر” صواريخ على موكب كان يحمل سليماني وقائد ميليشيا كتائب حزب الله أبو مهدي المهندس.

وعلى مدى العقدين الماضيين كان سليماني مهندس كل عملية تمدد إيراني في الشرق الأوسط. وقالت الصحيفة إن الغارة الأمريكية تعد تصعيدا من ترامب والمواجهة المتزايدة مع طهران والتي بدأت بمقتل متعهد أمريكي في العراق الشهر الماضي.

وأشارت الصحيفة لتصريحات المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي والتي قال فيها إن “رحيله لن ينهي طريقه ومهمته” وتعهد بالانتقام من القتلة والمجرمين الملوثة أيديهم بدمائه. وتحضر الولايات المتحدة نفسها لحرب إلكترونية أو إرهابية ضد مصالحها والدول الحليفة لها، فيما تحضر إسرائيل نفسها لهجمات جديدة، حيث أغلقت مناطق سياحية مثل منتجع التزلج في جبل الشيخ.

ومنذ بداية الحرب الأهلية السورية، لعب سليماني دورا مهما في حماية رئيس النظام السوري بشار الأسد، وعمل على جمع عدة ميليشيات محلية وقوى إقليمية بما فيها روسيا لتوفير الدعم للنظام السوري. لكنها لم تكن الجبهة التي عمل عليها سليماني، حيث يتهمه الأمريكيون بقتل مئات الأمريكيين أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وأنه هو الذي قام بتدبير نشاطات مثيرة للفوضى في المنطقة استهدفت الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية، وهو ما ورد في بيان البنتاغون، حيث قال إن سليماني كان يخطط وبنشاط للقيام بهجمات ضد الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين.

ولم يوضح البنتاغون المعلومات التي قادته لتحديد وملاحقة وقتل سليماني. وبدأت العملية بعد مقتل المتعهد الأمريكي في 27 كانون الأول/ ديسمبر، حسبما قال مسؤول أمريكي. وبقتل سليماني اتخذ ترامب القرار الذي شجب كلا من سلفيه جورج دبليو بوش وباراك أوباما خشية أن تقود هذه إلى مواجهة مع إيران.

  الأمريكيون يتهمون سليماني بقتل مئات الأمريكيين أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003

وفي الوقت الذي برر فيه عدد من النواب الجمهوريين قرار اغتيال سليماني، إلا أن نقاد سياسة الإدارة الإيرانية اعتبروا الهجوم متهورا وتصعيدا من جانب واحد قد يؤدي إلى تداعيات غير محسوبة سيتردد صداها بعنف في كل الشرق الأوسط.

وقال السناتور الديمقراطي عن كونكتيكت كريستوفر ميرفي: “كان سليماني عدوا للولايات المتحدة ولا جدال في هذا” و”السؤال وكما تقول التقارير إن أمريكا قامت باغتياله بدون تفويض من الكونغرس وقتل ثاني أكبر مؤثر في إيران يشكل فتح الباب أمام حرب إقليمية واسعة” فيما حمّل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمريكا تداعيات العملية المارقة والإرهابية، بحسب وصغه.

وكان ترامب بعد اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد قد حمّل إيران المسؤولية، وقال من منتجعه في “مار- إي- لاغو” بفلوريدا: “لا أعتقد أنها فكرة جيدة لإيران ولن يطول الوقت” وردا على سؤال عن الحرب، قال: “هل أريدها؟ لا.. أريد السلام وأنا أحب السلام”. وعادة ما يبدو ترامب متحفظا في مواقف كهذه، لكنه كان فرحا بالأخبار عن مقتل سليماني، ووضع صورة العلم الأمريكي على تغريدة من تغريداته. ورد مستخدمو “تويتر” الإيرانيون بوضع صور للعلم الإيراني مرفقة بردود انتقامية.

وجاء الهجوم بعد تحذير من وزير الدفاع مارك إسبر يوم الخميس تحدث فيه عن تغيير قواعد اللعبة. وقال البنتاغون إن الهجوم كان يهدف لمنع هجمات إيرانية في المستقبل. وقال الصقور في واشنطن إن العملية تعتبر ضربة قوية للقيادة الإيرانية.

وعلّق مارك دوبوفيتز المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية: “هذا مدمر للحرس الثوري الإيراني والنظام وطموحات خامنئي الإقليمية” وأضاف: “لـ23 عاما فقد كان بمثابة رئيس هيئة الأركان المشتركة ومدير سي أي إيه، ووزير الخارجية الحقيقي” و”شخص لا يمكن تعويضه” للمؤسسة العسكرية الإيرانية.

ولهذه الأسباب توقع المحللون الإقليميون أن ترد إيران بقوة وكثافة. ويرى روبرت مالي، مدير مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل: “من المنظور الإيراني فمن الصعب تخيل فعل مستفز ومقصود مثل هذا” و”من الصعب تخيل ألا ترد إيران بطريقة عدوانية وعالية” و”سواء كان يقصده ترامب أم لا فهو بمثابة إعلان للحرب”.

وهناك من قدم تقييما أقل شدة، حيث قالوا إن العملية قد تردع إيران عن القيام بأعمال جديدة، وأن تصرفاتها باتت خطيرة وثمن التصعيد بات مكلفا. وقال مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية، إن الرئيس ترامب أعطى عددا من الإشارات لإيران كي تواصل أعمالها، منها قراره بوقف الهجوم الذي كان في طريق التنفيذ، بعدما أسقطت إيران طائرة أمريكية مسيرة في الخليج الصيف الماضي.

  غارة ليلة الخميس قامت بناء على معلومات سرية من عملاء وتنصت إلكتروني وطائرة استطلاع وعمليات رقابة أخرى.

وتقول الصحيفة إن متابعة أثر سليماني كانت أولوية للإدارة وأجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية. ويقول المسؤولون الأمريكيون الحاليون والسابقون إن غارة ليلة الخميس قامت بناء على معلومات سرية من عملاء وتنصت إلكتروني وطائرة استطلاع وعمليات رقابة أخرى.
وقتل مع سليماني أبو مهدي المهندس زعيم كتائب حزب الله، ومدير العلاقات العامة في الحشد الشعبي محمد رضا جابري. وقال المسؤولون إن الصواريخ التي ضربت قافلة سليماني تم تنسيقها من قيادة العمليات المشتركة.

وقال المسؤولون العسكريون إنهم يعرفون من إمكانية رد عنيف من إيران وجماعاتها ويتخذون الخطوات لحماية الأمريكيين في الشرق الأوسط.

ونقلت الصحيفة عن جنرال عراقي قوله إن مدير العلاقات في الحشد الشعبي والجنرال سليماني وصلا إلى مطار بغداد الدولي من سوريا. وانتظرتهما سيارتان أمام سلم الطائرة ونقلتهما على حال السرعة حيث كان المهندس في واحدة منهما، وعند مغادرة السيارتين المطار تم ضربهما بالصواريخ.

ويأتي الهجوم بعد أيام من قصف الطائرات الأمريكية موقعا تابعا لكتائب حزب الله قرب الحدود العراقية-السورية، ردا على مقتل متعهد أمريكي في قاعدة عسكرية قرب كركوك. وردت الميليشيات على الغارات الأمريكية بالزحف نحو السفارة الأمريكية في بغداد وحاصرتها مع أن أيا من طاقمها لم يصب بأذى.

واتهم البنتاغون سليماني بالوقوف وراء حصار السفارة. وزادت هجمات الميليشيات الشيعية على الأمريكيين منذ شهور، ونشر البنتاغون حوالي 14 ألف جندي بالمنطقة منذ أيار الماضي.

واتهم إسبر يوم الخميس الحكومة العراقية بأنها لا تعمل ما يكفي لوقف الهجمات، ودعاها لطرد الإيرانيين ووقف تأثيرهم على الحكومة.

وتقول الصحيفة إن سليماني لم يكن مسؤولا عن التنسيق وجمع المعلومات الأمنية، بل كان داهية وشخصية مقربة من المرشد الأعلى الإيراني، ويحضر لتولي منصب مهم في البلاد. ووصف سليماني نفسه لمسؤول أمني عراقي أنه “السلطة الإيرانية الوحيدة للعمل في العراق”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي