
واشنطن- دخلت الولايات المتحدة الأربعاء 5 نوفمبر 2025، في اليوم الـ36 من الإغلاق الحكومي، محطّمة الرقم القياسي لأطول تعطل للموازنة في تاريخ البلاد، فيما يتسع نطاق تداعياته التي تطال ملايين الأميركيين.
وبدأ الإغلاق في الأول من تشرين الأول/أكتوبر عندما فشل الجمهوريون والديموقراطيون في الاتفاق على خطة إنفاق موقتة تحافظ على التمويل الحكومي. ولدى انتصاف ليل الثلاثاء، تجاوزت مدّة الإغلاق رسميا الرقم القياسي السابق المتمثّل بـ35 يوما والمسجل في العام 2019، أثناء ولاية دونالد ترامب الرئاسية الأولى.
وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون في مؤتمر صحافي في مبنى الكابيتول الثلاثاء، "سأكون صريحا معكم، أعتقد أن أحدا منا لم يكن يتوقع أن يستمر (الإغلاق) كل هذه المدة".
ودخل الإغلاق الحكومي يومه الـ36 بعد فترة وجيزة من الإعلان عن نتائج انتخابات رئيسية حقق فيها الديموقراطيون انتصارات كبيرة.
وانتُخبت الديموقراطيتان أبيغيل سبانبيرغر حاكمة لولاية فرجينيا ومايكي شيريل حاكمة لنيوجيرسي، بينما انتُخب الديموقراطي التقدمي زهران ممداني رئيسا لبلدية نيويورك. وفي كاليفورنيا، وافق الناخبون على نص يهدف إلى إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية للولاية، ردا على خطوة مماثلة قام بها الجمهوريون في تكساس.
وتشكّل هذه الانتخابات مقياسا للأشهر التسعة الأولى من ولاية ترامب الثانية، كما تنعكس تداعيات الشلل الحكومي في النكسات الانتخابية لحزبه.
وقال الرئيس الجمهوري في منشور على منصته تروث سوشل، إنّ "(اسم) ترامب الذي لم يكن على بطاقات الاقتراع، والإغلاق الحكومي، هما السببان وراء خسارة الجمهوريين للانتخابات هذه الليلة، وفقا لمعاهد استطلاع الرأي".
- 42 مليون أميركي -
على الجهة المقابلة، كانت الأجواء أكثر احتفالا.
وقال زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز في منشور على منصة إكس، إنّ "الديموقراطيين هزموا دونالد ترامب والجمهوريين المتطرّفين في جميع أنحاء البلاد".
وتأمل المعارضة الآن في استخدام نتائج الانتخابات للتأثير على مسار إقرار الموازنة، فيما أصبح الأميركيون يشعرون بتبعات الشلل الحكومي بشكل متزايد.
وتوقف مئات الآلاف من الموظفين الفدراليين عن عملهم، بينما تمّ تأجيل صرف أجورهم، وأُجبر مئات الآلاف على مواصلة عملهم من دون أجر إلى حين انتهاء الأزمة.
كذلك، تعطّلت المعونات الاجتماعية بشكل كبير.
وفي ظل نفاد الأموال المخصصة لبرنامج المساعدات الغذائية، تعهّد الرئيس الأميركي الثلاثاء تجميد توزيع هذه المساعدات التي يستفيد منها 42 مليون أميركي، وقال إنّها ستُمنح "فقط عندما يفتح الديموقراطيون اليساريون المتطرفون الحكومة، وهو ما يمكنهم فعله بسهولة، وليس قبل ذلك!".
لكن القضاء الفدرالي أمر الإدارة بالإبقاء على هذه المساعدات، وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت الثلاثاء أن الحكومة ستمتثل لقرارات القضاء.
وأضافت ليفيت "على المستفيدين من برنامج +سناب+ (برنامج المساعدات الغذائية التكميلية) أن يدركوا أن تَسَلُّم هذه الأموال سيستغرق وقتا، لأن الديموقراطيين وضعوا الإدارة في موقف غير مقبول".
- "فوضى عارمة" -
تشهد المطارات أيضا حالة من الجمود، حيث يؤدي النقص في مراقبي الحركة الجوية إلى تأخير الرحلات الجوية وإلغائها.
وقال وزير النقل الأميركي شون دافي في مؤتمر صحافي عقده في فيلادلفيا "إذا مددتم (الأزمة) أسبوعا من اليوم، أيها الديموقراطيون، فسترون فوضى عارمة... وتأخيرات كثيرة في الرحلات الجوية".
في الكونغرس، لا يزال كلا الجانبين مصرّين على موافقهما، إذ يقترح الجمهوريون تمديد الموازنة الحالية وفق مستويات الإنفاق ذاتها، بينما يطالب الديموقراطيون بتمديد الدعم لبرامج تأمين صحي للأُسر ذات الدخل المنخفض.
وكشفت مجموعة مستقلة من الحزبين، تضم أربعة أعضاء وسطيين في مجلس النواب الاثنين عن إطار توافقي لخفض تكاليف التأمين الصحي.
ويرى الديموقراطيون أن ملايين الأميركيين الذين سيشهدون ارتفاعا هائلا في أقساط التأمين الصحي السنة المقبلة سيضغطون على الجمهوريين للسعي إلى التوصل لحل وسط.
وفي ظل القواعد المعمول بها في مجلس الشيوخ، فإن إقرار الموازنة يتطلّب الحصول على عدة أصوات ديموقراطية، وإن كان الجمهوريون يتمتّعون بالأغلبية.
لكن دونالد ترامب يرفض أي مفاوضات مع الديموقراطيين بشأن برنامج الرعاية الصحية، قبل "إعادة فتح" الحكومة الفدرالية.
وظهر الثلاثاء، رفض مجلس الشيوخ للمرة الـ14 الاقتراح الجمهوري بشأن الموازنة. وكما جرت العادة منذ التصويت الأول، لم يصوّت لصالحه سوى ثلاثة سناتورات من المعارضة.