بين الحب والشك: خطوات ذكية للتعامل مع غيرة زوجتك دون صدام

قد تغار عليك زوجتك من وقتٍ لآخر، وربما لا تُفصح عن ذلك مباشرة، لكنك قد تلمح في ملامحها وتصرفاتها تساؤلًا صامتًا: "هل هناك من تنافسني؟"، بحسب الرجل.

الغيرة الزوجية

في كثير من الحالات، الغيرة ليست سوى انعكاس لمشاعر الحب، ومحاولة لا واعية لحماية العلاقة عندما يكون للقلق مبرر، ولكن حين تتحوّل الغيرة من دفءٍ خفي إلى نار مشتعلة لا تنطفئ، فإنها تنقلب لتتحول إلى مؤشر على انعدام الثقة، أو شعور دفين بعدم الأمان، وهنا يكمن الخطر، حيث تصنع فجوة تتسع بمرور الوقت.

في السطور التالية لن نتحدث عن غيرة العشّاق العابرة، بل عن الغيرة المُفرطة، التي تتحول إلى شك وقلق دائم أو حتى مراقبة، فكيف يمكنك كرجل أن تتعامل مع غيرة زوجتك بشكل صحيح؟ 

أسباب الغيرة وكيفية معالجتها في العلاقة الزوجية

قد تكون الغيرة الزائدة في العلاقة بين الزوجين، انعكاسًا لأمورٍ مختلفة؛ ثقة لم تعُد كما كانت في السابق، أو إحساس بعدم الأمان أو غير ذلك، وفيما يلي أبرز أسباب الغيرة في العلاقة الزوجية:

1. الإحساس بعدم الأمان:

قد يكون انخفاض الثقة بالنفس هو الدافع الرئيس لمشاعر الغيرة؛ إذ قد تشعر زوجتك بأنّها ليست جميلة بما فيه الكفاية، أو أنّها ليست ذكية بما يكفي، أو غير ذلك، بما يجعلها تستشعر وكأنها ليست كافية لك، ومِنْ ثمّ تبدأ مشاعر الشك والإحساس بعدم الأمان؛ التي تنعكس في غيرتها عليك.

2. التجارب السابقة:

قد يكون للماضي تأثير كبير على ما نشعر به الآن، فإذا تعرّضت الزوجة للخذلان فيما مضى أو أُوذيت من قبل، فمن الطبيعي أن تقلق من احتمال حدوث ذلك مرة أخرى، خاصةً إذا كانت العلاقة متوترة وغير مستقرة.

3. الخوف من خسارة من تحب:

لا يحب أحد أن يفقد شخصًا يهتم به ويحبّه، وفي العلاقة الزوجية، قد تكون فكرة فقدان أحد الزوجين للآخر مرعبة بلا شك، وهذا الخوف، هو ما قد يحرّك مشاعر الغيرة؛ حرصًا من الزوج أو الزوجة على الشريك.

4. عقد المقارنات:

أحيانًا قد تبدأ الزوجة في النظر إلى الأشخاص المحيطين، وربّما تظنّ أنّهم أفضل منها بطريقةٍ ما، بل وقد تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي، التي تُستعرَض فيها كثير من العلاقات، والتي قد تجعلنا نقارن أنفسنا بأشخاص آخرين، حياتهم مختلفة تمامًا، وربما مصطنعة.

وكلّ هذه الأمور، قد تجعل الزوجة أقل ثقة بنفسها، ومِنْ ثمّ تظهر الغيرة العاطفية في سلوكها معك، والتعامُل مع الغيرة في مثل هذه الحالات يتطلّب حكمة وصبر، وإعادة زرع ثقة الزوجة في نفسها من جديد.

5. تقلب المزاج:

ربّما لا تكون الغيرة لأي من الأسباب السابقة، وإنّما بسبب تقلّب مزاجي يعتري أحد الزوجين؛ إذ إنّ الشعور بالحُزن أو التوتر، قد يجعل الشخص أكثر حساسية وأكثر شعورًا بالغيرة، خاصةً إذا تزامن ذلك مع اضطرابات نفسية، مثل الاكتئاب أو القلق أو الوسواس القهري.

6. غياب التواصل المفتوح:

لا شكّ أنّ الحوار بين الزوجين أحد سبل تفادي الغيرة الزائدة، ومِنْ ثمّ فقد ينعكس سوء التفاهم وغياب التواصل بين الزوجين في الغيرة الزائدة، التي قد تبدو على أي منهما.

هل الغيرة دليل على الحب؟

حسب موقع "Choosing therapy" المتخصص في الصحة النفسية، هناك نوعان من الغيرة؛ غيرة صحية وغيرة غير صحية.

- الغيرة الصحية: تنبع من رؤية أحد الزوجين تهديد محتمل للعلاقة، والحاجة إلى حماية الشريك الذي يحبّه، وهذا أمر طبيعي تمامًا، ودليل على الحب.

- الغيرة غير الصحية: تنجم عن الخوف، والتي تؤدّي إلى التصرّف من منطلق الشك أو الإحساس بعدم الأمان، فهي غير صحية ولا تقوم على الحب، وهي التي تستدعي التعامل معها بحكمةٍ وصبر.

كيف تبني الثقة للتغلب على مشاعر الغيرة؟

ربّما تحتاج فقط إلى إعادة التواصل بوضوح مع زوجتك، ثُمّ بناء الثقة تدريجيًا، فليس الأمر صعبًا للتغلب على مشاعر الغيرة، واستعادة صفاء العلاقة بينكما، وفيما يلي أهم النصائح التي تساعد على تحقيق ذلك كما قدمها موقع Integrative-psych.

1. التواصل المفتوح بين الزوجين:

التواصل المفتوح من أهم الأمور للتعامل مع الغيرة في العلاقة الزوجية، بما يتضمّن الاستماع الجيّد إلى زوجتك، وإفساح المجال لها للتعبير عن مشاعرها، وإظهار تعاطفك معها، وتفهّمك لمشاعرها جيدًا، ولا تتسرّع في الدفاع عن نفسك وتقديم وجهة نظرك، بل كُن مستمعًا جيدًا أولًا.

2. فهم جذور الشعور بعدم الأمان:

أيضًا من الضروري أن تفهم سبب إحساس زوجتك بعدم الأمان، هل لمخاوف حقيقية أو تجارب شخصية لها؟ والحوار المفتوح هنا ضروري أيضًا، لفهم سبب شعور الزوجة بعدم الأمان، الذي يدفعها إلى الغيرة.

فمثلًا هل تغار الزوجة وتشعر بعدم الأمان لأنّكما لا تقضيان الكثير من الوقت معًا كزوجين، أم أنّ هناك أزمة في الثقة بينكما ابتداءً؟

لذا اطرح بعض الأسئلة على زوجتك، وحاول أن تفهم من أين تأتي الغيرة، كي تتمكن من معالجة مشاعر الغيرة لديها بطريقةٍ صحيحة.

3. تهيئة جو من الثقة بينكما:

إنّ خلق جو من الثقة بين الزوجين، هو أفضل ما يمكن عمله للحماية من الغيرة، ويبدأ ذلك بأن يكون كلا الطرفين جديرًا بالثقة؛ بأن يكونا مخلصَين، صادقَين، ملتزمَين تجاه بعضهما، وبأن تصدّق أفعالهما مع بعضهما تلك الثقة.

فالأشخاص الجديرون بالثقة لا يكذبون بشأن كيفية قضائهم لأواقتهم، عندما يسألهم الشريك عن ذلك، كما لا يخونون بعضهم، وإذا تمكّن الزوجان من تجنّب هذه المنزلق، فسوف تنمو الثقة داخل العلاقة وتزيح الغيرة تدريجيًا.

4. تطوير ارتباطٍ صحي:

تتضمّن العلاقة بين الزوجين إظهار المودة وقضاء الوقت معًا، وبناء التعلّق بين الزوجين، وإنّ أي تهديدات لهذا التعلّق يجب أن تكون مدعاة للقلق، ومِنْ ثمّ فالغيرة هي رد الفعل الطبيعي عندما تكون هناك إشارة على أنّ العلاقة في خطر.

لكن في كثير من الأحيان، تأتي مشاعر الغيرة من أنماط التعلّق، التي تعلّمتها الزوجة في مرحلة الطفولة، إذ يميل من لديهم نمط تعلق قلق إلى الغيرة، ومِنْ ثمّ فالتعامل مع الغيرة من هذا المنظور قد يجعلك لا تتخذ موقفًا دفاعيًا أو عدوانيًا، بل تحاول احتواء غيرة زوجتك.

كيفية التعامل مع الغيرة الزوجية بشكل صحي؟

لا يجب أن تستمر الغيرة ضيفًا دائمًا في علاقتك بزوجتك، بل يمكِن تحسين العلاقة الزوجية وتجاوز مشاعر الغيرة حسب موقع Choosing Therapy من خلال:

1. عدم اتخاذ موقف دفاعي بشأن سلوكك:

قد يكون هذا صعبًا، لكن حاول تقييم الموقف والرد على زوجتك بهدوء، وكذلك حاول أن تطمئنها بأنّك لا تسعى إلى إثارة غيرتها، وأنّ كل شيءٍ سيكون على ما يُرام، مع إبقاء التواصل واضحًا بينكما، ومعرفة المخاوف التي لدى الزوجة، وإظهار الحب والتعاطف معها، مهما بدا سلوك الغيرة غير عقلاني بالنسبة لك.

2. وضع حدود صحية:

يمكن أن تكون الغيرة الخفيفة من زوجتك أمرًا صحيًا، بل مطلوب، ومع ذلك، فإذا صارت الغيرة مفرِطة، من الضروري مناقشة السلوكيات مع زوجتك، ووضع حدود واضحة، لا تتسامح في تجاوزها مطلقًا.

3. التحلّي بالصبر:

لا شكّ أنّ التعامل مع الغيرة في العلاقة الزوجية، يتطلّب صبرًا كبيرًا، خاصةً إذا كُنت تحاول العثور على سبب الغيرة لدى الزوجة، سواء كان تجارب سابقة أو إحساس بعدم الأمان أو غير ذلك، وقد يبدو الأمر كأنّه يستنزفك عاطفيًا ويستهلك وقتك أيضًا، لكن من المهم الصبر على بناء الثقة، والأخذ بيد زوجتك إلى بر الأمان وصفو العلاقة، بعيدًا عن مشاعر الغيرة الزائدة.