رجلٌ مُسنٌّ يكتبُ قصَائد صغيرةْ

2019-11-08

علي منصور*

1- للتو !!

 

بلغتها للتو!!

يا إلهي، لا أكاد أصدق..

قد كانت بعيدة، وراء المحيط، لا أدري إن كنتُ

سأبلغها ذات يوم..

أم لا.

هي الأخرى لم تكن تدري هل ستراني..

أم سأموتُ دونها؟

واليوم ها هي تراني، وتحضنني.

تبللُ وجهي بالدموع وتهزني: أأنت عليّ!!

نعم، أنا هو..

يا شجرة الستين.

2- في المدينة

 

في المدينة أشجار مكتئبة،

ومقاهٍ

مزدحمة بالعاطلين.

بالكاد..

أدركتُ شجرة قبل أن تلقي بنفسها في النيل.

قالتْ: هاهاها..

تنقذني من حيتان البحر،

لتأكلني

حيتان البر،

أيها الرجل الطيب!!

 

3- أنا خائف

 

أنا خائفٌ من اللصّ المسلح الخطير.

خائفٌ أن يقولَ:

(أنا أحيي وأميتْ).

أيتها الأبواقُ الصّدئة في ليل المدينة

ألا تشبعين من الكذبْ.

أنا خائفٌ على

اللصِّ

المسلحِ

الخطير..

من الأبواق الصدئة في ليل المدينة.

 

4- لأجلكِ

 

لأجلكِ

يُنزل الله علينا المطر.

لأجلكِ

يبعد الله عنا الزلازل.

وأنا ..

لأجلكِ خبأتُ نصفَ الرغيف.

حشوته بهمستين

دافئتين

لزوم الليل، والوحدة..

وغياب القمر.

تفضلي يا كلبتي

هزي ذيلك حتى الصباح.

والحسي وجهي..

حتى الصباح.

حظنا من الحياة ليلة

ـ بين الأنقاض ـ

يا كلبتي.

5- يوما ما

 

كراكيبُ فوق أسطح البيوت.

كراكيبُ في الأركان وعلى الأرصفة.

كراكيبُ في الأقبية

وتحت السلّم وعند المنحنياتْ.

كراكيب خلف المصالح والمؤسسات ودور العبادة.

كراكيب في الأسواق

والمتاحف

والأندية ودور العرض والمطاراتْ.

كراكيبُ،

مخلفات حربٍ،

ودعارةٍ،

وسجون.

كراكيبُ، أوراقُ دشتٍ، بقايا فنادقَ، قطنُ

مشافٍ، هدَدُ بيوتٍ، رفاتُ

مقابر، وخراباتُ

مدنْ.

كراكيبُ، كراكيبُ، كراكيب.

- يوما ما-

كانت أحلاما تدبّ فوق الأرض!

6- كانت هنا حكاية

 

لا أحدَ يعرفُ أنني قبلتك في الظلام.

شفتاي دافئتان، ما زالتا

فيما شفتاك مشغولتان بكتمان الأمر عن العالم كله !

هكذا ظلت الحكاية نصفَ قرن

طفلة

سرّية

بضفيرتين.

واحدة على الصدر تروح وتجيء

وأخرى في الخلف..

تخشى الناس

وتحب الظلام.

ما لها الحكاية اليوم تنبتُ

إثر دمعتين تسحان في صمتٍ على تجاعيد الخدين !

وحدُها البنايات القديمة المهملة

ـ ذاتُ الشرفاتِ الصامتة والبواباتِ الصدئة المتربة ـ

وحدها تعرفُ..

وحدها تشدّني من الزحام..

وتربت على كتفي.

  • شاعر مصري






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي