'طائر الحسون' الصورة السينمائية الباهتة لرواية دونا تارت

2019-12-30

بطلة الرواية السيدة باربورجواهر رفايعة

 

فكرة تحويل الروايات التي حظيت بشهرة وانتشار واسعين وتناولات نقدية كثيرة، إلى أفلام سينمائية، تبدو مثيرة ومربحة في نفس الوقت لشركات الإنتاج السينمائي، ولعل من الأسباب التي تجعل المنتجين يلجأون إلى تحويل نصوص الروايات إلى سيناريو بقصد إنتاجه سينمائيا، يعود إلى رغبة المنتجين في استقطاب جمهور جديد من المثقفين والكتاب والمعنيين من نقاد ومن محبي القراءة الذين يرغبون برؤية التجسيد الفني لشخصيات أحبوها في رواية ما.
لكن الأمر يفشل أحيانا مع صناع السينما، ولا يحقق الفيلم المقتبس نفس النجاح الذي لاقته الرواية، وأحدث مثال على تفوق العمل على صورته المرئية هو فيلم "طائر الحسون" (غلولدفينش) الذي صدر في سبتمبر/أيلول الماضي، اعتمادا على رواية تحمل نفس الاسم صدرت في العام 2013 للكاتبة الأميركية الشهيرة دونا تارت، ووصف الفيلم على موقع "روتن تومايتوز" الخاص بتقييم النقاد بأنه أسوأ تجسيد سينمائي لرواية أدبية منذ عقود، ومنحه النقاد تقييما منخفضا وصل إلى 24%.
الفيلم الذي تتولى بطولته النجمة الأميركية نيكول كيدمان خرج إلى الشاشات تزامنا مع الذكرى الثامنة عشرة للهجمات الإرهابية التي شهدتها الولايات المتحدة في سبتمبر عام 2001.

رواية دونا تارت لاقت صدى نقديا واسعا وإيجابيا
تدور أحداث الفيلم الذي أخرجه جون كراولي في إطار قصة خيالية تاريخية تستند إلى تفجيرات 11 سبتمبر، حيث يروي قصة الفيلم طفل يدعى ثيو يبلغ من العمر 13 عاما والذي تتوفى والدته في حادث إرهابي، في تفجير متحف متروبوليتان للفنون في مدينة نيويورك.
هذا الفيلم يقتبس أحداثه من الرواية الثالثة للكاتبة دونا تارت، وأول عمل جديد لها بعد غياب 11 عاما، وفازت بها بجائزة "بوليتزر" للقصص الخيالية وغير الواقعية في عام 2014، وترشحت بها لأكثر من جائزة أخرى، وهي تعتمد في موضوعها على لوحة تشكيلية معروضة في المتحف بعنوان "طائر الحسون" للفنّان الهولندي كارل فابريتسيوس قبل 350 عاما،
والتي يتم إخفاؤها في خضم انشغال الناس والشرطة بالتفجير.
تحكي الرواية التي تحولت إلى هذا الفيلم قصة المراهق ثيو الذي يرافق والدته إلى المتحف، وأثناء تجوالهما في قاعاته يتوقفان أمام لوحة الطائر الصغير حتى يتأملان تفاصيلها، لكن تأملهما لا يطول حيث يحدث تفجير إرهابي يروح ضحيته عشرة أشخاص من ضمنهم والدة ثيو.
يأخذ ثيو اللوحة معه ويبقى طيلة أحداث الرواية يتذكر لحظة الانفجار، ويدرك أن حياته ارتبطت باللوحة، وتعلق بها لدرجة أنه أصبح من الصعب عليه إعادتها إلى المتحف.

تجسد كيدمان في الفيلم دور السيدة باربور، المرأة الغنية التي تتبنى الطفل ثيو بعد وفاة والدته، وتبدو صاحبة الأوسكار في فيلم "طائر الحسون" بملامح متقدمة في العمر للغاية، وربما يصعب التعرف عليها للوهلة الأولى ما يذكر بإطلالتها الماضية في فيلم "المدمر" الذي خضعت بسببه لتغيير شامل في شكلها خلال تجسيدها دور محققة شرطة لها تاريخ مؤلم ويبدو عليها التعب والإرهاق.
يشارك في بطولة الفيلم عدد من نجوم هوليوود أبرزهم فين وولفهارد وسارة بولسون وجيفري رايت ولوك ويلسون ودينيس أوهاري، وغيرهم.

فيلم 'طائر الحسون'

وعلى الرغم من أن الفيلم يجمع نجوما كبارا ويستند إلى رواية لاقت تقييما نقديا عاليا وصدى جماهيريا وأدبيا واسعا، إلا أن الفيلم أخفق في نقل الثيمة الرئيسية في الرواية وهي الفكرة التي تجعل الفن فنا، والتأثير الذي تركته لوحة عمرها أكثر من 300 عام في نفسية طفل صغير.

مشاركة نيكول كيدمان لم تُنجح الفيلم
ولم يستطع النص السينمائي أن يترجم بالصورة مثلا ما قاله ثيو في الرواية "بين الواقع والنقطة التي يتلامس فيها مع العقل، ثمة منطقة وسطى.. حافة قوس قزح حيث يمتزج سطحان مختلفان جدا وتضيع الحدود بينهما ليوفرا ما لا توفره الحياة. هذا هو الفضاء الذي يولد فيه الجمال وتوجد فيه كل الفنون".
الفيلم برأيي افتقر إلى المحيط الغني بالألوان المرتبطة بالإحساس بالفنون، الذي كان أبطال الرواية يتحركون داخله، ويرجع ذلك إلى قدرة الكلمة المكتوبة وموهبتها في إعطاء المشاهد الحرية في التخيل والتصور وخلق عوالم في الذهن، غير مؤطرة بصورة معدة مسبقا.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي