دو تشانغ … من بوّاب في موقف سيارات إلى ملياردير!

خدمة الأمة برس
2019-08-14

 قد يبدو العنوان غريبا بعض الشيء بالنسبة إلى الكثيرين؛ فكيف يُعقَل أن يتحول بوّابٌ في موقف سيارات إلى ملياردير؟! يا ترى هل ورث ثروة طائلة عن قريب مجهول كان مغترباً في الولايات المتحدة أو البرازيل مثلا؟ بالطبع لم يحصل شيء من هذا القبيل، بل إن بطل قصتنا خاض مُعتَرك العمل بكل ما فيه من كفاح ونجاح وفشل وخيبات أمل، واستطاع أن يصل إلى ما وصل إليه بعد طول عناء وصبر وربَاطةَ جأش وإصرار على اللحاق بركب الأثرياء الذين يُشار إليهم بالبَنان. وحتى لا نُطيل عليكم، دعونا نبدأ في الكشف عن تفاصيل قصته الشيّقة، ونحاول أن نستخلص منها الدروس والعبر؛ فمن يدري، لعلها تُلهِم بعض من يقرأونها وتكون سببا في تحقيق أحلامهم بالوصول إلى أقصى ما يستطيعون في عالم المال والثراء.

 
وُلِد دو تشانغ، البالغ من العمر 64 سنة عاما، في كوريا الجنوبية. ومع أنه كان يرغب بالدراسة في الجامعة بعد أن أنهى المرحلة الثانوية، إلا أن ظروفه المادية حالت دون ذلك؛ مما جعله يكتفي بشهادة الدبلوم. واستطاع تشانغ أن يجمع مبلغا صغيرا من المال من خلال عمله في عدة وظائف واستخدمه في افتتاح محل صغير لبيع القهوة والعصير في أحد أحياء مدينة سيؤول. وكان هو وزوجته يعملان معا بجد ونشاط عَزَّ نظيرهما، يَحدُوهما الأمل في تحقيق حلمهما بالهجرة إلى بلاد العم سام. ومن أجل تحقيق ذلك الحلم، فقد تبنى تشانغ وزوجته خطة تقشفية صارمة لادّخار كل ما يمكنهما من مال. وقد تمكنا من الهجرة إلى لوس أنجلوس بعد ثلاث سنوات من العمل المتواصل في محلهما، وكان ذلك عام 1981.
 
ولأن كل بداية صعبة؛ فقد واجه الزوجان صعوبات بالغة في إيجاد فرصة عمل. ومما زاد الأمر صعوبة عدم إجادتهما للغة الإنجليزية، وعدم امتلاك ما يكفي من مال للبدء في مشروع بسيط. ولكي يتمكن من الإنفاق على نفسه وزوجته ويوفر كل ما يستطيع لبدء مشروع صغير، فقد اضطر تشانج إلى العمل في ثلاث وظائف في نفس الوقت؛ كعامل في محطة وقود، وعامل في مقهى، وبواب في موقف سيارات. ولك أن تتخيل – عزيزي القارئ – كيف كان يقضي يومه؛ فلم يكن يملك وقتا كافيا للنوم؛ فكان يغفو لدقائق بين كل عمل والآخر، والغريب أنه استطاع الصمود لمدة أربع سنوات متتالية على هذه الحال!
 
 
Image result for ‫محلات 21‬‎
والطريف أن تشانغ كان يسأل الأشخاص الذين يركنون سياراتهم الفارهة في الموقف الذي كان يعمل فيه عن طبيعة عملهم، وكانت نسبة كبيرة منهم تجيبه أنهم يعملون في تجارة الملابس. وقد استهوت هذه الفكرة بطل قصتنا وسيطرت على تفكيره، رغم أنه لم يكن يعرف شيئا عنها في ذلك الوقت؛ مما دفعه إلى القراءة والبحث عن هذا النشاط في كل المصادر المتوفرة باللغة الكورية. وبعد أربع سنوات تمكن هو وزوجته من شراء محل صغير في حي هايلاندر بارك الفقير بلوس أنجلوس.
 
افتتح تشانغ محله الأول لتجارة الملابس في أواخر عام 1984. وقد فوجئ بأن محله كان مملوكا لستة أشخاص قبله، عمل جميعهم في تجارة الملابس وفشلوا جميعا؛ نظرا لوقوعه في هذا الحي الفقير. ومع أن هذه المعلومات كان لها وقع سيء على تشانغ وكادت أن تحبطه، إلا أنه اختار المُضي قُدُما وعدم الاستسلام. ولأنه عَرَف كيف يتعامل مع زبائنه من حيث تقديم المنتج المناسب والسعر المعقول والخدمة المرضية، فقد أصبح متوسط دخله اليومي حوالي 100 دولار يوميا بعد مرور بضعة أشهر من العمل. وقد كانت توقعاته أنه سيحقق أرباحا تبلغ 30 ألف دولار في نهاية العام. إلا أن ما تحقق فعليا كان أضعافا مضاعفة؛ حيث حقق ما مجموعه 700 ألف دولار! وعندها أدرك تشانغ أنه في الاتجاه الصحيح وأنه سيصيب النجاح لا محالة.
 
 
 
Image result for ‫دو تشانغ‬‎
 
وقد لعبت قدرة تشانغ غير العادية على الادخار والتحمل دورا مهما في مسيرته العملية، واستطاع أن يستخدم مدخراته في الاستثمار و التوسع؛ ليصبح مالكا لأحد عشر متجرا في الولايات المتحدة الأمريكية بعد خمس سنوات فقط من بداية عمله في محله الأول، كما أصبح لديه علامة تجارية مشهورة خاصة به، يُسوِّق منتجاته من خلالها.
 
واليوم يعمل لدى تشانغ ما يقارب من 30 ألف موظف في أكثر من 500 متجر حول العالم، ويَقطُن في منزله الذي تقدر قيمته بحوالي 17 مليون دولار الواقع في حي بيفرلي هيلز أحد أرقى الأحياء الأميركية بجوار الأثرياء والمشاهير ونجوم الفن.
 
يقول تشانج: “التجارة ليست كسباقات الـ 100 متر، بل هي ماراثون طويل للغاية، ومن يعتقد أن هنالك سراً في نجاحي مخطئ، فأنا نجحت لسببين: لأنني كنت مثابراً وصابراً وقادراً على الادخار، والسبب الآخر هو أنني مؤمن بأن الإنسان الصالح يجب أن يُسخِّر جزءاً من ماله لمساعدة المحرومين؛ لأن الله هو من منحه القوة على الصمود لمواجهة التحديات والصعاب”.
 
ورغم أن تشانغ أصبح مليارديرا؛ إذ تقدر ثروته بأكثر من أربعة مليارات دولار، وأصبح من أهم تجار الملابس في العالم، إلا أنه لا يزال يحتفظ بمحله الذي انطلق منه في ذلك الحي الفقير؛ فهو يُذكّره ببداياته ويُلهِمه للاستمرار في طريق العمل الجاد وتحقيق المزيد من النجاح والثراء.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي