في مباحثات نتنياهو-بومبيو: كيف يبدو الحديث عن ضم الغور لعباً بالنار؟

2019-12-13

قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه في لقائه الأسبوع الماضي في البرتغال تباحث مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حول التهديد الإيراني وإمكانية ضم غور الأردن لإسرائيل. سارع مساعد وزير الخارجية إلى النفي، وقال إنه لم يجرِ أي بحث في موضوع الغور. يبدو أن أحداً منهم لا يكذب.

في الصف الطويل من النقاط التي أعدت لنتنياهو قبيل الحديث مع بومبيو، كانت، أغلب الظن، مسألة مستقبل غور الأردن أيضاً، فيما أن رئيس الوزراء لم يطرحها كي يتلقى جواباً، بل كي يبلغ عن أن الموضوع مطروح على جدول الأعمال. ذعر مساعد الوزير من أن الأمر يبدو وكأن الولايات المتحدة تعطي إذناً لمس فظ باتفاقات دولة هي ذاتها وقعت عليها كشاهد، فسارع إلى النفي بأن الموضوع بحث.

ولكن هذا ليس مهماً إن كان الموضوع قد ذكر خلال الحديث أو جرى بحثه فحسب، المهم هو أن أمريكا ترامب أيضاً لا تسارع إلى الدخول إلى فخ ضم مناطق من المنطقة ج، تشكل جزءاً مستقبلياً من السلطة الفلسطينية، التي يسكنها الفلسطينيون تحت مسؤولية السلطة الفلسطينية ويعيشون وفقاً لقوانينها.

تطرح فكرة ضم ثلث الضفة الغربية بين الحين والآخر، ولا سيما عشية الانتخابات، وتسقط بعدها. من الصعب أن نعرف إذا كانت تثير انفعال الناخبين، وليس واضحاً إذا كانت تفرح الإسرائيليين الذين يعيشون في الغور. أتذكر جيداً الوفد الذي جاء إليّ فور التوقيع على اتفاق أوسلو، وبينهم مزارعون من الغور، ملح البلاد، ممن جاؤوا إلى الغور في السنوات الأولى بعد احتلال الضفة. قالوا لي إن حقيقة توقيع الاتفاق وصولاً إلى اتفاق دائم بعد خمس سنوات من ذلك، تضعهم في وضع مربك جداً: الظروف صعبة، والمسافة عن مركز البلاد واسعة، وأولادهم يغادرون الغور بعد الخدمة العسكرية، وبيع المنازل يكاد يكون متعذراً، ولا سيما بعد أن باتت الريح تهب في اتجاه الاتفاق، وفي هذا الاتفاق سيصبح الغور، أغلب الظن، جزءاً من الدولة الفلسطينية.

لم يكن طلبهم الوحيد ضم الغور لإسرائيل، بل منحهم الاستقرار، وربما السماح لهم، منذ الآن، بأن يطلعوا على ما ينتظرهم. طلب معظمهم استباق الأمر وتلقي التعويض كي لا “يبقوا في الهواء”. كان من الصعب ألا نتفهم قلوبهم. تحدثت عن ذلك طويلاً مع رئيس الوزراء إسحق رابين، وقال لي إنه غير مستعد لأن يبحث مع المستوطنين عن التعويض طالما لم تتقرر حدود دائمة.

بعد أن تسلم رئيس الوزراء نتنياهو مهام منصبه في المرة الثانية، وبعد أن ألقى خطاب بار ايلان حول استعداده للاعتراف بحل الدولتين، قال إنه سيصر في إطار الاتفاق الدائم على أن يقف الجيش الإسرائيلي على نهر الأردن على مدى أربعين سنة. لم يتحدث عن الضم بل فقط عن وجود عسكري. أفترض بأنه فهم جيداً بأن طلباً إسرائيلياً لضم أرض كبرى بهذا القدر من الضفة في إطار الاتفاق سيمنع ضم مناطق أقرب إلى الخط الأخضر وأهم لإسرائيل، وإنه في أثناء عشرات السنين التي مرت منذ طرح مشروع يغئال الون على جدول الأعمال، وقع أمران أساسيان: السلام مع الأردن أبعد الحدود مع أعدائنا حتى حدود الأردن – العراق، واخترعت تجديدات تكنولوجية تسمح بالحصول على معلومات استخبارية وإخطار أصحاب القرار في الزمن الحقيقي. يمكن لإسرائيل أن تدافع عن نفسها من دون ضم الغور، بينما مطلب الضم هو نوع من الأمور التي يطرحها من لا يريد الوصول إلى تسوية سياسية مع الفلسطينيين بل “إدارة النزاع”.

أما الولايات المتحدة، بما فيها التي بإدارة ترامب، فلن تدخل إلى فخ من شأنه أن يضع اتفاقات السلام الإسرائيلية مع الأردن ومصر في خطر، ناهيك عن الرد الفلسطيني الذي سيضع حداً للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وسواء بحث نتنياهو مع بومبيو في هذه المسألة أم لا، فالحديث يدور عن لعب بالنار محظور اللعب به.

 

بقلم: يوسي بيلين

إسرائيل اليوم 13/12/2019







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي