شذرات في الفرح

2019-11-19

أحمد برقاوي*

طل الفرح خجولاً من وراء السواد

تسلل إلى روحه مبتسماً

حاملاً معه بارقة أملٍ مدمى

ولاءات مخنوقة

كانت تصرخ في الساحات باللاءات

في وجه الطغاة.

طل الفرح من وراء الأفق

الأفق الذي تضرج بلون الدماء

متخفياً بلون أسنية الشمس الغاربة

وفي الصباح راح يفتش عن أطفاله وألعابهم

فلم ير سوى خوذة وحذاء وبندقية

وصورة جلاد على الجدران.

طل الفرح من عيون حبيبته

وطار يقطع المسافات إليه

فتش عنه في كل الشورع والخمارات

فلم يجد له أثراً سوى بقايا وصية

وقصيدة وداع .

انفجر الفرح بنهدي فتاة

ودعت لتوها طفولتها

ولغة الجسد تفضح عينيها

نداء الفرح قاسٍ لا يعرف الرحمة

طعنة واحدة كانت كافية

للكفن.

قطع المسافات الطويلة

باحثاً عن الفرح

وحين وصل الأرض الموعودة

كانت في استقباله

مدن تحمل بيدها أكليل عزاء.

بنى الفرح لروحه كوخاً جميلاً في غابة الآتي

وبنى مقعداً في رصيف محطة الانتظار

وأسند وجهه بيدٍ أشقاها التعب

مرت سنون ولم يفقد الأمل

كل ليلة يوقد النار

وفي الصباح يمضي إلى مقعد الانتظار

أملاً بقدوم باخوس وعشتار.

كتب الفرح وصاياه للخلق

وأودعها آلهة الحرية

الحرية التي لا تخون ذاتها أبداً

وفي كل مرة تغضب الحرية

تقرأ وصايا الفرح على الناس

كي يتذكروا.

سألَ الفرحُ الحزن

من أنتَ

أجاب الحزن ساخراً:

أنا أنت الذي متَ

أنا طقوس عزاء روحك بموتك.

تعانق الفرح والحزن

وراحا يعزفان موسيقى الوجود

الوجود الذي يبتسم باكياً

ويبكي مبتسماً.

 

  • أكاديمي وشاعر فلسطيني






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي