نحن في الأعالي

2019-12-01

إرنيستو كاردينال

ترجمة وتقديم: محمد العربي هروشي

 

هذه القصيدة مهداة إلى الشاعر الراحل أمجد ناصر

ولد الشاعر إرنيستو كاردينال في غرناطة /نيكاراغوا في 20 يناير/كانون الثاني 1925 شاعر وقسيس وثيولوجي ومترجم وكاتب وسياسي ورائد من رواد تيار تحرير اللاهوت في أمريكا اللاتينية، نسّق أثناء الثورة مع الجبهة السندينية، ولما تحققت الثورة، عين وزيرا للثقافة من 1979إلى 1987. حصل على عدة جوائز قيمة، منها الجائزة العالمية للشعر ميكيل هيرنانديز وجائزة الملكة صوفيا، وغيرها. كما حصل على عدة شهادات دكتوراه شرفية.

 

بين بلايين وبلايين الأجرام

وبلايين وبلايين النجوم

كوكب من أجل وحدتنا

من باكتريا أتينا متطورين

يا أرض التي ستذهب لترى الإله

العالم عليه أن يصير واضحا

وليس عبثا

كوكب اللقاء مع الإله

مع الآلاف من غير المعتادين

حيث الحياة تقاوم

من أجل البقاء

مقومات الحياة، بدون أي امتياز

ناجمة عن وجودنا المتواضع

لطالما اعتقد داروين أنه ولد في البرك

ولماذا تم ذلك حتى الآن لا نعرف

بمجرد ما حياة منحت حياة أخرى

ابتدأ كل شيء إذن.

الحياة كلها واحدة

كلنا ولدنا من جذع واحد

ونحن لا شيء أمام الكون

الشمس واحدة من بين بلايين الشموس

والمجرة كمثل ذرة الكون

يبقى السؤال لماذا يصلح الكون

لماذا هناك شيء وليس اللاشيء

وسماء عبثية فوقنا

ولماذا إلاه واحد بعد كل شيء؟

بيد أن هناك إلها موجودا في المستقبل

المستقبل الذي ينادينا

صوب تمدد الكون

توحد بالكل حيث سنذهب

تعدد الأفراد في واحد.

أن تكون هو أن تكون من أجل كائن آخر

الحب الذي يوشج بين الجزيئات ضد الأنثروبيا

دونها الحب البشري مستحيل

الجاذبية التي تجلب كل مادة

التوحد جهة التطور

التطور صوب ملكوت السموات

العالم، كل مرة، يصير أكثر عظمة

وشمس يتوجب عليها الاستمرار من أجلنا

مجرة ببلايين النجوم

وبلايين المجرات

الكون عظيم جدا لأنه قديم جدا

وقديم جدا لأن الحياة في حاجة إليه

بقليل من المادة سيكون هناك المزيد من الجاذبية

وسيتوسع الكون قليلا

بدون زمن من أجل حياة ذكية

في كون مختلف لن نكون موجودين

الإنسان ذكي حتى يؤثر على الإله

نحن أكثر من مجرد مادة كميافيزيقية

لهذا هناك قيامة

وإن كنا لا نعلم

من الفراغ تخرج النجوم والكواكب ونحن

الكون الذي خلق من العدم

خلق من غير صدفة وإنما لم يكن بدا منه

وبدون أن يكون قد اكتمل بعد

العالم اللا محتمل جدا حيث نعيش

حيث كان قد يكون مستحيلا أن نعيش فيه

من كان يتصور أن نعيش فيه؟

الذين فيه كانوا يعيشون قد تصوروه

مركزين على الجاذبية ضد التمدد

الكون، كل مرة، هو أعظم

وكل، مرة، هو أكثر عظمة هو الإله فيه

نحن في الواقع غرباء عن الأرض

من النجوم أتينا

وفي الكوكب تجسد الإله

من نقطة رياضية للزمكان

نزر قليل من المادة أكثر من المادة المضادة

والآن فلنتساءل

ما كان أصل الكون

متى كان الكون في حجم زيتونة

في حجم

جذر العنب…

بين اللانهائي الكبير واللا نهائي الصغير

نقيم نحن

بوعي واع بذاته

أو تفكير

المادة التي تتوق إلى الروح

الكل حيث يتقارب الكل

وحدة كل الأشياء

إلاه ليس فوق وإنما أمام

ينتظر المستقبل

وهو أيضا شخص

أو سيكون أدنى من خلقه

كون غير مكتمل يعني أنه ناقص

وعده للكون

وليس فقط للجنس البشري

بالنسبة للكون كان واضحا

فوحده

وحدة صوبها يتوجه كل تطور

الإله أحب ولذلك خلق

بدون وجود العالم شيء ما كان سينقص الإله

مازلنا، بعد، عند بداية الخليقة

خلق عليه أن يستمر وعلينا إكماله

الذرات الأكثر وعيا

مكونة من الهيدروجين والهيليوم ليس أكثر

لم تنشأ عن ضربة حظ

وإنما بأمل مشترك نحو المستقبل

الأنا الذي صار النحن

تعدد الأفراد في واحد

تطور إلى ملكوت السموات

فبدلا من إله السموات إله التطور

إلى الأكثر تعقيدا والأكثر وحدة

كي يصير الكل واحدا

بوسعهما أن يشملا الكون

صعب أن يتكرر في كوكب واحد

إذ مرة واحدة حصل ما كنا نعلمه

يقين الخلود بعد الموت

داخل قطر من النجوم من مئة عام ضوئية هو قطره

دمنا آت من السوبرنوفا (1)

وإن كانت النجوم لا تدوم أبدا

نجوم تغرق في العدم

تتلقى مادة تصيرنا

أكثر طبيعة كمثل سقوط التفاح

كيف علم التفاح بالأرض حيث سيسقط؟

كون غير محكوم بهذه الثقوب

الموت واقع بيد أنه ليس النهاية التي الإله، وباليقين أن كل شيء منته،

هو الإقناع بأن شيئا ما سيبقى خالدا

العالم حادث وجب أن يقع

باحتمالات تقارب الصفر بأننا موجودون

المادة تتشظى مجرات

المجرات تتشظى نجوما

صوب تواصل كوني

عبرها تستمر المادة دائما

لحمه مجدد الانبعاث غير فان إلى الأبد

إن اتجاه تمدد الكون

هو ملكوت السموات

كون مفهوم بالنسبة لفينبرغر إذ قال

ولكن بلا معنى

من إنقجار التبانة أتينا*

ومن سلالات اللااحتمالات

عوارض وصدف

اتجاه البدايات إلى الإنسان الأول

أي صوب الإله

متطورون في الأرض من القطاع الثالث

إلى الوعي العالي

وإلى وحدة عليا

موحدون سنكون واحدا فقط

الأرض محاطة بالفكر

في الجسد السماوي الذي نحن فيه

كون مختلف معاد للحياة

بعضهم سيعيش صغيرا جدا

مجهريين

أو كبيرين بشكل هائل

يعملون بسرعة

فيما آخرون لهم أجنحة ويحلقون

والذين نسميهم كائنات بشرية…

البشرية التي سيكون لديها مجرة

ستكون بالملايين في السماء

مناهضة الكون للتطور

الخلق الجديد سيبقى دائما

و إلا لما كان له معنى لن يبرر وجود العالم

حين تطور الكون

حشرات وفقريات ونحن

أنسنة الأرض

أو كوكبة الجنس البشري

نحن دماغ الأدمغة

أو جزء من وعي جماعي

على اختلاف مع باقي الحيوانات

الكون واع بذاته

وليس المعرفة وإنما المعرفة التي تعرف

وصوب كون يكون أفضل

لو كانت الشمس بحجم قرص أسبرين

كانت ستكون النجمة الأقرب على مئة كلم

هذه هي المسافة بين النجوم

ملايين بالتطور ذاته

ولدوا من رماد النجوم الميتة

مادة قاتمة تحكم الكون

دون أن ندري أين هي

على الرغم من نظام موجود بها

من البسيط إلى المعقد ومن الجرثومي

إلى الإنساني

خلق لم ينته بعد

هذا العالم كمثل وحي إله

حيث الكل واحد

الأذرع للاحتضان

الشفاه للتقبيل

إله ينتظرنا في المستقبل

المستقبل الذي ينادينا

إلهنا إله التطور

والحب ما وراء الموت

يدخل بدون أن يفتح الباب

ويقول: سلام معكم

السلام مع العدل

يتبادلان القبل

بلايين وبلايين النجوم

وبلايين وبلايين في الأعالي

كوكب من أجل أن نجتمع مع بعض .

 

*إنقجار: نهاية نجم

**القصيدة ضمن ديوان :Porsia completa / Ernesto Cardinal EDITORIA 2019

عن إلبايس عدد 03 نوفمبر/تشرين الثاني 2019

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي