نيويورك تايمز: هل أردوغان جاد بالحصول على السلاح النووي؟

الامة برس
2019-10-21

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان متحدثا الاثنين في مؤتمر "تي ارتي" (رويترز)

هل فعلا يريد الرئيس رجب طيب أردوغان الحصول على السلاح النووي؟ تجيب صحيفة “نيويورك تايمز” بأن طموحات الرئيس التركي هي أبعد من سوريا. وفي تقرير أعده ديفيد سانغر وويليام برود جاء أن الرئيس أردوغان وقبل العملية في تركيا قال إنه “لا يستطيع القبول” بقيود الغرب التي تمنعه من الحصول على القنبلة النووية.

وقال في اجتماع أمام حزبه الحاكم في أيلول (سبتمبر): “بعض الدول لديها صواريخ برؤوس نووية” ولكن الغرب يصر على “أننا لا نستطيع الحصول عليها” وهو “ما لا أقبله”. وتعلق الصحيفة بأن تركيا في مواجهة مع الناتو وراهنت ثم فازت بالرهان بأنها قادرة على القيام بعملية عسكرية في داخل سوريا بدون مواجهة تداعيات. ولكن أردوغان يريد حسب الصحيفة نقل المواجهة نحو مرحلة جديدة، فإن لم تكن أمريكا قادرة على منعه شن حملة ضد الأكراد فكيف ستمنعه من متابعة المثال الإيراني والحصول على التكنولوجيا النووية؟

وتعلق الصحيفة بأن حديث أردوغان عن السلاح النووي ليس جديدا ولا طموحه التحرر من معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي التي وقعتها بلاده. ولكن لا أحد يعرف حقيقة نواياه. فالرئيس التركي لديه القدرة على جعل أعدائه وحلفائه يفقدون توازنهم.

وقال جون جي هامر، نائب وزير الدفاع السابق: “يقول الأتراك ومنذ سنوات إنهم سيتبعون المثال الإيراني”، مضيفا: “الوضع الآن مختلف لأن أردوغان سهل التراجع الأمريكي من المنطقة”. وأضاف هامر: “ربما يريد مثل الإيرانيين أن يكون على بعد مترين وأنه يستطيع الحصول على السلاح في أي وقت”. ولو صح هذا الكلام فهو في طريقه للحصول على برنامج أكثر تقدما من ذلك الذي تطمح السعودية للحصول عليه ولكنه أقل مما توصلت إليه إيران. إلا أن الخبراء يشكون في قيام أردوغان ببرنامج نووي سري. ولو حدث هذا فستكون بلاده أول دولة في حلف الناتو تخرق اتفاقية منع انتشار السلاح النووي، ومن خلال تسليح نفسها بطريقة مستقلة بالسلاح النووي.

وتضيف الصحيفة أن تركيا لديها كل المكونات للبرنامج النووي من خلال رصيد اليورانيوم والبحوث العلمية وعلاقة غامضة مع عبد القدير خان. وتقوم تركيا ببناء أول مفاعل نووي للأغراض المدنية لتوفير الطاقة الكهربائية بمساعدة من روسيا. وهو ما يزيد القلق حول الكيفية التي ستقوم فيها أنقرة بالتخلص من النفايات النووية والتي يمكن أن تشكل الأساس لتصنيع النفط. وكانت روسيا هي التي بنت مفاعل بوشهر الإيراني. ويقول الخبراء إن تركيا ستحتاج إلى سنوات كي تنتج سلاحها النووي إلا إذا اشترته، ولو فعلت فسيواجه أردوغان وضعا خطيرا.

وتقول جيسكا فارنوم، الخبيرة بتركيا في مركز ميدلبريز جيمس مارتن لأبحاث منع انتشار السلاح النووي في مونتيري بكاليفورنيا: “يقوم أردوغان باستخدام الورقة النووية أمام جمهور محلي معاد لأمريكا وليس من الوارد أن يقوم بمتابعة السلاح النووي”، مشيرة إلى أن سمعة تركيا ستتضرر وكذا الثمن الاقتصادي سيكون ضخما وقد “تضرب جيوب ناخبي أردوغان”.

وقالت فارنوم إن الأمر بالنسبة لأردوغان هو طموح أكبر مبالغ. وتتحدث الصحيفة عن 50 قنبلة نووية خزنتها أمريكا في تركيا ولم تعترف بوجودها إلا يوم الأربعاء عندما أكد ترامب وجودها. وعندما سئل عن سلامة الأسلحة المخزنة في خندق تسيطر عليه أمريكا بقاعدة إنجرليك الجوية بتركيا قال: “نحن واثقون ولدينا قاعدة جوية عظيمة، قاعدة جوية عظيمة”، لكن لا أحد واثقا بأن القاعدة هي ملكية تركيا، فلو تدهورت العلاقات بين البلدين فإن الوصول إليها سيكون مقيدا.

وكانت تركيا هي مكان للأسلحة النووية الأمريكية لأكثر من ستة عقود، وجرى وضعها أولا لردع الاتحاد السوفييتي. وكانت ورقة تفاوض استخدمها جي أف كيندي لمنع الاتحاد السوفييتي نصب صواريخ في كوبا. ولكن الأسلحة التكتيكية ظلت موجودة. وخلال السنوات الماضية عبر المسؤولون الأمريكيون عن عصبية لبقاء الأسلحة في تركيا والتي قالوا إن قيمتها الإستراتيجية أمام روسيا ليست مهمة. وهي موجودة بسبب رغبة الناتو إخافة اللاعبين الإقليميين ولمنع تركيا التفكير بالحصول على سلاح نووي خاص بها.

  لو صحت التقديرات فأردوغان في طريقه للحصول على برنامج أكثر تقدما من ذلك الذي تطمح السعودية للحصول عليه ولكنه أقل مما توصلت إليه إيران

وعندما سيطر أردوغان على محاولة عسكرية فاشلة للإطاحة به في تموز (يوليو) 2016 أعدت إدارة باراك أوباما وبهدوء خطة طارئة لنقلها من قاعدة إنجرليك، وذلك حسب مسؤولين سابقين. ولم يتم تطبيق الخطة أبدا خشية الإضرار بالتحالف الأمريكي- التركي وحتى لا يكون نقلها مبررا لأردوغان البحث عن سلاح نووي جديد.

وتقول الصحيفة إن تركيا ولعقود تقوم باتخاذ الحيطة، ففي السبعينيات من القرن الماضي أنشأت سلسلة من المفاعلات البحثية الصغيرة. ومنذ عام 1986 أقامت مشروعا تجريبيا لمفاعل قرب إسطنبول. ويقول أولي هايونين، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا: “إنهم يطورون خبراتهم النووية” و”هي خبرة ذات كفاءة عالية”. وتوقع أن تتوصل أنقرة للقدرة النووية في مدى أربعة أو خمسة أعوام أو من خلال مساعدة قوة أجنبية، مشيرا إلى أن روسيا تلعب الآن دورا مهما في المشاريع النووية التركية.

وتصف تركيا مشروعها النووي بالمدني. ووافقت روسيا على بناء أربعة مفاعلات نووية في تركيا ولكن تم تأجيل الخطط. فالمفاعل الأول كان من المفترض أن يبدأ العمل فيه هذا العام ولكنه لن يشتغل إلا في عام 2023. والسؤال هو ماذا سيحدث للنفايات النووية من المفاعلات المدنية؟ فبناء قنبلة نووية ليس صعبا لكن الجزء الأكبر هو الحصول على الوقود النووي.

وعادة ما يكون المفاعل المدني طريقة للحصول على القنبلة. فتركيا لديها رصيد من اليورانيوم وعلى مدى عقود أظهرت أنقرة رغبة في التعلم عن التكنولوجيا الضرورية لتنظيف اليورانيوم وتحويله إلى بلوتونيوم. ويقول هانس رول، مدير التخطيط في وزارة الدفاع بالفترة ما بين 1982- 1988 بأنه رأى في تقرير 2015 أن تركيا تقوم بالعمل على نظام السلاح النووي وطرق إطلاقها.

وفي تقرير عام 2017 أعده معهد العلوم والأمن الدولي، وهو جماعة خاصة في واشنطن، جاء أن تركيا قد تقوم بمحاولة البحث عن سلاح نووي لتقوية وضعها وموقف تركيا الإقليمي. ونفت تركيا ما ورد في تقرير رول حيث أكدت أنها جزء من النظام الدفاعي للناتو.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي