
حذر مقال في صحيفة هآرتس من أن الخطر الأكبر على أمن إسرائيل لم يعد يأتي من أعدائها الخارجيين، بل من السياسات التي ينتهجها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ أكثر من عقد ونصف العقد.
ووفقا للمقال الذي كتبه ناشر الصحيفة ورئيس مجموعة هآرتس عاموس شوكن، فإن الاعتراف بدولة فلسطينية لم يعد "تنازلاً"، بل أصبح "ضرورة وجودية" تضمن مستقبل إسرائيل وأمنها على الأمد الطويل.
وفي اعتقاده أن نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– تبنى، منذ عودته إلى الحكم عام 2009، نهج حركة "غوش إيمونيم" الاستيطانية، القائم على امتصاص الهجمات، والرد المحدود عليها، مع مواصلة توسيع السيطرة الإسرائيلية على الأراضي التي خُصصت بموجب خطة التقسيم الأممية لدولة عربية مستقبلية.
واعتبر أن هذا النهج تجاهل تماما الحاجة إلى تسوية سياسية مع الفلسطينيين، وعمّق دائرة العنف وفقدان الأمن داخل دولة الاحتلال نفسها.
وأشار شوكن إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، حاول التوصل إلى اتفاق سلام مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في حين رفض نتنياهو أي حوار مع السلطة الفلسطينية، وعمل في المقابل على تقوية حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بهدف إضعاف شرعية السلطة وتبرير رفضه التفاوض معها.
هذا الواقع، خلق وضعاً سياسياً مغلقاً لا يمكن أن يستمر دون انفجار فلسطيني جديد، بحسب ناشر صحيفة هآرتس في مقاله التحليلي.
والحقيقة أن الحكومة الحالية ذهبت أبعد من سابقتها بإعلانها أن "حق الاستيطان بين النهر والبحر حِكر على اليهود دون غيرهم"، ما يعكس -في رأي الكاتب- نهجاً إقصائياً يفاقم عزلة إسرائيل.
وقال شوكن، إن خطاب نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2023، الذي تفاخر فيه بإمكانية إبرام اتفاق سلام مع السعودية دون إشراك الفلسطينيين، كان "مؤشراً على الغطرسة والانفصال عن الواقع"، لا سيما أنه سبق هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول بأسابيع قليلة.
ووصف حملة الحكومة في الضفة الغربية بأنها استمرار لمخطط "الضم الزاحف"، بإقامة بؤر استيطانية جديدة، وإضفاء الشرعية على مستوطنات قائمة، وتغطية أعمال عنف المستوطنين بدعم من الجيش والحكومة، ما أدى إلى مقتل نحو ألف فلسطيني منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتطرق المقال إلى تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش التي أعلن فيها عزمه ضم 82% من الضفة الغربية، معتبرا أن موافقة نتنياهو الضمنية على هذه السياسات تمثل "مشاركة مباشرة في تعريض أمن إسرائيل للخطر".
وأكد شوكن، أن السبيل الوحيد للخروج من هذه الدائرة هو أن تبادر إسرائيل إلى الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، وهو -من وجهة نظره- مطلب يحظى حاليا بإجماع دولي متزايد يشمل حلفاء إسرائيل الرئيسيين.
وخلص إلى أن الاعتراف الجاد بدولة فلسطينية، مقروناً بخطوات عملية مثل التنسيق الأمني، والتعاون الاقتصادي، والإصلاح التعليمي، وبناء علاقة شراكة متكافئة مع السلطة الفلسطينية، سيؤدي إلى انخفاض كبير في التهديدات الأمنية لإسرائيل، وسيمكنها من خفض ميزانية الدفاع إلى النصف، وتحقيق مكاسب اقتصادية ودبلوماسية ملموسة.
واختتم الكاتب تحليله بالتأكيد على أن مصلحة إسرائيل الحقيقية تكمن في تغيير المسار الحالي، داعياً نتنياهو إلى اتخاذ "خطوة شجاعة في صالح بلاده"، بدلا من الاستمرار في سياسات أثبتت أنها تعمل ضد أمن إسرائيل ومستقبلها.