قصيدة - إفادات متأخرة من يوميات مليك منسي – عبدالناصر مجلي

خدمة شبكة الأمة برس الإخبارية
2015-12-27

 فاتحة

 
هذه تخوم مملكتي
وهذا مدى عرشي السليب
وهذا هو أنا عبد شمس سبأ
مليك النهايات المعاكسة في حدائق الرازقي
من خانته الجغرافيا وسيوف الرفاق.
 
 
 
مساء طويل نشعت فيه جرار الخمر
 
 
 
مساء طويل مستأبد على الأعناق نشعت فيه جرار الخمر
وأسدل الكهنة لسطوة النعاس الجفون
نام الجند عن أغنيات أكلتها ذئاب الجهات
وأنا وحدي أرُق عّ أطراف مملكتي بالأمنيات وأرق القات
وبصلوات قديمة لا تقبل فلسفة الأكاذيب
أسأل نفسي كم عمرا إضافيا أحتاج لرفع أنقاض
هياكلي مرة ثانية في وجه الشمس
.. أسأل فلا يصلني سوى أنين القبور.
أيها القات النابت في الوريد مثل حلم كاذب مذاب في كأس مرصود
أي أمنيات تصنعها لي في حومة هواجسك المسنونة بسلبية الأفعال
أنا المليك المسلوب الدساكر والثغور، كيف تصنع من عجزي نصرا له
 وجه صبي لم تدركه قابلات الفطام وألقيه بعد طقسك المراوغ في المتافل؟!
أيها القات .. يا عصفور النار الأخضر المشتعل في السير الغابرة
نشوة مدججة بالأوهام!!.
المملكة ثوب الفيافي الذي حاكته أصابعي عبر تاريخ حروبي المقدسة
لأجل إشراقة النجوم في وجوه الصغار
الصغار المنتظرين لآباء غي بَّتهم مكائد الأقطار
رياحيننا التي أتينا بها من حدائق أصلابنا كي
يصل الصوت إلينا عاليا فوق رقاب أعداء نهارنا الأبدي.
مساء طويل نشعت فيه أغنياتي التي أ رُتقُ بها فجور العالم
ليزهر لون الكاذي في عيون النساء النساء اليعربيات
زارعات البن والآلهات في وديان أشواقنا
المُرقشّة بهيل الحنين وصهيل الزعفران
في ليل الخليقة المخيف.
وإذن
فالفتح سورة عريضة الآيات في قصة وحينا المستديم
نشعت جرار الخمر والينسون والمجد مُ هرٌ علمناه
معنى الخضوع لأفعالنا البيض.
تخبرني العرافات بأن الليل الوثني الأراجيف بداية للأفول
والغزاة فئران ت نُقب في سدِّ جناتنا المنيعة.
مساء طويل أيها الكاهن الأعمى
والهزيمة كيمياء مؤسطرة تحرق قامات المآذن ،..
وإذن
فقد تيبسّت في حلوق رعاة المملكة رعشة الأناشيد
وأحرقت سوسناتنا جحافل المجوس وزعاف التتار
أي سيف مقدس لمسته أصابع الإله يعيد لي أنا عبد شمس سبأ
الشموس إلى مدارها باتجاه ظهيرة متأججة في لون الماء عبر الحقول
أنا الفارس اليعربي المسروق صولجان أشعاري وتاج القوافي
وإذن
فسأتخذ من رقص الصبايا كل عيد
بشارات لاستعادة المسلوب غيلة من بين الأصابع.
وحدي في هذا المساء الطويل
أرفو ثوب مملكتي وأرفع شعلة للغناء لا تنطفئ
مساء طويل تساقطت فيه أقمارنا وبيعت في بورصة الخيانات
وعواء الثآليل العمياء بين الأصابع
هزمتني أشواك النسيان
تمردت كلماتي عليّ وأقفرت الخزائن وثكنات الجند من المواويل ومقامات ال حك م.
وتسألني أيها الكاهن الأصم تجاوز التجاوز وحدود البكاء
تسألني النكوص وبيع إرثي المقدس ورفات الأجداد
والتوقيع على إعلان موتي ومحو سيرتي من صحائف التاريخ
تسألني إعلان وفاتي الذي يسلبني لون وجهي ورائحة أنثاي في الفراش
وبيع سيوفي للمتاحف كي أنعم بزيف الأمان.
هل النكوص عن قداسة ترابي وخفر النساء
مكرمة يدبجها التاريخ في مسودة الانهزام؟
وإذن لا خيار
الحقل مزهرٌ بشقائق النعمان
أو الموت مُ غنيا في ليل الهزيمة الوشيك!
مساء ميت يتمطى في سكرة القات
والفواجع تدب في الأطراف مثل نمل من ذنوب لا تقبل المغفرة
وإذن
سنتخذ الصبح مطية للمكان أو نموت على عتبات المراثي
مثل نخيل يعانق زرقة السماء ولا يناله دنس الخوف ونذالة السواد.
وإذن
الغناء كاملا من آخر الصوت
أو صلاة عجلى قبل الانكسار
لنعيد الخرائط في اتجاهها المتين البوصلات
وإذن
فقد أشُهرت في وجهي سيوف إخوتي العبيد وأبناء الدم.
وإذن
فأنا مليك أكل ذئب الحديد رغيفه في غفلة العسس
ونهش ضبع العمر أحجار فتوحاتي وبخور المعابد
وإذن
فقد صرتُ وحيدا أول الشرق
لا خليل يواسي وحدتي
أو موت يبعث العنقاء داخلي
كي أبدأ رقصة الثأر من جديد.
و
إ
ذ
ن
 
ليس سواي في مواجهة الملح والجراد !!
 
 
 
هنا سأخط تخوم مملكتي
 
 
 
 
هنا عندما أخط من جديد سماء المدائن وتخوم مملكتي المنسية
سأسمي الأشياء بتعاويذها في الألواح
سأنثر حبوب حنطتي في أديم الصخر وأحصد الرمان ،..
بغداد قامة القمح في لون "الحبهان" والكاذي
صرخة القيام وخطوة باتجاه وقت سن عُلمُ ه إستراتيجية العنفوان المُشف رَّ.
مأرب تميمة الكهرمان على جيد الحبيبة التي تستيقظ الآن
أنا المليك المنسي
باسم سهول القرفة وسماء القرنفل
أعلن العقيق اليماني ركنا وثيقا في مداميك انبعاثنا الجديد
أعلن الرمح قصيدة والأغنية سيفا في ليل بنات آوى
أعلنني شراعا لمركب سيقلع الآن باتجاه الجنتين
وسأواصل كتابة الخليقة،..
البحر صوتنا النبوي متخذا شكل الماء
والأزهار نوستالوجيا الضوء بين فواصل الكلمات والمعاني
والتراب أخانا وصندوق قصائدنا السحرية
وأعلن
بداية الحب والزيتون وطور أحزاننا
وهذه البلاد المتأبدة في شرائع النواميس والأنين .
أ
ع
ل
ن
الموت أمنية في ليل القتلة
لتصعد البراري إلى حزن الغيث وملكوت المطر
وسأرقم الأشياء في ألواحها وأبدأ العد والترقيم :
واحد
سنأتي المنايا من أطرافها ليستقيم وجه الهديل
اثنان
سنعد مسبحة الاستغفار في حومة الكرة القادمة
عشرة
سنعيد دورة الفضاء إلى مواقيتها
لينطلق سهم نبوءاتنا في جمر الأفئدة ومسك المشاقر
وسنبتسم في وجوه صغار أعدائنا ليعم سلام الأقحوان المحجّ ل
سلام الدعة والياقوت،..
سأعلن المفترض ليركع في حضرتنا المحال.
 
 
 
وعرة طريق الجياد
 
 
 
وعرة طريق الجياد
والدرب أغنية مهزومة في كرنفال النميمة
م ن يقف في وجه قبائل العرار وفرسان الزيزفون
وسيفي الأخضر بشارة معطرة في ليل القصب
أنا ابن الشمس
النجم دليلي إلى حيث تقودني جياد الحقول
والغد صفحة منقوشة بالحناء و"الزوامل" على بوابات العالم السبع.
أنا عبد شمس سبأ العربي
أول الطريق بين مكة والصيف
حادي القافلة بين حضرموت و"تطوان" المغارم وضجة الهبات
سأصُعّ دُ الموال كي يرقص النهر وت ثمر كائنات القصاص
أنا العربي المخاتل في فجُأة الرطانات
سأصُعّ دُ الموال لنجعل لأيامنا مسالكها إلى الجلنار
سأصُعّ دُ الجهات ضد المنافذ في وجه منطق الأوثان المبرمجة.
أنا سكينة الفجُاءات
سطوة الطير قبل اكتمال الغسق
احتمال النهايات الموشكة على الابتداء.
أنا.. أنا.. أنا
طوفان اللوز في ليل الحبيبة
وعسف الصواعق على صواري سفن مجهولة الوشم
في قيامات بحاري الهادرة
التي تستيقظ من نومها الوثني الآن.
 
 
 
 
هو الليل مال على قمح المساء
 
 
 
هو الليل مال
على قمح المساء ما بين "الأوراس" وتهامة
وانتزع فحولة الهيل من قهوتنا
رقص مستذئب في الأبد وفرح كاذب مرقش التفاصيل
تمن مدحور لاستراحة عابرة
فاتحة لنشيج مدوٍ في ارتجاف القصائد
فراشة الفصول الحجرية وفاكهة اليباس
صوتنا المكتوم من إطلاق صراخنا
مرة واحدة في حضرة الغرباء.
هو الليل
مال واستمال على معاني أشواقنا
ووقع حوافر الجياد في دهشة الرمل
ليلنا المستديم
وظل قتلانا في قبورهم المنسية في جغرافية الهزائم
يدخل فينا من بوابة البداهة
ليلنا الشخصي الذي لا ضحى بعده ولا ليل
إفك المعابد المضيء شماتة من اّ
في نومنا المسروق حق التمني لأحلام عابرة
كيف نخترق أسواره وسيوفنا عجين بائت من طحين الكلام
الليل المُ ميلُ المستميلُ المائلُ المآل
الذي أوله ليل وزمنه ليل وآناءه ليل الليل والإليال؟!
 
 
 
من هنا سيمرُّ الغزاة
 
 
 
من هنا سيم ر الغزاة إلى مبتغاهم من جميع
اتجاهات القلب المفتوحة على احتمالات متعددة اللغات
يحملون ذكرياتهم وبارود حروبهم القادمة
وعندما يطؤون بأحذيتهم زهو صباحاتنا
سيذكرون النساء اللواتي تركوهن خلفهم يغزلن قطن الانتظار
من هناك من أقرب نقطة لخط استواء الروح
سيأتي الغزاة ليفجروا في وجوهنا الخضراء أفعالهم المُ رّة عن الموت
سطورا وحشية من إصحاح هولهم الهمجي
وسيتركون مرارات ريحهم الغريبة في صدورنا
ويحرثون أرض أحلامنا المقدسة.
سيأتون ليعلموننا كيف نموت قريري الأعين ساكني الفجيعة
ملوحين لهم رجال العصف المأكول بمناديل
رعبنا الحضاري المهندم الذي منحوه لنا عن طيب خاطر
ولذلك
سنمنحهم دموع الأمهات التي يريدونها
وقوارير دمائنا الثمينة
ليصنعوا كرنفالاتهم على جثثنا اليابسة
كي تكتمل صورة المشهد باهية براقة
في تاريخهم المفتول من حبال أصواتنا الصقيلة الأنين
و "النحنُ" نحنُ " النحن"
سنعلمهم مقالة العطاء من أجسادنا وسنصنع من عظام قتلانا
نايات وفخاخا مرصودة بالتعاويذ لا تخطئ أبدانهم المعطرة
بالحنين إلى أرض خلفوها في ذاكرتهم المضيئة بالقتيل.
سنعلمهم كيف يقتلوننا ونحن فاغرو الأعين نابضو الأفئدة
سيمرون مدججين بأعلامهم وموسيقى جنائزهم
في حروب السموم الخارجة من أضابير تاريخ مصاب بانهيار عصبي
سيدركون حينها أن بغداد أو بيروت أو ربما وجه البحر عدن
مدن مخاتلة لا تهادن الغريب .
سيأتون مثل قصة حقيقية لا أصل لها
مزنرين بحقد يتلبسهم كمثل لعنة أيقظتها أحقاد الحقب
وبحراب التكنولوجيا المُشف رَّة
وبرسائل أمهاتهم أمام مواقد الشتاء
وهواجسهم المبلولة بنار الخوف
يسبقهم دعاؤهن بالنصر على أمهاتنا صانعات الخبز والمواويل.
سيمرون ونحن نحن لا نبرح متاريس موتنا المباح
ظهرنا إلى ظهر إله قديم لا يخون
وسننشد مواويلنا في حضرة الغزو المعصرن
وسنباشر نساءنا كبشر يعزفون قصائد الحب كل حين
ونحصد سلالاتنا من الأجداث والأصلاب.
سيأتون
ونحن معزوفة سبئ ية في ليل الهزائم لا تموت
وهم هم
طلقات عمياء في وجه طفولة الزمرد.
منهم زعقاتهم المدبلجة جيدا وراء سطوة الفولاذ
ومن اَّ حكايات جداتنا عن الحب بعد كل صلاة
لهم سلاسل البرونز ولنا زهر البراري وابتسام الشذروان
وهم هم
ونحن نحن
لونان من نار وماء.
سيأتون ليحرقوا سوالف صبحنا الغساني بأغنياتهم العجماء
وسنمنحهم أجسادا لا تعرف الموت
أجسادا دُ ربت تاريخا طويلا على الاشتعال
تحت كذب الوقائع ومكر الرماد.
سيأتون ويذهبون ريح خريف باردة
ونحن ربيع أزلي يطل على شرفة الحياة.
يأتون
ويذهبون
يأتون
ويموتون
كأعجاز نخل لا جذور لها في ساحاتنا العالية.
 
 
 
حسنا يا آخر الغزُاة هيا نحتسي القهوة معا
 
 
حسنٌ يا آخر الغزاة في قبره المنسي هيا نحتسي القهوة معا ونم ج ما شاء لنا ملكوت التبغ من لفافات
 ثم نثرثر قليلا عن هذا الحزن الذي يزورنا خفيفا كرائحة الياسمين
ويبقى محفورا في الأفئدة مثل أغنية قديمة لا ت نُسى
ولا بأس إن تصافحنا بالأيدي ونحن نمر أمام الباعة
الذين قتلوا الإنسان في كل مكان وطأته أقدامهم
وفي أماكن نسيتموها وظلت عالقة في أذهاننا.
المحاربون القدامى كما تسمونهم
والقتلة الممسوسين بالرعب الذين يشهدون
على بربريتكم المغلفة بورق الحضارة.
لكم ثكالاكم وصباحاتكم المنسية
وقتلاكم الذاهبون إلى قيامات مصنوعة على عجل
في بطون كلاب البحر وفي مجاهل غابات موشحة بأحزان الشعوب
لكم طريقتكم في صنع أكاليل المجد وتشييد أقواس النصر
على جثثنا ودكنا بدبابات إلهكم الحجري
ولنا
لن تستطيع سطوتكم أن تمنعنا من ذلك -
لن تقدر على دك آخر ا لحصون في نفوسنا -
طريقتنا البدائية مثل عشب البراري في تمجيد سيوف أحزاننا المثلومة
وصنع مداميك بعثنا القادم من هباء الهباء.
ومع كل هذا فبيننا أشياء مشتركة
التبغ والقهوة
بسمة الأطفال ولون الدم
زُرقة السماء ومواعيد الغرام
ث م طرق عديدة تؤدي إلى تصالح الأضداد واختلاف الأغاني
كأن أضع يدي على كتف عجوز تقرأ اسم عزيزٍ لها
ثبتته المنية على سواد لوحة القتلى التذكارية المرمر
لن أخبرها بكل الوجع الذي صنعه لنا فتاها الغالي
لعله أنت - -
سألتزم الصمت
لن أبتسم أمام النصُ ب المسروقة من نشيج آخر هندي
على هذه الأرض التي تمجد نصركم الميت
وسطوة القسوة ومنطق الحاسوب، وسأسأل
م ن قتل الآخر.. أنتم أم نحن،
و م ن زرع الرماد على شفاه الصغار
رمح المدافع عن تراب أجداده أم حديد البحر
وأقراش الأعالي التي تمطر النار؟!
لن تستطيعوا إجبارنا على النسيان
فذاك فوق فوق الفوق مما تحتمله أساطيركم
252
قد نسامحكم ذات يوم
لكن ليس قبل أن ينطق الدم ويعود قتلانا من الأجداث
ليس قبل أن تخضر الفصول في عيون اليتامى أو يعود أمس اليوم
أو تشرق الشمس من خبز أيامنا المحروق
لا خيار
التاريخ في مواجهة العمى
وسنرى!.
 
 
 
قمرنا معطل ونجومنا مستباحة
 
 
نجومنا معطلة وقمرنا مستباح
هذا القمر الذي انتظرناه أغنية أغنية
حتى جفت قصائدنا على جدار الوقت.
أي اتجاه
سنتخذ ليؤدي بنا إلى الصباح المتأخر،..
تحطمت بوصلة العمر
وما لامست حروف انتظارنا غاياتها.
هل الحرف سيف والصمت مشنقة تنتظرنا
على بوابة الخروج من سكوننا المعتاد؟!
سندقّ آخر المسامير في ظلنا المقتول ما بين طنجة وصنعاء
لنعيد سيرة العنقاء الساكنة فينا،..
سنأخذ الصوت من آخره
لنجعل ضحانا يثب من كتب التاريخ المتربة وسوسيولوجيا الأطلال
نجومنا عذارى مستباحات في ليلنا النووي وجعجعة الأناشيد
هات النشيد المُ ب رمجُ بقصة الأمجاد المندثرة واصنع من غباره
كؤوسا مترعة بالأسى في احتفالات الوحشة والحنين
سنجعل الحشد معقلنا بعض الشيء
لينصت مضطجعا على جنبه الأيمن
إلى نفير القيام وآذان الترصد ،..
"عنترة"
سيمحو عن العشائر عارها قبل استفحال الدوم والخمط
في بيداء آخر وقتنا المسروق
"بلقيس"
ستنشد بطريقة عصرية أمام الغرباء قصيدة الدم المحال
وخفر الصبايا القتبانيات وراء حديد الغزاة
"ذو نواس"..
لإعادة الخرائط مسفلتة هذه المرة باتجاه البحر
"المتنبي"..
سيرفض نبوءته ويبدأ في ملاعبة الأقنعة وما تخفيه طيور النحاس
"صلاح الدين"..
لدحر رعبنا المدلوق أمامنا مثل حليب خث رَّه فساد الأمكنة.
254
قمرنا مستباح وخمرنا البدوي مراق على موائد التتار
فمن من اَّ سيشعل في الأوردة بقايا ذاكرة ممحية الأسماء والعناوين
كي يزهر النرجس في هجير الربع الخالي وفي مضارب بني هلال؟
هذا الليل حبر أسطوري لا ينفد بعد ألف عام من القصائد
خذ يا أنت المقتول خيط دمك واصنع منه فجوة
بحجم الخوف المتمترس في الأحداق لنخترق المستحيل
تعبت مطايانا وما م ن حبيبة آخر الدرب
مات بيلسان الأمهات في مزهريات العويل
عجزت أظافرنا عن حك قشرة الأبد الميت فينا.
النهار
وليد يتيم المحي اَّ في زفة الخديعة الواقعة
والفجر رضيع غزاه الشيب قبل الأوان الوثني الأكاذيب!
أي حرف مأربي من دمائنا سيصنع مصيدة المطر
وأي مدن الرمل ستكسو عري الجسد الهتون الدمع والتاريخ؟
دبجوا وجه المواويل ليغدوا القات
برتقالا مشرقا في صفصافة الروح
أعدوا كرائم الأوتار لنعزف "مارش" المناسبة
هكذا أسمي الأشياء بصفاتها ،..
دمشق:
زهرة برية في حياد الأعراف
القدس:
أغنية مسروقة تيبست على الأسوار
النخيل:
سيوف مشرعة في وجه الهباء
الصمت:
سجيل يكتسح جمهوريات الرمل والقصاص
النيل:
خنجر في غمد علاه الصدأ سي مُتشق الآن
و"أبو تمام" :
صوت عجوز أدركته الوقائع بحكمة الثلج
وريح الفواخت على أبواب عمورية منسية.
هكذا أردد القوافي ،..
دجلة :
جواد كلداني يخب في مسائنا المتردد بفرح مفقود
والقصيدة سهم يصيب كبد المعاني ولا يصل
والطريق مختصرة إلى الحناء
وأنا أعيد ترتيب المشاهد.  
 
 
 
خذ شيئا ما وانصرف يا رسول الهلاك
 
 
خذ شيئا ما وانصرف من حكايانا يا رسول الهلاك
خذ دمع السماء لتصنع منه شموسا مقلدة لفرحك الشخصي
خذ حزمة أودية وقفارا ومفاوز لتعيد خلق أناشيدك الكاذبة من جديد
خذ قاتا أخضر لتورق عيناك بأساطير النهاية المترجمة
خذ حجرا مزيفا وأعد بناء بيت الكون القديم
خذ هزائم وأغلالا ومشانق وخوازيق وأسرى وأرامل
وابدأ كتابة الخليقة من بوابة المحو
خذ شمسا مهجورة وقمرا سكرانا ونجوما موقوفة عن العمل
وضعها في جراب مثقوب وغني للظلام
خذ بحرا وا فرغه من مائه وزرقة الظل
خذ شهيدا متقن التحنيط وضعه في شرفة البيت المغتصب
لتدرك معنى الانكسار.
خذ قصيدة لأبي فراس الحمداني واجعل منها بالونات ملونة
في عيد ميلاد الحرب الطويلة الفواتير والقمر الم طفأ الغرام
خذ دمعة أرملة وعويل أم وخوف متوحش في عيني رجل عجوز
لتشعر بمخلوق القهر المدفون في الأضلاع
خذ رملا وأحجارا ونخيلا اصطناعيا وشيد مدينة لا إسم لها
خذ التاريخ من ياقته وعلمه تدوين لغة البارود وقداسة الغزاة
خذ ترابا وازرعه في حقول الأنهار الميتة
لتطعم معنى الملح وسر الظمأ
خذ يبابا ونوارس وحيتانا مقاليع ورماحا وخيولا مطهمة
أفلام جنس وأدعية ون ذُر
عذارى ومومسات
ظلا وضلالا جنة ونارا شرقا وغربا إله الموت المجنون الذي تعبده ويدفعك للقتل كي ينام مطمئن البال
حجارة وشعيرا .. كلابا وقوافل
دروبا وأزقة.. كيمياء وحاسوب
رقي وتعاويذ.. ليل وفجر
256
حنطة وأثلا مديحا و
هجاء
لذة
أ
و
شيطانا ،
أو لحظة وصل مع أي امرأة تبرأت من دمها القبائل
وكفرا سريعا ينتظر المغفرة من رب الجنود.
خذ أي شيء
أنت أو ظلك
وأول المشيئة فيك
وحقدك القديم
أ
و
العصر بقرونه الواهية
أ
و
الزمان المحطوم الأسنان والمفاصل
أ
و
الأيام الفائتة عبر الحقب تخشى عارها المكحل الأظافر.
خذ ما شئت إلى حين وامض
إلى خارج حدود فرحنا المتطاول
ولي هذا النهار
وحرف أخير من سورة الريحان ودهن الأراك.
 
 
 
هذا الزمان الذي لا زمان فيه
 
 
هذا الزمان الذي لا زمان فيه
محض نتوءات متداعية على جبين الوعول
قلعة محصنة ضد دخول الغزالة
إلى معنى الركض في روح البعيد.
زمان
ملفع بالغيم والبيد والخيول القتيلة الأعراف
ينهمر من الأغاني الحزينة في ليل المرافئ المنسية المنافذ
بذرة الانمحاء لمن كانوا وحفرة أبدية لا قعر لها أو أبواب
يواصل زحفه في الجنبات مثل لص يسرق شمعة العمر
الخائفة الجراد ومجوف الفحم
له رائحة الوحشة إذ تستيقظ من مقاتل النحاس
وقعر المحيطات التي لم تتشكل بعد لعطل طارئ في مشيئة الفولاذ
وصوت الديناصورات قبل الانتحار الكبريتي المتأرجح النواصي.
زمان
مدجج بالرايات المنكسة الألوان المواربة الرفرفة والخفق
المُصاب بفتق في سُرة الكائن المسروق بشارات الخلاص.
زمان
فقد ذكورته منذ أن صارت فضة الطير
تقبل من الغامض الوحشي بتهاليل القحط واليباس
فقد قبل ت ش ي ئ ه صيرورة انبعاثه وطاح مثل سيف أكله الصدأ
في قفار أوردة متحجرة النوق وجمهرة اليود وبذخ الأسيد.
زمان
لا ظل فيه ولا حنين كمثل فيلق مهزوم يسعى إلى القتل
ليس له أم تهدهده عند النوم
أو حبيبة تفلي رأسه من قمل الوساوس وزغب الحكايات
أوله آخره ونشوره تقصف طلح غريب.
فلمن ست غُني المزامير..
للشواهد السائرة على قدمين إلى حتمية الزئبق
أم لأزهار شوكية الضفادع تسمى قفلة الغبار؟!
زمان مخاتل
يرصد أنفاسه فوق جباهنا وينتزع من بين الحنايا خفقنا الخجول.
قفار مُ رة هو ونحيب طويل في مأتم ظله السحيق
بحار يؤججها عويل رماد الرماد وسم الجراد
كيف نخلص من قيده النووي نحن الساعين إلى فرح مختصر
ليس له خارطة تأخذنا إلى دهشة المعنى ونشوة التيه .
موت المدن على خرائط اليباس
ونواح نساء يبكين قتلى لا يعرفنهم
لكنهم زرعوا في حقولهن الخصيبة أغنيات لا تنام
كيف ي دُرك هذا الجامد الخرافي
هل تنتابه لذة الضحك ودغدغة المديح
عندما يلد الربيع أفراخه الملونة الحكايا
هل يبتسم لمخلوق المطر حينما يحبو في القفار
هذا الزمان
الذي لا زمان فيه ولا زمان
كيف خلع على مملكتي لبوس السواد وأنا أوله ومنتهاه
وفي أي قيلولة دهمني دون استئذان من عفاريت المضارب؟!
لذلك
سنتخذ القصيدة سيفا يتقن القفز
فوق أسوار العاديات والحكايا الهجينة
ليأتي لنا بلون ضحكات أمهاتنا قبل الحداد
سنشعل نار جاهليتنا البائدة على الأشهاد
لنضيء ليل المباغتة الطويل.
هذا الزمان
الملون بالقوارير والغرانيق والغرقد وجفاف التراتيل
سنتخذ الشرق مئذنة والسماء دعاء ي علم سر الاستجابة
والأرض سنعلمها كيف تحبل بالبشارة المُرّ ة التين وشعير الثأر ورمان التعاويذ
وكيف تكون أغنية شاهقة الرقم لاقتحام الجدار.
سنتخذ الزمان ضد الزمان والمكان ضد التسميات
لنلج إلى سدرة منتهانا وشجر الأناشيد
سنتخذ البحر عضدا والنهر موالا يلهب ظمأ الصحارى
بأشجار أصواتنا وخضرة الضلوع.
هذا الزمان الذي لا زمان فيه
قيامة ميتة قبل القيام وانتحار مبجل المقاتل..
سنتخذ الشذروان غصن سلام مسنن القوافي
ل نفلق وجه المقت وحذاقة الطحالب
لنقهره هذا التنين الممتد ما بين شراييننا وتمر شعيرنا وخمر الكلام.
هذا الزمان
الزمان .. الزمان
الجثة الهائلة في فضاء قيامنا الأخير.
 
 
 
 
 
 
إشارات:
 
الشذروان: نبات بري زكي الرائحة يزرع في اليمن. -
القتبانيات: جمع قتبانية والمقصود الأنثى، نسبة إلى الدولة القتبانية التي ظهرت في اليمن قبل الإسلام. -
عبد شمس سبأ: مؤسس الدولة السبئية وقد سمي سبأ لكثرة ما سبا في فتوحاته وغزواته وأعظم ملوك العرب في التاريخ. -
المتافل: سبق شرحه -
الكاذي: زهر بري زكي الرائحة. -
الزوامل: جمع زامل وهي أناشيد كانت تقال قبل الحرب وصارت الآن إرثا شعبيا .ً -
عنترة: هو عنترة العبسي. -
بلقيس: أشهر ملكات العرب في التاريخ، وعاشت في اليمن. -
ذو نواس: هو ذو نواس الحميري آخر ملوك الدولة الحميرية، قاتل الأحباش وحين هزم قتل نفسه خشية عار الأسر. -
المتنبي: هو الشاعر أبو الطيب المتنبي. -
صلاح الدين: الناصر صلاح الدين الأيوبي. -
أبو تمام: الشاعر ا لعربي الشهير. -
 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي