
قال الكاتب اليهودي الأمريكي دانيال سوكاتش إن اللحظة الحالية هي لحظة حساب حاسمة بالنسبة لكثير من يهود أمريكا الذين أصبحت مؤسساتهم متورطة أخلاقيا في القتل الجماعي في قطاع غزة، وتساءل عن الخيارات المتاحة أمامهم، وهم الذين يرفضون الدفاع عما حدث في غزة لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون أن يتخلوا عن إسرائيل.
وأضاف في مقال له بصحيفة هآرتس أن إسرائيل لطالما كانت محور هوية كثير من اليهود الأمريكيين الليبراليين، وقد شعروا مؤخرا بالرعب من التحول المتطرف والقومي المتشدد داخل إسرائيل.
وذكّر الكاتب -وهو الرئيس التنفيذي لـ”صندوق إسرائيل الجديد” ومؤلف كتاب “هل يمكننا التحدث عن إسرائيل؟ دليل للفضوليين والمحتارين والمتضاربين”- باستطلاع الرأي الذي أجرته واشنطن بوست في وقت سابق، والذي أكد أن 61% من اليهود الأمريكيين يقولون إن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في غزة، ويقول 4 من كل 10 -وهو رقم مذهل يوضح الكاتب- إن إسرائيل مذنبة بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
وتابع سوكاتش أن اليهود الليبراليين الأمريكيين مصدومون من أن الكثير من الإسرائيليين، والعديد من مؤسساتهم، على استعداد لتبرير التدمير الكارثي لغزة والقتل الجماعي الذي حدث هناك.
وذكر الكاتب أنه وفقا لاستطلاع أجراه مركز آكاورد في الجامعة العبرية يعتقد ثلثا الإسرائيليين (64%) أنه لا يوجد أبرياء في قطاع غزة.
وأكد أن هذا أكثر من مجرد انقسام سياسي، فهو “فجوة أخلاقية”.
وشدد أن الأمر لا يقتصر على اليهود الأمريكيين، فحتى مع وجود وقف لإطلاق النار في غزة، فإن إسرائيل تفقد الدعم الدولي، فقد اعترف عدد من حلفائها القدامى بدولة فلسطينية، وقال أكثر من نصف البالغين الأمريكيين إنهم يحملون رأيا سلبيا عن إسرائيل.
واعتبر أن “النقد مطلوب لأننا لا نستطيع أن نبقى صامتين في مواجهة السياسات التي تتسبب في مقتل عشرات الآلاف في غزة، وتدمر مكانة إسرائيل الدولية، وتعرض اليهود في جميع أنحاء العالم للخطر”.
وأشار إلى حالة الاستقطاب داخل المجتمع الإسرائيلي، وقال إنه لا يجب أن تكون “الانتماءات القبلية القديمة” هي المحدد الوحيد لهوية الإسرائيليين، بل لا بد من خلق انتماءات جديدة لقبيلة تعطي الأولوية لحقوق الإنسان والتعاطف وقدسية الحياة، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنسية.
وحث الكاتب على ضرورة انتقاد المؤسسات الإسرائيلية بسبب فشلها الأخلاقي، موضحا أن ذلك لا يعني التخوين أو الرغبة في العقاب، بل من منطلق الرغبة في مساعدة تلك المؤسسات على إيجاد مخرج، وتابع “لا يجب أن يكون الدعم للحكومة الإسرائيلية غير مشروط إلى هذا الحد”.
وأكد أن المواقف غير المتوازنة تفقد قوتها ليس فقط بين اليهود الأمريكيين، ولكن أيضا في الحزب الديمقراطي، المقر السياسي للغالبية العظمى من اليهود.
وقال إنه إذا لم يتحرك اليهود لتصحيح الأوضاع، فإنهم بذلك يسمحون بالانهيار، ويتابع “إذا تصرفنا، فإننا نؤكد أن اليهود الأمريكيين يمكنهم حب إسرائيل دون أن نفقد أرواحنا، وأن الحب الحقيقي يتطلب الشجاعة والوضوح والضمير”.