
كشفت دراسة حديثة نُشرت في دورية Archives of Sexual Behavior عن وجود علاقة مثيرة للاهتمام بين قوة حاسة الشم ومدى الحميمية في العلاقات العاطفية؛ فقد وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يتمتعون بقدرة أفضل على تمييز الروائح يميلون إلى الشعور بروابط عاطفية وفكرية أعمق مع شركائهم، بحسب الرجل.
وتقول فيونا وايلي، الباحثة في جامعة ماكواري الأسترالية والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "أردنا فهم كيف يمكن لحاسة الشم –وهي حاسة غالبًا ما تُهمَل– أن تؤثر في مشاعر القرب والارتباط بين الشركاء، خاصةً بعد أن لاحظنا كيف يؤثر فقدان هذه الحاسة على جودة الحياة، كما حدث مع كثيرين خلال جائحة كوفيد-19".
شارك في الدراسة 74 شخصًا تراوحت أعمارهم بين 17 و56 عامًا، معظمهم من النساء. طُلب منهم ملء استبيانات تقيس خمسة أنواع من الحميمية في العلاقات: العاطفية، الجسدية، الفكرية، الاجتماعية، والترفيهية.
كما خضعوا لاختبار لقياس قوة حاسة الشم، بالإضافة إلى استبيان يقيس درجة الحساسية لمشاعر الاشمئزاز، سواء من الأمراض، أو السلوكيات الأخلاقية، أو التصرفات غير اللائقة.
هل تؤثر حاسة الشم على الحب؟ دراسة تكشف رابطًا غير متوقع
الرابط الخفي بين حاسة الشم والعلاقات العاطفية
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين سجلوا درجات أعلى في اختبار الشم كانوا أكثر حميمية من الناحية العاطفية والفكرية. هذا يعني أن حاسة الشم قد تسهم ولو بشكل طفيف في تعزيز التفاهم والمشاعر العاطفية العميقة داخل العلاقة.
لكن المفاجأة كانت في أن الأشخاص الذين أبدوا حساسية أكبر للاشمئزاز من الأمراض أو التصرفات الجنسية أبلغوا عن مستويات أعلى من الحميمية الجسدية، وهو أمر يناقض التوقعات، حيث عادة ما يُربط الاشمئزاز بانخفاض الرغبة أو تجنب القرب الجسدي.
ويفسر الباحثون هذا التناقض بأن مفهوم "الحميمية الجسدية" في هذه الدراسة يشمل الراحة الجسدية والثقة مع الشريك، وليس فقط العلاقة الجنسية المباشرة.
كما أشارت الدراسة إلى أن النساء سجلن درجات أعلى من الرجال في قوة حاسة الشم، والحميمية الجسدية، والحساسية للاشمئزاز الجنسي. كذلك، فإن الأشخاص الذين كانوا في علاقة عاطفية حالية أظهروا مستويات أعلى من الحميمية في جميع الجوانب.
وعلى الرغم من أن العلاقات المكتشفة بين الشم والحميمية كانت ضعيفة إحصائيًا، إلا أن الدراسة تفتح بابًا جديدًا لفهم دور الحواس – خاصة حاسة الشم – في تجاربنا العاطفية.
فالرائحة، كما يبدو، لا تؤثر فقط في الانجذاب الأولي، بل قد تلعب دورًا مستمرًا في تعميق مشاعر التواصل والارتباط.
وبينما تبقى هذه النتائج أولية وتحتاج إلى دراسات أوسع لتأكيدها، إلا أنها تذكّرنا بأهمية الحواس التي قد لا ننتبه إليها في الحياة اليومية. فربما تكون الطريقة التي نشم بها العالم من حولنا تؤثر أكثر مما نعتقد في الطريقة التي نحب بها.