لوموند: المجاعة في غزة.. الإفلات  الإسرائيلي من العقاب يتعزز بتواطؤ أمريكي ويمثل خطيئة أخلاقية

2025-08-26

اعتبرت الصحيفة الفرنسية أن هذه الكارثة الإنسانية في غزة ما كانت لتحدث لولا قرار الحكومة الإسرائيلية (أ ف ب)قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية في افتتاحيتها، إن تأكيد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وهو هيئة تابعة للأمم المتحدة مقرها روما، بأن المجاعة تضرب غزة، لم يكن مفاجئاً لأحد. فمنذ أشهر، تحذر المنظمات غير الحكومية ذات الخبرة الميدانية في غزة، إلى جانب وكالات الأمم المتحدة التي تقف في الصفوف الأمامية منذ أن تحولت هذه الرقعة الضيقة من الأرض إلى سجن مفتوح، من حتمية وقوع الكارثة. أما الهجوم العسكري الجديد الذي تهدد به إسرائيل مدينة غزة، فقد يجعل هذه المجاعة أكثر تدميرا.

الوقائع لا تحتمل الجدل، تقول الصحيفة الفرنسية، فبعد نحو عامين من الحرب، أدى تدمير الجيش الإسرائيلي الغالبية العظمى من الأراضي الزراعية في غزة، كما ورد في تقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة الصادر في شهر يوليو/ تموز الماضي، إلى القضاء على الإنتاج المحلي.

ولم يُعوض ذلك بزيادة في المساعدات الغذائية الدولية، بل العكس. فبعد أن أوقفها كلياً لمدة شهرين ونصف مطلع هذا العام، سمح الجيش الإسرائيلي بعودتها لكن وفق آليات اعتُبرت بعيدة كل البعد عن تلبية الحاجات المتفاقمة. وزاد الأمر سوءاً بعد استبعاد المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة من عملية التوزيع، لصالح مؤسسة غامضة أنشأتها وتسيطر عليها إسرائيل، ما أدى إلى مشاهد مأساوية ودامية أثناء توزيع المساعدات. واليوم، لم يعد سكان غزة يموتون فقط تحت القصف الإسرائيلي المستمر، بل أيضاً أثناء محاولتهم الحصول على لقمة عيش، تقول “لوموند”.

واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن هذه الكارثة الإنسانية في غزة ما كانت لتحدث لولا قرار الحكومة الإسرائيلية، التي تملك تفوقاً عسكرياً ساحقاً، استخدام الجوع كسلاح. ورغم أن المجاعة ليست حكراً على غزة في خضم النزاعات الدائرة حول العالم، إلا أنها الحالة الوحيدة التي يصنعها نظام يُصنَّف على أنه “ديمقراطي” ويحظى باعتراف كامل من المعسكر الغربي، الأمر الذي ضمن له حصانة تامة حتى الآن.

وتستند هذه الحصانة بشكل أساسي إلى الدعم غير المشروط الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل، وهو دعم يدرك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه ثابت. فحتى مغادرته البيت الأبيض، تغاضى الرئيس الديمقراطي جو بايدن عن القيود الإسرائيلية على المساعدات الإنسانية لغزة. أما إدارة خلفه، دونالد ترامب، فذهبت إلى ما هو أبعد في تأييدها لإسرائيل، بل وشككت في إعلان المجاعة الصادر عن IPC، متناغمة مع تصريحات نتنياهو الذي وصف الإعلان بأنه “دعاية من حماس”، الحركة التي تعهدت إسرائيل بالقضاء عليها منذ هجمات 7 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023.

في الوقت نفسه، تُشير “لوموند” شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجوماً حاداً على المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهمة استخدام المجاعة كسلاح حرب. علماً أن البروتوكولات الإضافية لاتفاقيات جنيف لعام 1949 تحظر هذا السلوك بشكل لا لبس فيه وتعتبره جريمة حرب. وعليه، فإن التواطؤ الأمريكي لا يمثل فقط خطأً سياسياً، بل أيضاً خطيئة أخلاقية.









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي