طفحتْ أفاعي الموتِ

2019-11-06

زين العابدين الضبيبي

 

طفحتْ أفاعي الموتِ
ذاتَ ظهيرةٍ سوداءَ
من عطشِ الكهوفِ
مكللاتٍ بالمكائدِ
كيفَ غَافَلَّنا السباتُ
وساحَ في لهبِ التشفي سورُ قريتنا
ومرجلُ ثأرنا الجياشُ مات؟

وثبتْ أفاعي الموتِ
في أقصى الطريقِ
_هناكَ حيثُ ممالكُ الظلماتِ_
تبسطُ ظلها لتدورَ
ما بين العمائمِ واللحى
وتَشدُّ أوتارَ التوجسِ
خفيةً بينَ القبائلِ والبيوتِ
بكفها سوطُ الضلالِ وفي حناجرها أناشيدُ المقابرِ والخراب .

وثبتْ خيولكَ يا ردى
وتسلقتْ شِعبَ الحياةِ بغمضةٍ...
أترى البيوتَ تجرُّ حبلَ مصابها
والناسُ ينحدرونَ
أفواجاً إلى قعرِ الفجيعةِ؟
والعزاءُ يوزّعُ الحلوى لأيتامِ المدائنِ
لا مدىً إلاَّ الغيابُ
ولا بلادٌ غيرَ ما نقشتْ بمخرزها الدموعُ
على صدورِ الذاهلينَ من الخسائرِ
جنَّ أولنا وآخرنا
يساومُ بندقيتهُ
على رأسِ الظلامِ
وينثني جهةَ السراب.

والآنَ نَسبَحُ في العواءِ
عيوننا دِيَمٌ مسافرةٌ
تخثرتِ المباهجُ في جوارحنا
وعربدتِ المآتمُ في المحاجرِ والشفاهِ
لقدْ أطالَ الصبرُ نوَمتهُ
وها نحنُ الضحايا يا رياحُ
تعثرتْ خيلُ الضحى
وغفا على الخوفِ الصباحِ
وإنَّ للوهمِ الخلودَ
وإن للحقِ الأفولَ
وقد غدا بومُ المنيةِ
واعظاً باسم السماءِ
وناطقاً باسم الرسالةِ والرسول .

وثبتْ خيولكِ يا دموعُ
يقولُ لي لهبُ الظنونِ
وقد ذوى في الماءِ
حيثُ الماءُ
طفلُ شقاوةِ الحُمَّى
إذا طالتْ ضفائرها
وآكلها
_على ظهر الطبيعة_
والحريقُ صفيّها
وحفيدها الإعصارُ
إن شبَّتْ …
وأرختْ للخيالِ جماحَ لهفتها
وبعضُ معارجِ
الحمى الحرائقُ والرماح.

وثبتْ خيولكَ يا أسى وتجرَّحتْ
تياهةً لكنها ما استسلمتْ للرايةِ الحرباءِ لحظةَ رفرفتْ
وصفا لها أفقُ الغوايةِ
وهي تلهتمُ البياضَ
بنابِ أخضرها
وسالكةٌ لها الأبوابُ
في الدربِ المشاعِ
مطيةً للنازلينَ
المثقلينَ بكلِّ آياتِ الغبار.

وثبتْ خيولكَ يا أسى رغمَ المآتمِ والجراحِ
فأينعتْ بالمعجزاتِ
وأيقظتْ في ظلمةِ الأيامِ أزمنةَ النهارْ.
..

5 نوفمبر 2019م

* شاعر يمني







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي