إيزابيل الليندي تكرم نيرودا بـ"بتلة البحر الطويلة"

2019-11-26

على امتداد مسيرة أدبية حافلة، تجاوزت النصف قرن، نشرت الكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي العديد من المؤلفات المؤثرة على غرار رواياتها “بيت الأرواح”، “باولا” و”صور عتيقة”، وأحدث أعمالها مؤخرا جاء بعنوان “بتلة البحر الطويلة”، وترجمت إلى الإنكليزية بعنوان “هذه الرحلة الطويلة”.

وكعادتها تتناول الرواية الموضوعات المفضلة للأديبة التشيلية مثل الهروب، والمنفى، والحنين إلى الوطن. وتبدأ الأحداث مع الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939) التي أجبرت الكثير من المواطنين على النزوح. يعتبر “وينيبيج” المركب الذي استخدمه شاعر تشيلي العظيم، بابلو نيرودا في تهريب الآلاف من اللاجئين الإسبان إلى تشيلي عام 1939، البطل الحقيقي للرواية.

حول سبب قرارها الكتابة عن مركب بابلو نيرودا تقول الليندي “عرفت بقصة ‘وينيبيج‘ قبل أكثر من أربعين عاما، عندما أخبرني عنه أحد ركابه، يدعى فيكتور باي. عرفت بالقصة، ولكن أتصور أنني لم أشعر بحاجة لدي لكتابتها حتى الآن لأن موضوع اللاجئين والمهاجرين، كان حاضرا دائما

في الأجواء وفي كل مكان. ولهذا فإن رواياتي الثلاث الأخيرة تتناول موضوعات تتعلق بالنازحين، البشر الذين تم اقتلاعهم من جذورهم”.

وإن كان هذا الموضوع حاضرا في دائرة اهتماماتها باستمرار، تقول الليندي “حسنا، لقد كانت تجربة شخصية، تجعلني أتعاطف كثيرا مع الناس الذين يمرون بهذه الظروف: المنفيون، اللاجئون، والناس الذين يبحثون عن ملاذ، والمهاجرون بالطبع. علاوة على أنه لدي في الولايات المتحدة، مؤسسة تعمل مع النساء والأطفال في العديد من المناطق في العالم، إلا أننا نركز في الوقت الحالي على منطقة الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، حيث توجد العديد والعديد من المشاكل وحيث تقع العديد من الانتهاكات لحقوق الإنسان بحق الناس الذين يبحثون عن ملاذ آمن”.

  الرواية  الجديدة لإيزابيل الليندي تحكي عن مركب الـ"وينيبيج" الذي استخدمه نيرودا في تهريب الآلاف من اللاجئين الإسبان

وضعت الكاتبة استشهادا لنيرودا في مطلع كل فصل من فصول روايتها الجديدة “بتلة البحر الطويلة”، نسألها عن أهمية أعمال نيرودا بالنسبة إليها ككاتبة، فتقول الليندي “تعتبر هذه الرواية، بصورة ما أو بأخرى، تكريما لنيرودا، لما قام به من عمل عظيم، لأن المركب لم يكن لينقذ هؤلاء الناس لولا تدخل نيرودا.

كان نيرودا يكن لإسبانيا حبا كبيرا، وكانت تربطه صداقات قوية بالعديد من الجمهوريين الإسبان، وكان من الأصدقاء المقربين من فيدريكو غارثيا لوركا، وأنطونيو ماتشادو، وكان إحضار لاجئين إسبان إلى تشيلي، فكرته بالأساس.

تحدث مع رئيس الجمهورية آنذاك، وحصل على التصريح المناسب لإحضارهم. أرسلوه بعد ذلك إلى فرنسا دون مال. وكان مضطرا للحصول على المال لكي يتمكن من شراء المركب وتجهيزه لكي يستطيع حملهم إلى تشيلي، وهنا تكمن أهمية ‘أوديسا الوينيبيج‘ أو رحلة عبور مركب نيرودا، وكل هذا تم بفضل جهوده، ولهذا أضع استشهادا من أبياته في افتتاحية كل فصل من الرواية”.

قالت الكاتبة في إحدى المقابلات معها إن الشعور بالغربة صاحبها طوال حياتها، وتعلق الليندي على ذلك قائلة “أقيم في الولايات المتحدة منذ ثلاثين عاما ولازمني طوال هذه المدة الشعور بأنني غريبة، لأنني في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، أتحدث بلكنة، لا أرى نفسي مواطنة أميركية، أبدو من تشيلي. وعندما أعود إلى تشيلي، بعد فترات طويلة، أشعر أيضا بنوع من الغربة.

وهو ليس بالضرورة شعورا سيئا، لقد اعتدت على الفكرة. الأمر الجيد في أن يكون الإنسان مهاجرا أبديا مثلي أنا، أو أجنبيا، يكمن في عدم الافتقاد إلى تلك الدهشة والفضول المصاحب للمرء عند رؤية كل جديد وغريب. أجد لدي شغفا بكل شيء، ونظرا إلى أنني لست معتادة على ما أرى من حولي، أطرح الأسئلة التي لا يسألها أي أحد، وهذا يجعلني أعرف قصصا وحكايات عن الناس بسبب ولعي واهتمامي بكل شيء.

لو كنت أعيش في بلادي بشكل مريح ومستقر، ربما لما كانت لدي الحاجة للانتقال والتساؤل عن كل شيء مثلما أفعل الآن”.

يذكر أن إيزابيل الليندي، من مواليد 1942 في بيرو، ابنة دبلوماسي من تشيلي، كان والدها توماس، ابن عم أول رئيس يساري منتخب ديمقراطيا في تاريخ تشيلي الحديث والمعاصر، سلفادور الليندي، الذي قتل على يد قوات الجيش الانقلابية داخل القصر الجمهوري في العاصمة سانتياغو دي تشيلي خلال الانقلاب الذي دبرته الولايات المتحدة ضده في الحادي عشر من سبتمبر 1973، بالتواطؤ مع الجنرال، أوغستو بينوشيه، أحد أشرس وأسوأ الانقلابات العسكرية التي شهدتها أميركا الجنوبية في تلك الفترة، والذي قمع الحريات ودمر اقتصاد البلاد وزوّر تاريخها، مدعيا أن الليندي انتحر، وهي المعلومة التي ما زالت تدرس في كتب التاريخ إلى الآن.

وعقب انقلاب بينوشيه على الرئيس المنتخب للاستيلاء على موارد تشيلي من النحاس، نفيت عائلة الليندي إلى فنزويلا، وهي الأحداث التي سجلتها إيزابيل في روايتها “بيت الأرواح”. كتبت إيزابيل 23 عملا أدبيا، منها رواية تصور معاناتها بسبب فقد ابنتها نتيجة خطأ طبي في أحد المستشفيات.

ترجمت أعمالها إلى 42 لغة، ومن بينها العربية، ويعتبر المترجم السوري الشهير، صالح علماني أكثر مترجم لأعمالها.

يشار إلى أن روايتها التي حققت لها الشهرة الكبيرة في بداية مشوارها “بيت الأرواح” قدمت للسينما في عمل بنفس الاسم لعبت بطولته أسماء كبيرة مثل ميريل ستريب، وجيرمي أيرون، وينونا رايدر وأنطونيو بانديراس.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي