
قالت صحيفة “ليبراسيون” إنه بعد الصدمة والغضب، يأتي الرد. فمن المقرر أن تجتمع عدة دول عربية وإسلامية اليوم الاثنين في الدوحة، في قمة طارئة بهدف مزدوج: إظهار وحدتها بعد الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف، يوم الثلاثاء الماضي، أعضاء من حركة حماس مقيمين في قطر، واعتماد قرار مشترك أعده وزراء الخارجية في اليوم السابق. وقد حث رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الأحد، المجتمع الدولي على “وقف سياسة الكيل بمكيالين” ومعاقبة إسرائيل على “جرائمها”.
وتهدف هذه القمة إلى إظهار “التضامن العربي والإسلامي الواسع مع دولة قطر في مواجهة العدوان الجبان من قبل إسرائيل، وكذلك الرفض القاطع من هذه الدول للإرهاب الذي تمارسه إسرائيل كدولة”، بحسب ما صرح به المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري. وقد دُعيت جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، البالغ عددها 57 دولة، وكذلك أعضاء جامعة الدول العربية. ومن بين الأهم، لم تؤكد تركيا رسمياً حضورها بعد.
وأضافت “ليبراسيون” القول إن الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف، من دون نجاح، قادة من حماس يوم 9 سبتمبر في الدوحة، أحدثت صدمة كبرى في المنطقة. أولاً لأن قطر هي الوسيط الرئيسي، إلى جانب مصر، في حرب غزة، وكان من المفترض ألا تكون هدفاً. وثانياً لأن الإمارة كانت تعتقد أنها تتمتع بالحماية الأمريكية، خاصة بعدما اعترفت واشنطن بها رسمياً عام 2022 كـ“حليف رئيسي من خارج الناتو”.
وتستضيف قطر في صحرائها، قاعدة العديد، أهم قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط، حيث يتمركز آلاف الجنود إضافة إلى مقر قيادة العمليات في المنطقة. لكن، يوم الثلاثاء الماضي، لم تُخطر الولايات المتحدة قطر بالهجوم الإسرائيلي على مسؤولي حماس. ووفق مصدر مقرب من السلطة القطرية، لم تكن الإمارة تمتلك الوسائل التقنية لرصد الهجوم بنفسها، وتلقت رسالة من واشنطن بعد عشر دقائق فقط من انفجار الصواريخ، تتابع “ليبراسيون”.
وذكَّرت الصحيفة أن عددا من كبار قادة حماس يقيمون في قطر منذ عام 2012، بموافقة ودعم من الولايات المتحدة التي أرادت الإبقاء على قناة اتصال مع الحركة. ومن بينهم الرئيس السابق للحركة، خالد مشعل، ومسؤول التنظيم في الضفة الغربية، زاهر جبارين، وكبير المفاوضين، خليل الحية. ولم يُقتل أي منهم وفق ما أعلنت حماس، لكنها أكدت مقتل نجل خليل الحية، ورئيس مكتبه، وثلاثة من حراسه الشخصيين. كما قُتل عسكري قطري، بحسب ما أعلنت الدوحة.
ومضت “ليبراسيون” قائلةً إن الهجوم الإسرائيلي في قطر فاجأ إدارة دونالد ترامب. وقال الرئيس الأمريكي مساء الهجوم: “لست سعيداً. أنا مستاء جداً”. وأضافت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، في اليوم نفسه: “قصف قطر بشكل أحادي، وهي دولة ذات سيادة وحليف قريب من الولايات المتحدة، تعمل بجد وشجاعة وتخاطر من أجل التوسط للسلام، لا يخدم أهداف إسرائيل ولا أمريكا”. وأكد دونالد ترامب أنه لم يُخطر من قبل إسرائيل.
ووفق صحيفة وول ستريت جورنال، فقد أبلغت السلطات الإسرائيلية واشنطن بالفعل، لكن قبل دقائق قليلة من تنفيذ الضربات ومن دون أن تحدد الهدف. وقد رصدت أجهزة الكشف الفضائية الأمريكية توقيعات الأشعة تحت الحمراء للصواريخ التي أطلقتها ثمانية مقاتلات F-15 وأربع مقاتلات F-35 كانت تحلق فوق البحر الأحمر. ومن خلال مراقبة مساراتها، تبين أن الدوحة هي الهدف، لكن كان الوقت قد فات لكي يحاول ترامب ثني رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ومع ذلك، لم يطلب الرئيس الأمريكي من وزير خارجيته، ماركو روبيو، إلغاء زيارته إلى إسرائيل يومي الأحد والاثنين. وكان من المقرر أن يؤكد وزير الخارجية دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، قبل اعتراف عدة دول غربية، بينها فرنسا، بدولة فلسطينية خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 22 سبتمبر الجاري. وأعاد نتنياهو التأكيد يوم السبت أن “التخلص” من قادة حماس المقيمين في الدوحة “سيسمح بإزالة العقبة الرئيسية أمام تحرير جميع رهائننا وإنهاء الحرب”، في إشارة إلى أن ضربات جديدة ضد قطر ليست مستبعدة.