بعد أسبوعين على توليه الرئاسة، لا يزال الرئيس التونسي قيس سعيّد يرفض الإقامة في قصر قرطاج ويتمسك بالعودة إلى منزله الخاص الواقع بأحد الأحياء الشعبية بمنطقة المنيهلة على أطراف العاصمة تونس، ولكن هذا الأمر تحوّل إلى معاناة يومية للمواطنين التونسيين، الذين تتعطل حركتهم ومصالحهم، بسبب اختناق حركة المرور وتوقفها صباحا ومساء خلال مرور موكب الرئيس.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تشارك مواطنون تونسيون قصصهم اليومية عن حالة الزحام وتعطل حركة السير خلال مرور الرئيس قيس سعيّد وذهابه إلى مقر عمله بقصر قرطاج أو عودته منه إلى مسكنه الخاص، الذي يبعد عن القصر الرئاسي حوالي 30 كلم، والتي تتزامن مع أوقات ذهاب الموظفين والعمال إلى مراكز أعمالهم والتلاميذ إلى مدارسهم، وعودتهم منها.
وانتشرت مقاطع فيديو، أظهرت حالة الشلل المروري أثناء مرور موكب الرئيس، وتدوينات غاضبة عبر فيها ناشطون عن امتعاضهم من تعطلّ مصالحهم وتأخرهم عن أعمالهم.
منزله الخاص
وسبق للرئيس التونسي المنتخب في أعقاب الدور الثاني للرئاسيات، أن صرّح أنّه لن يقيم في قصر قرطاج لأنّه مقرّ عمل، وسيعود يوميا إلى منزله الخاصّ في منطقة المنيهلة، بينما ترتفع الأصوات التي تطالبه بالعدول عن قراره والانتقال للإقامة في قصر قرطاج، تجنباً لتعطل مصالح العباد والبلاد واستنزاف إمكانيات الدولة البشرية واللوجستية لتنفيذ رغبته.
وفي هذا السياق، تساءل الصحفي حسن بن عثمان قائلا "هل ينبغي على الرأي العام التونسي مناشدة الرئيس التونسي الأستاذ قيس سعيّد بمغادرة مسكنه في ضاحية المنيهلة والسكن في قصر قرطاج لدواعي وطنية بحتة؟".
قيس سعيد
وأوضح بن عثمان أنّ "الرأي العام التونسي، يعرف أنّ الرئيس قيس سعيد سبق له أن وعد بأنه سيباشر رئاسة الجمهورية في قصر قرطاج دون أن يسكن فيه مثل غيره ممن سبقه من الرؤساء، ولكن المصلحة الوطنية تقتضي أن يسكن الرئيس في قصر قرطاج أو في بيت بجوار القصر، حتّى لا يتسبّب في اختناق المرور في الطرقات، المختنقة بطبيعتها عند كل مباشرة لكل عمل، وشكر الله استجابته لمناشدة شعبه المختنق، والتنازل على عهوده ومواثيقه في الالتزام بمقتضيات الرئاسة ونوعية المرور والطرقات".
بلاط قرطاج
وفي الإطار ذاته، كتب المدون الصحبي عمري تدوينة قال فيها "قد يكون الرئيس قيس سعيّد وعد مناصريه في الانتخابات الأخيرة أنه سوف لن يقطن في بلاط قرطاج والتمسك بالبقاء في مسكنه العائلي في ضاحية المنيهلة حتى لا يخلف وعده، لكن ذلك لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع وهو ليس استنقاصا في كفاءة الأمن الرئاسي في حماية رئيس الدولة ولكن لاعتبارات ترافق مدى تطبيق هذا الإجراء في تغيير مقر إقامة رئيس الجمهورية من حيث وجوده في منطقة شعبية مجاورة مفتوحة على مساحة فلاحية لا تساهم في السيطرة عليها إذا داهمه مكروه لا قدر الله، زد على ذلك التعزيزات البشرية الأمنية الإضافية المستلزمة لتأمين موكب رئيس الدولة يوميا بين المنيهلة وقرطاج ذهابا وإيابا والتي قد تتسبب في تعطيل مصالح الناس وحركة المرور".
من داخل قصر قرطاج
وتفاعلا مع هذا السجال المستمر حول مقرّ إقامة الرئيس قيس سعيّد، أعلنت الإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية، في بيان نشرته في وقت سابق على صفحته بموقع "فيسبوك"، أنّها تمتلك من الطاقات البشرية والتقنية ما يمكنها من توفير أعلى درجات الحماية والتأمين أين ما تواجد الرئيس قيس سعيّد فوق أي أرض وتحت أي سماء"، كما أكدت حرصها على "العمل بكل جهد إلى جانب مختلف الوحدات الأمنية من شرطة وحرس من أجل إيجاد الحلول الكفيلة للجمع بين إنجاح المهام الموكلة إليها وعدم تعطيل مصالح المواطنين وخاصة الحقّ في التنقل".