
*طارق الكرمي
(الذي لا يبدأُ ولا ينتهي)
يا خيطَ الصّنارَةِ..يا خيطاً في آخرهِ يتلألأُ القلبُ طُعماً..يا خيطَ الصِنّارةِ يا حبلَ العُروَةِ الوُثقى....يا حبلَ الوَتينِ..أيها العصَبُ المُلتوي مشدوداً..هلْ كنتَ إلاّ عَصبي الذي يَتَلوّى.. يا منْ يَجعلني ذا النّونَ..يا دُخاناً في مداخنِ بيوتِ القرى..يا شيئاً يَحُزُّني 7 في 7 في 7....يا وتراً لِمعازِفَ لا تُعزَفُ..يا وتراً لِقياثِرَ منْ صخرٍ وملحٍ..يا لُعابَ البرقِ في شفةِ اللهِ و في نحرِ السّماءِ..يا ذَنَبَ الرّعدِ إذ يَخنُسُ في جيبِ غمامٍ لا أبصِرُهُ..يا شعرةً منْ خُصَلِ حورياتِ البحرِ..يا فِضّةَ ما يَجدِلُهُ النّدى في موهنِ ليلِ السّاحلِ..يا للبحّارةِ أنتَ سُبحةُ أسماءٍ حُسنى..يا نوْلَ العنكبوتِ شِباكاً للصّيادينَ وفَخّاً أدخُلُهُ أعمىً..يا صَخَبَ الإهليلِجِ إذ يندلِعُ القزُّ..يا درباً أسلُكُهُ فِ السّرى البحريِّ..يا صراطاً أضطرِبُ عليهِ..يا أنتَ نبضي الذي يَشبُكُ القلبَ بالنّجمِ...هلْ أنتَ إلاّ جسدي الذي يَنحُلُ..
وهلْ ستكونُ إلاّ خيطَ الصّنارةِ..فَكُنْ ما يَعقِدُني والفيروزَةَ..واللؤلؤَةَ السّماويّةَ..كُنْ ما يَشُدّني طائرَةً (من قصبٍ وسعفٍ) إلى النَّجمِ المُغتلي فِ المياهِ..يا الذي لا يَبدَأُ ولا ينتهي أيها الخيطُ..كُنِ الخيطَ الذي يَحبِكني فِ القميصِ المُمَوّهِ..دَرزَةً في مِعطفِ العُشبِ ..أيها الخيطُ كُنِ الخيطَ الذي يَنتَسِلُني مِنْ قميصِ المِياهْ..
*السّادِسةُ فجراً 9 تشرين أول
طور كرم
(حيثُ الممْشى)
فِ الشّارعِ كانَ (وسوفَ يظلُّ) الشّارعُ سماءً تتنفسُ خطى النّاسِ..فهلْ ظلَّ الشّارعُ السّماءَ التي تتنّفسُ خطى النّاسِ .
فِ الشّارعِ الأشجارُ التي تخطو لتكونَ النّاسَ . والنّاسُ الذينَ يخطونَ أشجاراً. أيضاً فِ الشّارِعِ العجوزُ تبيعُ اليانسونَ والبابونُجَ البلَدِيَّ، الفتى بائعُ العِلكةِ الحافلاتُ المدرسِيّةُ الدّكاكينُ حينَ فوقها الضّحى فِ السّوقِ.
الشّارِعُ هذا ملعبُ الجواسيسِ. ملعبُ الوطنيينَ الأفذاذِ وقساوِسَةِ المسجِدِ.
الشّارِعُ يصيرُ في لحظةٍ ثكنةً ..يصيرُ كورنيشاً للفتياتِ.
كمْ للشّارِعِ أن يختنقَ. وكمْ للشّارعِ أنْ يهدَأَ في عيونِ من ينتبذونَ شايَهُمْ عمّالاً في مقهى الرّصيفِ. المُشَرّدُ عازِفُ السّاكسِ يعطي للشّارِعِ أن ْ يكونَ المُحْتَفَلَ الأوحَدَ.
الليلُ بعدَ ساعةٍ سوفَ يُرخي موجَهُ ليدخلَ فِ الليلِ
قد يهبطُ الثّلجُ
شعرربما سيهبِطُ الغيمُ ليكونَ إسفلتاً من القطنِ
ربما سيعقدُ البرقُ صلاصِلَهُ
و فِ الليلِ ربما يتمَدّدُ الشّارِعُ أو يُصبحَ الطريقَ فِ السّمواتِ
والطّريقَ إلى السّمواتِ
الليلُ سوفَ يهبطُ بعدَ السّاعةِ تقريباً و
سوفَ ينفضُّ النّاسُ
عن هذا الشّارعِ المدهونِ بأسماءِ النّاسِ
سوفَ يبقى الشّارِعُ وحدَهُ المُسمّى
سوفَ يبقى سماءً ثامنةً
سوفَ يخرجُ الشّارِعُ مهجوراً ليَتسكّعَ فِ الشّارِعِ
وسيظلُّ الشّارِعُ وحدَهُ يَحلُمُ بالشّارِعْ..
15 حزيران طول كرم
(فتاةُ الشوكولاتَةِ)
في ساحةِ السكويرِ سيتي (حيثُ الظّهيرةُ تتحمّصُ بشمسِها)
ثمّتَ مُراهقةٌ زنجيّةٌ أشترتْ لوحَها الشوكولاتَةَ و
أنتَ أيضاً في ساحةِ السكويرِ سيتي ترقبُ المَشهَدَ تحتَ شمسِ الظّهيرةِ . ترقبُ مُستذوِقاً بعينيْ ثعلبٍ المذاقَ المُسكِرَ هذا. لكنّكَ تخشى في فرنِ الظّهيرةِ أنْ تذوبَ فتاةُ الشوكولاتةِ . أنْ تذوبَ الفتاةُ الشوكولاتةُ.
و
ما تزالُ ترقبُ حتّى اللحظةِ كيفَ تتمطّقُ هذي المُراهقةُ الزّنجيّةُ لوحها مُنتشيَةً . كيفَ تشَهَيْتَ هذا المَشهَدَ المُنزَلَ لتقولَ لفتاةِ الشوكولاتةِ مُرتجِلاً الأغنيةَ : كمْ أنتِ القالَبُ المُشتهى . كمْ أنتِ أفخرُ أنواعِ الشوكولاتةِ...
كمْ أنتِ الشوكولاتَةُ المُستحيلَهْ.
ظهيرةُ 19 حزيران
*شاعر من فلسطين
[email protected]