![](/img/grey.gif)
يستعد الجيش الإسرائيلي لتجنيد واسع جداً منذ بداية الحرب في حالة انهيار وقف إطلاق النار في قطاع غزة، واستئناف الهجوم على القطاع. جرت الاستعدادات على خلفية الأزمة حول تطبيق صفقة التبادل مع حماس واقتراح الرئيس الأمريكي، ترامب، استئناف إسرائيل الحرب إذا لم تتم إعادة جميع المخطوفين حتى السبت القادم في الساعة الثانية عشرة ظهراً.
في نهاية جلسة الكابنيت، أمس، نشر “مصدر سياسي” بياناً يعبر عن تأييد أقوال ترامب، وطالب بـ “تحرير مختطفينا”، بدون تحديد إذا كان القصد جميع المخطوفين. يتبين، وفقاً لتناولات أخرى لجهات سياسية ومصادر إسرائيلية في الساعات القادمة، أن إسرائيل تريد مواصلة نبضات تحرير المخطوفين، وإذا تراجعت حماس عن إعلانها حول تجميد النبضة القادمة المخطط لها السبت، فستواصل تنفيذ الصفقة. في وقت لاحق، نشر بيان آخر، الرابع، من قبل “مصدر إسرائيلي رفيع”، أشير فيه بشكل صريح إلى أن الحكومة والكابنيت “متفقان مع بيان الرئيس الأمريكي ترامب”، الذي يقول “يجب عودتهم جميعاً يوم السبت”.
على الأرض، إلى جانب نشر قوات تعزيز طارئة نظامية قرب القطاع، تم إعداد خطة لتجنيد مكثف لعدة فرق احتياط، قد ينتشر بعضها على طول حدود القطاع، وبعضها سيرسل إلى ساحات أخرى من أجل تحرير المزيد من الوحدات النظامية لهجوم محتمل في القطاع.
هذه العملية ستلقي عبئاً كبيراً على منظومة الاحتياط، التي خدم معظم جنودها نحو 100 – 300 يوم منذ بداية الحرب. القصد، هجوم واسع وطويل قد يدمر الجيش الإسرائيلي في نهايته بنى تحتية عسكرية لحماس وإزاحتها أيضاً عن حكم القطاع. المعسكر الأكبر لمؤيدي صفقة المخطوفين في إسرائيل، وهم غالبية ساحقة في أوساط الجمهور حسب كل الاستطلاعات، يمر الآن في نفس عملية خيبة الأمل المؤلمة التي مر فيها معارضو الصفقة قبل بضعة أسابيع.
اليأس من جمود المفاوضات حول الصفقة خلال سنة وأكثر أدى إلى تعليق آمال كبيرة على الرئيس ترامب. وحقق الرئيس هذه الآمال عندما فرض صفقة تبادل جديدة على الطرفين، تم التوقيع عليها عشية تسلمه لمنصبه. العملية أدت إلى إحباط وخيبة أمل في معسكر اليمين الإسرائيلي إزاء طلب ترامب من نتنياهو وقف الحرب لتنفيذ الصفقة. أول أمس، أعلنت حماس عن تجميد تنفيذ المرحلة الأولى في الاتفاق بذريعة واهية بشأن خروقات إسرائيلية. وأضافت حماس أن تنفيذ النبضة القادمة، السبت القادم، التي تتضمن تحرير 3 مخطوفين، ستؤجل إلى إشعار آخر، مشروط بتصحيح إسرائيل للخروقات.
وإسرائيل أدانت هذه الخطوة بشدة. بعد بضع ساعات من ذلك، صب ترامب الزيت على النار؛ وقال إنه إذا لم تطلق حماس سراح جميع المخطوفين حتى الساعة الثانية عشرة من السبت، سيلغى وقف إطلاق النار وسيكون الرد “جحيماً”. هو أيضاً رفض أسلوب الصفقة الحالية الذي يمر فيه تحرير المخطوفين على نبضات صغيرة مرة كل أسبوع. وقال: “حان الوقت لتقرير الموعد، ليس اثنين أو ثلاثة في كل مرة”. أمس، واصل ترامب – هو نوع من قوى الطبيعة غير القابلة للتنبؤ أو الإدارة – إطلاق تصريحات لوسائل الإعلام وأعلن المضي بخطة تهجير الفلسطينيين من القطاع، بل هدد الأردن ومصر بوقف المساعدات بمليارات الدولارات إذا رفضت استيعاب اللاجئين الفلسطينيين فيها. يواصل الرئيس الأمريكي تحدي طريقة المفاوضات – بعد أشهر طويلة من الجمود في فترة سلفه بايدن. مع ذلك، يصوغ اقتراحاته المرتبطة بعملية القتال كاقتراح لإسرائيل وليس كتهديد مباشر بعملية أمريكية، بصورة تترك الكرة في ملعب نتنياهو. لو لم يتعلق الأمر بأبناء شعبنا الذين يموتون في الأنفاق في القطاع لأمكن رؤية درس ممتع في العلاقات الدولية في تسلسل الأحداث الأخيرة.
أي طريقة تنفع مع منظمة إرهابية قاتلة ومتلاعبة؟ هل يمكن ابتزاز تغيير المواقف باستعراض قوة مناسب؟ من غير الغريب أن اليمين العميق في إسرائيل يشعر بالنشوة من تصريحات الرئيس، ومن غير الغريب أيضاً أن عائلات المخطوفين التي كان ترامب البطل غير المتوقع لها في الفترة الأخيرة، تملكها الذعر. إن التنبؤ بخطوات ترامب لم يعد الآن مهمة للمحللين أو رجال الاستخبارات؛ نفس النجاح المتوقع لمنجم أو قارئ للكف. يستند انفعال اليمين إلى افتراض ضمني بأن نتنياهو والوزير المقرب منه رون ديرمر، وجدا طريقهما لقلب ترامب ويمكنهما إملاء ردوده. خطوات الرئيس الأخيرة، بما في ذلك خطة التهجير المشوشة، تظهر وكأنه طبخت بالتشاور مع الحكومة الإسرائيلية. ولكن الحياة ليست فيلماً هوليوودياً، وترامب في طلبه المحق من حماس بوقف التنكيل بالمخطوفين وعائلاتهم وإعادتهم جميعاً على الفور إنما بالنار يلعب بدرجة كبيرة. يصعب التقدير في هذه المرحلة كيف ستتصرف حماس إزاء الإملاء الأمريكي الجديد. أتملك ما تخسره؟ ما الذي ستفعله إسرائيل والولايات المتحدة إذا رفضت؟ لنفترض أن الجيش الإسرائيلي استأنف الحرب، فهل سيجلب هذا بالضرورة النصر الإسرائيلي؟ في نهاية المطاف، خلافاً لوعود نتنياهو، لم يتم تحقيق أي نصر مطلق على حماس في كل أشهر الحرب. فلماذا نفترض أن نصراً كهذا سيتحقق الآن – كم عدد المخطوفين الأحياء الذين سيقتلون في الطريق إلى هناك. حتى وقت متأخر، يبدو التقدير المقبول أن ما يعني ترامب هو تحقيق نظام إقليمي جديد، بإنهاء الحرب في غزة، وبصفقة أمريكية كبيرة مع السعودية، والتطبيع بين السعودية وإسرائيل، وبالطبع جائزة نوبل للسلام. خطواته الأخيرة تدل على استنتاجه بأن حماس هي العقبة المحتملة أمام خططه، وأنه من الأفضل أولاً أن تزيح إسرائيل حماس عن الطريق في القطاع، قبل تنفيذ حلمه في الشرق الأوسط.
بتهديداته هذه يعدّ ترامب نفسه قبل إعطاء الضوء الأخضر لنتنياهو من أجل الانسحاب من اتفاق المخطوفين، والعمل بداية على تدمير حماس. تدمير سلطة حماس هدف مناسب، لكن يبدو أن الرئيس الأمريكي ورئيس الحكومة تذكرا معالجته بشكل متأخر. فربما يموت عشرات المخطوفين ومعهم عدد غير قليل من جنود الجيش الإسرائيلي والمدنيين في غزة. من غير الواضح إلى أي درجة، هذا إذا وجد، هذا الأمر يزعج ترامب ونتنياهو.
عاموس هرئيل
هآرتس 12/2/2025