نيويورك تايمز: تريليوني دولار في أفغانستان.. طالبان قوية وحشيش أكثر وجيش ضعيف

2019-12-10

ماذا حصلت أمريكا من تريليوني دولار أنفقتها على حرب أفغانستان؟

تجيب صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير أعدته سارة مختار ورود نولاند: “لا شيء” ولا يوجد هناك إلا القليل ليكشف عن جدوى النفقات الهائلة خلال 18 عاما من الحرب في هذا البلد. فحركة طالبان تسيطر على معظم البلاد ولا تزال أفغانستان واحدا من أكبر المصادر للاجئين والمهاجرين في العالم. وقتل فيها أكثر من 2.800 جندي أمريكي وأكثر من 38.000 مدني أفغاني.

ومع ذلك فقد تحسنت الحياة في مدن البلاد تحديدا حيث توفرت الفرص للتعليم ودخلت الفتيات المدارس وتم بناء المؤسسات الديمقراطية والتي تظل في معظمها غير قوية. وبناء على تقييمات مشروع كلفة الحرب بجامعة براون، قامت الصحيفة بتقييم ما أنفقته الولايات المتحدة على الحرب في أفغانستان وفيما إن حققت النفقات أهدافها أم لا. واستنفدت الجهود الحربية 1.5 تريليون دولار ولكن طالبان لا تزال تسيطر على معظم البلاد، فهي موجودة في مناطق من قندهار وغزني ومزار شريف.

فعندما أعلن جورج دبليو بوش عن العمل العسكري في أفغانستان بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 التي نفذتها القاعدة على التراب الأمريكي، قال إن الهدف هو تشويش العمليات الإرهابية واستهداف طالبان. ولكن الحركة وبعد 18 عاما تبدو قوية، ولا تزال تستهدف قوات الأمن الأفغانية -وقتلت مئتين منهم في أسبوع- وهزمت قوات الحكومة الأفغانية في كل معركة دارت بينهما تقريبا إلا في حالة حصول هذه القوات على الدعم الجوي. ورغم نقل قيادة القاعدة إلى باكستان إلا أن التنظيم واصل حضوره في أفغانستان ووسع فروعه في اليمن وشمال أفريقيا والصومال وسوريا.

ولا تعرف الطريقة التي أنفقت فيها ميزانية 1.5 تريليون دولار ولكن الأوراق التي كشفت عنها وزارة الدفاع عن نفقات ثلاث سنوات سابقة تقدم تفاصيل عن ملامح الإنفاق: 60% منها خصصت للتدريب والوقود والعربات المصفحة والمنشآت. وأنفقت نسبة 8% أو 3 – 4 مليارات دولار منها على النقل الجوي والبحري.

وفي تقرير لمكتب المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان نشر العام الماضي، وصف جهود مكافحة المخدرات بالفاشلة، فرغم النفقات الهائلة -10 مليارات دولار- لمكافحة زراعة الخشخاش، إلا أن أفغانستان توفر نسبة 80% من الأفيون غير الشرعي في العالم. وقبل الحرب كادت أفغانستان أن تقضي على زراعة الأفيون كما أظهرت بيانات الأمم المتحدة من عام 1996 إلى عام 2001 أي الفترة التي حكمت فيها طالبان. وتحولت زراعة الأفيون اليوم إلى مصدر دخل وأعمال وتوفر الموارد المالية لحركة طالبان، وتعتبر زراعة الأفيون من أوسع النشاطات الاقتصادية في البلاد.

  لا تعرف الطريقة التي أنفقت فيها ميزانية 1.5 تريليون دولار ولكن الأوراق التي كشفت عنها وزارة الدفاع عن نفقات ثلاث سنوات سابقة تقدم تفاصيل عن ملامح الإنفاق

وبعد ثمانية عشر عاما و87 مليار دولار أنفقتها الولايات المتحدة على تدريب الجيش الأفغاني، لا تزال هذه المؤسسة غير قادرة على حماية نفسها، فقد كان جزءا من الأهداف الأمريكية الكبرى في أفغانستان هو تدريب آلاف من القوات الأمريكية. وذهبت معظم النفقات على إعادة الإعمار لتمويل ودعم الجيش وقوات الشرطة الأفغانية وتزويدهما بالمعدات والتدريب والتمويل. لكن لا أحد في أفغانستان، لا الجيش الأمريكي أو الرئيس أشرف غني، يعتقدون أن الجيش الوطني قادر على الدفاع عن نفسه.

ويعاني الجيش من مستويات عالية من الضحايا في صفوفه والانشقاق وهذا يعني استمرار عمليات التدريب للمجندين الجدد، أي حوالي ثلث القوات كل عام. وخطط الرئيس باراك أوباما لتسليم المسؤوليات الأمنية الكاملة للقوات الأفغانية بنهاية عام 2014 واستكمال سحب كامل القوات الأمريكية من البلد في عام 2016، إلا أن الخطة فشلت بعدما استفادت حركة طالبان من الأوضاع وحققت انتصارات واسعة. وكان على القوات الأمريكية إقناع أوباما وبعده دونالد ترامب زيادة القوات حيث يبلغ عدد الجنود الأمريكيين 14.000 جندي الآن.

وخلال الوجود الأمريكي في أفغانستان بلغت النفقات على التنمية الاقتصادية 24 مليار دولار، ومع ذلك لا تزال غالبية السكان تعاني من الفقر. ورغم مضاعفة النفقات المتعلقة بالحرب حجم الاقتصاد الأفغاني منذ عام 2007 إلا أنها لم تترجم إلى اقتصاد صحي. فنسبة العاطلين عن العمل تزيد عن ربع السكان. وتراجعت المكاسب الاقتصادية منذ 2015 بعدما بدأ الوجود الأجنبي بالبلاد يخف.

ويخشى المستثمرون الدوليون من وضع أموالهم في أفغانستان بسبب الفساد الذي يعد الأسوأ في العالم حسب منظمة الشفافية الدولية، وحتى الشركات الأفغانية تبحث عن العمالة الرخيصة من باكستان والهند. وتلاشت الآمال بتطوير قطاع المعادن الذي فاخرت البنتاغون بأن قيمته تصل إلى تريليون دولار. ومن تستثمر فيه هي شركات قليلة من الصين وأماكن أخرى. إلا أن غياب الأمن والبنى التحتية المساعدة على التنقيب منعت من الحصول على مكاسب عملية من هذا القطاع.

  وثق المفتش العام 15.5 مليار دولار بذرت بسبب التزوير أو إساءة الاستخدام في جهود إعادة الإعمار بالفترة ما بين 2008 – 2017

وفي القطاعات الأخرى المتعلقة بإعادة الإعمار مثل مساعدة اللاجئين والفيضانات المزمنة والانهيارات الثلجية والهزات الأرضية ووحدات حفظ السلام، أنفقت الولايات المتحدة 30 مليار دولار ضاع معظمها بسبب الفساد والمشاريع الفاشلة. وبحسب المفتش العام فقد فشلت لأنها لم تكن قائمة على تخطيط جيد ولانتشار الفساد. وضاعت أموال دافعي الضرائب على بناء مستشفيات لم تعالج أحدا وعلى مدارس لم يدرس فيها طالب، بعضها كانت مشاريع وهمية، وعلى قواعد عسكرية وجدها الأفغان غير مفيدة وأغلقت لاحقا.

ووثق المفتش العام 15.5 مليار دولار بذرت بسبب التزوير أو إساءة الاستخدام في جهود إعادة الإعمار بالفترة ما بين 2008 – 2017. ورغم حدوث تحسن في قطاع الخدمة الصحية والتعليم إلا أنه تحسن ضئيل مقارنة بالمعايير الدولية. فلا تزال الوفيات أثناء الولادة الأعلى في العالم ومعدلات الحياة هي الأدنى ومعظم البنات لا يذهبن إلى المدارس أما نوعية التعليم الذي يحصل عليه الأولاد فيظل فقيرا.

ومن أجل تمويل الحرب اقترضت الحكومة الأمريكية بشكل كبير وعليها دفع أكثر من 600 مليار كفوائد عن هذه القروض خلال عام 2023، أما ما تبقى منها فيقتضي سنوات لسداده. وبالإضافة لتريليوني دولار أنفقتها الحكومة الأمريكية على الحرب فالدين والكلفة الطبية ستتواصلان في المستقبل.

وهناك 1.4 تريليون ستنفقها الولايات المتحدة على الجنود الأمريكيين الذين قاتلوا وأصيبوا في مرحلة 9/11، 1.4 تريليون دولار بحلول 2059، ومن هذه الأموال ذهبت 350 مليار دولار إلى الجنود السابقين في أفغانستان والعراق ممن أصيبوا وأصبحوا بحاجة لعناية طبية. ولا يعرف الرقم النهائي للنفقات ولكن الخبراء يتحدثون عن تريليون دولار آخر في الأربعين عاما المقبلة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي