
نهى عبد الكريم حسين*
تبدو عنايتي الشّديدة بالتّسمية مضحكة؛
فليس مهمّاً أن تكون رسالة وداع كمنديل مرّنخ بالدّمع
أو وصية تصيّرني بحيرة جليد.
ألتفت إلى السّاعة التي يملأ فحيحها المكان
ثمّة شيء موشك
أنصرف عن ذلك بدون تحديد اسم
مثل بيت لا عناوين تخصّه!
حينما كنت بعمر ليلى
طلبت من أمّي أن تعطي دميتي في ما لو أكلني الذّئب
لطفل لا أعرفه في بلاد بعيدة
تغضب إذ أقول ذلك وتصالحني بأحضانها
تسألني: لماذا لا يكون قريباً؟
فأجيبها: لا أريده أن يبكي كلّما تذكّرني!
كبرت قبل أن أقع في شراكه، وأدركت أنّنا نُنسى
أهرب من الحقيقة تلك إلى صوت درويش
إذ يقولها بوجع أقلّ في (youtube):
« تُنسى كمصرع طائر
كوردة في الثّلج
تُنسى « الانتحار طريق باتجاه واحد
لذلك لم أتوصل إلى المراسم المواتية لفعل ذلك
حاولت اقتباس بعض منها
عن رواية ثلاث تفاحات سقطن من السّماء
إنّ حكايتها مختلفة
ولكنّ أسحبها عليّ لاستغراق كلينا في الحزن!
– رتّبت المرأة فراشها
سيبدو هذا موجعاً لعائلتي؛ سيتأكدون أنّي مضيت بعيداً!
– سقيت الحبق في الحوض
لم أتمكّن من فعل ذلك؛ الماء مقطوع عن الحيّ منذ أيّام!
– فتحت النّوافذ التي تطلّ على الأبد
الطقس، هنا يعج بالغبار والصّخب
ما سيجعل جثّتي هامشاً للوحدة مرّتين!
– وضعت للعصافير قوت أيّام بسعادة غامرة
تركت الصّحن يابساً؛ أردتها أن تعتمد على نفسها!
– دخلت في النّوم كما تدخل امرأة إلى حوض استحمامها
تهجّأت الجملة عدّد النّجوم التي تسترق النّظر ع
لى بكائي بدون أن تضيء أكثر؛
لعلّي لم أتخلص من خوفي الطّفوليّ من العتمة.
أفشل في ترتيب الحافّة
إنّ ضيقها عند الأطراف يسبّب لي الدّوار
وخواء منتصفها يعضّ روحي
الهواء يتآكل في تلك المساحة
ربّما يريحه أن أتوغل في الموت أسرع!
لكلّ منّا أسلوبه في تنسيق حوض الزّهور
والملابس والطّعام والحبّ والموت
ولله أسلوبه كذلك الّذي لا يأخذ
فيه تفضيلاتنا على محمل الجدّ
الشّكل ليس شيئاً ذا بال
المعنى ليس شيئاً ذا بال
أنا لست شيئاً
بالمناسبة، لا أحد يلقي بالاً إلى كوني كذلك!
أتكوّر داخل قصيدة كما لو كنت سلحفاة قديمة
المطر في الخارج
وأنا كدالية عنب ما عادت تعرج إلى السّماء!
الشّمس في الخارج
وأنا كنهر جففته حرارة الحسرات إلى آخره!
اللّغة في الدّاخل
وأنا أبدّد الغصص الأخيرة بشرح
طفيف للوحشة على مرآى القصيدة!
٭ شاعرة سورية