واشنطن بوست ترصد جولات ترامب الخارجية.. جامح وعبوس ومتباه

2019-12-06

غالبا ما ينهي الرئيس الأميركي دونالد ترامب زياراته الخارجية بضجة كبيرة: مؤتمر صحفي منفرد حيث يلعب فيه دور الدبلوماسي اللامع، أو يدعي الهيمنة، والأهم من ذلك أنه يحرص على تقديم روايته النهائية للواقع قبل أن يغادر.

ورد ذلك في تقرير لواشنطن بوست رصدت فيه العديد من المواقف والقصص التي تؤكد ما ذهبت إليه من وصف لترامب، واستهلت تقريرها بحادثة انسحابه من قمة الناتو الأخيرة أمس الأول في لندن بعد أن ألغى على عجل مؤتمره الصحفي المعلن، لتقول إن ذلك يشير إلى مدى الضيق الذي عاناه خلال زيارته التي استغرقت يومين.

وقالت إن مما ضايق ترامب أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد واجهه خلال هذه القمة في قضايا خلافية، كما تسرب شريط فيديو ظهر فيه رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يسخر منه سرا مع ماكرون وقادة العالم الآخرين خلال حفل استقبال في قصر باكنغهام.

ذو الوجهين

وبالطبع، لم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي يجد فيها ترودو نفسه في خلاف مع ترامب. المهم في الأمر أن سخرية ترودو وغيره من الرئيس الأميركي، دفعت ترامب إلى وصف ترودو بأنه "ذو وجهين"، وقالت واشنطن بوست إن تلك السخرية ربما كانت السبب في رحيله المتسرع من واتفورد ببريطانيا، حيث ينعقد المؤتمر.

ومع ذلك وبحلول صباح أمس الخميس وبعد عودته إلى واشنطن دون أي اتفاقات رئيسية، بدأ ترامب يصرخ واصفا زيارته لبريطانيا بأنها نجاح كبير، قائلا إنه حقق أشياء هائلة للولايات المتحدة في رحلته لقمة الناتو، مضيفا "بكل فخر لبلدنا، لم يحقق أي رئيس مثلما حققت أنا في وقت غاية في القصر".

وتستمر الصحيفة لتقول إن رحيل ترامب المفاجئ أمر معتاد بالنسبة لرئيس كان ينهي بشكل روتيني زياراته الأجنبية خلال السنوات الثلاث الأولى في منصبه، متهيجا ومتضايقا ولاهثا في جميع الأوقات لشد انتباه العالم إلى شخصه بشكل فج.

يضيق ويتبرم

وقالت أيضا إن ترامب اعتاد على انتقاد مضيفيه وإصدار تهديدات عالمية، وعلى التودد للدكتاتوريين والتشاحن مع الحلفاء. وكما فعل هذا الأسبوع في واتفورد، فقد كان يعبر عن ضيقه وتبرمه علنا عندما لا تسير الأمور وفق ما يرى.

وفيما يأتي ملخص لعدد قليل من المواقف الكثيرة لترامب خلال زياراته الخارجية:

عندما زار ترامب لندن في يونيو/حزيران الماضي، تسبب في مشاجرة بإعلانه أن خصخصة الخدمة الصحية الوطنية في بريطانيا -وهي مؤسسة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية ويحرص عليها كل البريطانيين لتوفير الرعاية الصحية المجانية لهم- ستكون "مطروحة" للمناقشات التجارية.

وسرعان ما أصبحت هذه الزلة موضوع نقاش بين السياسيين البريطانيين الذين كانوا يأملون في خلافة رئيسة الوزراء آنذاك تيريزا ماي. وتراجع ترامب عن تلك الزلة بعد ذلك بوقت قصير، ناقضا تصريحه السابق: "لا أرى أن الأمر مطروح للنقاش. هذا شيء لن أفكر فيه كجزء من التجارة، هذا ليس تجارة".

كذب مفضوح

 وفي يوم الثلاثاء المنصرم عندما سئل مرة أخرى عما إذا كان يعتقد أن النظام الصحي البريطاني يجب أن يكون جزءا من المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، تصرف ترامب كما لو أن تعليقاته السابقة غير موجودة: "أنا لا أعرف حتى من أين بدأت هذه الشائعات. لا أريدها حتى لو سلموها لي على طبق من فضة".

وتراجع ترامب بشكل مماثل عن مشاريع أخرى في الخارج. ففي قمة مجموعة الدول السبع في أغسطس/آب الماضي في بياريتز بفرنسا، بدأ حربه التجارية مع الصين، إذ غرّد أولا على تويتر "بموجب هذا، على الشركات الأميركية أن تخرج من الصين".

وبعد ذلك قال إن لديه رأيا آخر حول التعريفات التي فرضها على المنتجات الصينية، وبعد ساعات قليلة فقط ووسط تغطية إخبارية، خفف موقفه من الصين. وقد أثارت هذه التقلبات الرئاسية تحولات في أسواق الأسهم ودفعت الحلفاء إلى الشك في الاستقرار العقلي للقيادة الأميركية.

تقلبات سريعة

وعندما سئل ترامب يوم الأربعاء عن حديث رئيس الوزراء الكندي في ذلك الفيديو، انتقد الرئيس الأميركي ترودو، ثم -وفي تتابع سريع- أشاد به، قائلا "حسنا، إنه ذو وجهين، وللصدق فهو رجل لطيف، لقد وجدت أنه لطيف جدا". وفي وقت لاحق في نفس اليوم لوحظ ترامب وهو يثرثر عبر مكبر صوت كان مفتوحا ويسخر من ترودو، إذ قال لأحد المشاركين في القمة "كان ذلك أمرا مضحكا عندما قلتُ إن الرجل ذو وجهين".

كانت اجتماعات ترامب الأكثر حدة مع ماكرون، فمنذ اللحظة الأولى التي أمسك فيها الرجلان بأيدي بعضهما في مصافحة قوية وممتدة -أصبحا معروفين بها الآن- ظل كل منهما يستخدم قوته العضلية في محاولة لتأكيد هيمنته.

وعندما يتحدث ترامب، يبعد ماكرون رجليه من بعضهما بعضا ويحني جسده إلى الأمام أثناء جلوسه على كرسيه، وهو وضع ينم عن التجاهل. وعندما يتحدث ماكرون، يقوم ترامب بالتلاعب بأصابع يديه والتحديق حول الغرفة والنظر إلى المراسلين في محاولة لإظهار عدم اهتمامه بما يقوله نظيره الفرنسي.

واستخدام القوة الجسدية ليس جديدا على ترامب، ففي أول اجتماع له بحلف الناتو في بروكسل عام 2017، دفع ترامب رئيس وزراء الجبل الأسود جانبا ليشق طريقه إلى موقع مناسب لالتقاط صورة جماعية.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي