
بكين - سلك الاقتصاد الصيني مسارا متفاوتا في الشهرين الأولين من العام 2025، على ما أظهر عدد من المؤشرات الرئيسية الإثنين، ما أعاق جهود بكين لتعزيز الاستهلاك المتراجع.
سعى المسؤولون في الأشهر الأخيرة إلى إحياء الثقة بثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي يعاني مشكلات متواصلة في قطاع العقارات، ويواجه حاليا ضغوطا متزايدة بسبب توترات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة.
وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء في بكين الاثنين بعض المؤشرات الإيجابية التي كشفت أن مبيعات التجزئة، وهي مقياس رئيسي لثقة المستهلك، ارتفعت بنسبة 4 بالمئة على أساس سنوي خلال كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير مجتمعين.
غير أن البيانات أظهرت أيضا ارتفاع معدل البطالة، بينما واصلت أسعار المساكن الانخفاض في معظم المدن الكبرى.
وقال المكتب الوطني للإحصاء في بيان "في الشهرين الأولين، وبفضل الآثار المستدامة للسياسات الكلية، حافظ الاقتصاد الوطني على تطوره الجديد والإيجابي".
لكنه حذر من أن "الطلب المحلي الفعلي ضعيف، وبعض الشركات تواجه صعوبات في الإنتاج والتشغيل"، مشيرا الى أن "أساس التعافي والنمو الاقتصادي المستدامين لا يتمتع بقوة كافية".
وفي المناطق الحضرية المشمولة بالاستطلاع، أفاد مكتب الإحصاء بأن معدل البطالة، وهو المقياس الرئيسي في الصين لقياس عدد العاطلين عن العمل، بلغ 5,4 بالمئة في شباط/فبراير، بزيادة قدرها 0,2 نقطة مئوية عن الشهر السابق.
وتخطى ذلك توقعات بلومبرغ البالغة 5,1 بالمئة وكان أعلى معدل مسجل في عامين.
وفي مؤشر مثير للقلق لقطاع العقارات، انخفض مؤشر أسعار المساكن التجارية الجديدة الصادر عن مكتب الاحصاء على أساس سنوي في 68 من أصل 70 مدينة كبيرة ومتوسطة خلال شباط/فبراير.
- "رسائل متناقضة" -
تجمع هيئات الإحصاء الصينية العديد من المؤشرات الاقتصادية للشهرين الأولين من العام لمراعاة التقلبات المحتملة الناجمة عن عطلة رأس السنة القمرية.
كما أظهرت البيانات ارتفاع الإنتاج الصناعي في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير بنسبة 5,9 بالمئة على أساس سنوي، لكن بتباطؤ مقارنة مع نموّه 6,2% في كانون الأول/ديسمبر.
أعلنت بكين هذا الشهر أنها تسعى الى تحقيق نمو بنسبة 5 بالمئة في إجمالي الناتج المحلي، وهو نفس معدل النمو المسجل في العام الماضي، وهدف يعتبره العديد من الاقتصاديين صعب المنال.
وفي ظل تصاعد الحرب التجارية بعد عودة دونالد ترامب الى رئاسة الولايات المتحدة، يتعرض المسؤولون الصينيون لضغوط لتعزيز الاستهلاك المحلي لتقليل الاعتماد التقليدي على الصادرات.
ومنذ عودته الى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير، رفع ترامب الرسوم الجمركية على الواردات الصينية التي بلغت العام الماضي مستويات قياسية، إلى 20 بالمئة.
وصرح المتحدث باسم المكتب الوطني للإحصاء فو لينغ هوي في مؤتمر صحافي عقب صدور البيانات الاثنين أن "البيئة الدولية ستصبح أكثر تعقيدا وقسوة في المرحلة المقبلة".
أضاف "لكن الاتجاه العام للتعاون الدولي وتحقيق المكاسب المشتركة لن يتغير".
كشفت الصين الأحد خطة تأمل عبرها التغلب على الانخفاض المستمر في الاستهلاك بما في ذلك تدابير مثل إصلاح قطاع العقارات ونظام لدعم رعاية الأطفال.
وقال الرئيس وكبير الاقتصاديين في شركة بينبوينت لإدارة الأصول جيواي جانغ إن "البيانات الاقتصادية الكلية الصادرة اليوم تبعث رسائل متناقضة".
أضاف أن بيانات النشاط الصناعي ومبيعات التجزئة تظهر "مؤشرات متسقة وتجاوزت التوقعات"، على رغم أن ارتفاع معدل البطالة إلى أعلى مستوى له في عامين كان "غير متوقع".
ورأى جانغ أن "البطالة غالبا ما تكون مؤشرا متأخرا، وبالتالي قد تتحسن إذا ساعدت سياسات مالية أكثر استباقية في الحفاظ على ازدهار النشاط في الأشهر المقبلة".
واعتبر أن "الخطر على الاقتصاد يتمثل في الضرر الناجم عن زيادة الرسوم الجمركية الأميركية على صادرات الصين، والذي من المرجح أن يظهر في بيانات التجارة خلال الأشهر القليلة المقبلة".