![](/img/grey.gif)
نشرت مجلة “بوليتيكو” تقريرا أعده إيلي ستوكول قال فيه إن العاهل الأردني عبد الله الثاني استخدم وسيلة التملق والتودد للرئيس الأمريكي في محاولة لشراء الوقت بشأن خطة دونالد ترامب للسيطرة على غزة وطرد سكانها وتحويلها إلى مشروع عقاري “جميل” على حد قوله.
وكان الملك عبد الله الثاني أول زعيم عربي يلتقي بترامب بعد دخوله البيت الأبيض، الشهر الماضي، ومنذ إعلانه عن رغبته في تملك غزة وتهجير سكانها إلى الأردن ومصر.
وقد أبعد الملك الأردني الأسئلة بشأن الموضوع بطريقة دبلوماسية في محاولة لتجنب الاختلاف المباشر والعلني مع الرئيس ترامب. وأخبر الملك عبد الله الذي رفض الخطة عندما أعلن عنها ترامب الأسبوع الماضي، الصحافيين في البيت الأبيض، بأنه سيستقبل 2,000 طفل جريح من غزة. وفي الوقت نفسه حول الأسئلة المتعلقة بتهجير الفلسطينيين إلى مصر والمقترح الذي تعمل عليه مع بقية الدول العربية بشأن إعادة إعمار غزة وسيقدم للإدارة الأمريكية في وقت لاحق. وعلق ترامب “هذه في الحقيقة لفتة جميلة، وهي جيدة جدا ونحن ممتنون”.
وعلقت المجلة أن التحرك التكتيكي من العاهل الأردني الذي يعتبر بلده ثالث متلق للمساعدات الأمريكية والذي يعارض بعناد أن يصبح وطنا للمشردين الفلسطينيين، ربما نجح في تخفيف التوتر بين الحليفين وشراء المزيد من الوقت.
وتقول المجلة إن هناك معارضة إقليمية واسعة لتهجير الفلسطينيين في كل الدول العربية، لكن مصر ودولا أخرى تنسق استراتيجية إقليمية تهدف إلى إرضاء رغبة ترامب في فرض حل للأزمة الإنسانية في غزة، التي دمرتها 15 شهرا من الحرب مع إسرائيل. وكان عبد الله حريصا على التعبير عن استعداد أوسع للعمل مع ترامب، حيث أثنى عليه من خلال الإشارة إلى أن الرئيس يمكن أن يكون رجلا تاريخيا وصانع سلام. وقال عبد الله وهو جالس بجانب ترامب: “مع كل التحديات التي نواجهها في الشرق الأوسط، أرى أخيرا شخصا يمكنه أن يقودنا عبر خط النهاية لتحقيق الاستقرار والسلام والازدهار لنا جميعًا في المنطقة”، مضيفا: “إنها مسؤوليتنا الجماعية في الشرق الأوسط أن نستمر في العمل معكم، ودعمكم، لتحقيق هذه الأهداف النبيلة”.
ولكن الملك عبد الله رفض الإجابة عندما سئل مباشرة عما إذا كان يريد أن تسيطر الولايات المتحدة على قطاع غزة، مشيرا إلى أنه بحاجة إلى الانتظار حتى تقدم مصر خطتها.
وقال ترامب الأسبوع الماضي إنه يريد السيطرة على المنطقة وتحويلها إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”، على الرغم من أن المسؤولين داخل الإدارة يقولون إنهم لم يضعوا خطة فعلية بعد.
وفي الجزء المعلن من لقائه مع الملك عبد الله تمسك ترامب بفكرته لتهجير مليوني فلسطيني من غزة وتحويل المنطقة إلى مشروع عقاري بقيادة الولايات المتحدة، على الرغم من أنه كافح لشرح كيف ستسيطر أمريكا على المنطقة أو تحت أي سلطة، حيث صرح بشكل قاطع – وخاطئ – أن “لا أحد سيشكك في ذلك”. كما أعرب ترامب عن تفاؤله بأن خطته، التي يراها كثيرون في المنطقة بمثابة تطهير عرقي، ستجلب السلام إلى منطقة تعاني من الحرب منذ فترة طويلة.
وقال ترامب: “ستنجح”، ووعد بأن الفلسطينيين “سيعيشون بشكل جميل في مكان آخر”.
والأمر الأكثر أهمية بالنسبة لملك الأردن هو أن ترامب تراجع عن تهديده قبل يوم واحد فقط بحجب المساعدات. وقال “نحن نساهم بالكثير من المال للأردن ومصر، بالمناسبة. الكثير لكليهما.. لكنني لست مضطرا للتهديد بذلك، أعتقد أننا فوق ذلك”. ولم يتراجع ترامب عن موقفه الأكثر عدوانية تجاه حماس، التي هددها بـ “كل الجحيم” إذا لم تعد تسعة أسرى آخرين بحلول يوم السبت كما وعدت. وأشار إلى أن الجماعة وكأنها “تلعب بلطف” وقال إنهم يحاولون أن يكونوا متنمرين وأن “المتنمر هو الشخص الأضعف” على حد قوله. لكن إنذار ترامب وخطابه التهديدي يمكن أن يساعدا إسرائيل في خلق ذريعة لإنهاء وقف إطلاق النار الهش مع حماس.
وعلى الرغم من الدبلوماسية الحذرة التي يتبناها الملك عبد الله في البيت الأبيض، فإن التزام ترامب الثابت بخطة وصفها المنتقدون بأنها خادعة وغير واقعية يهدد الاستقرار الأوسع في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ويضع عددا من الحلفاء العرب في موقف صعب. فالأردن، مثلا شهد اضطرابات في السابق، وبينما تحدث ترامب مطولا عن رؤيته للشرق الأوسط، لم يبد عبد الله أي رد فعل مع الصحافة في الغرفة، وكان يرمش بشدة.
وقال مروان المعشر، وزير الخارجية الأردني السابق الذي ساعد في التفاوض على معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية عام 1994، الأسبوع الماضي إن قبول أعداد كبيرة من الفلسطينيين أمر غير مقبول بالنسبة لبلاده وسيمثل تهديدا “وجوديا”. وقال المعشر: “هذه ليست قضية اقتصادية أو أمنية للأردن، إنها قضية هوية”.
وبعيدا عن ذلك، يخشى العديد من الأردنيين المتعاطفين مع محنة سكان غزة أن الموافقة على اقتراح ترامب ستكون بمثابة التخلي عن إنشاء دولة فلسطينية وحرمان الفلسطينيين من “حق العودة” إلى الأرض التي فروا منها في عامي 1948 و1967. وتشكل هذه القضايا جوهر مشروع قانون قدم إلى البرلمان الأردني الأسبوع الماضي لحظر توطين الفلسطينيين في المملكة. ويؤكد مشروع القانون، بحسب نصه، “رفض الأردن الرسمي والشعبي لأي خطة لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن كوطن بديل. الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين”.
وتوقع محللون أن الملك عبد الله ربما قام بتحذير ترامب من أثر خططه على المنطقة واستقرارها، إلا أن الرئيس الأمريكي ومنذ توليه السلطة الشهر الماضي لم يبد أي تحفظ في جهوده للضغط على الحلفاء للموافقة على شروطه. وعندما سئل في المكتب البيضاوي عن السلطة القانونية التي يمكن للولايات المتحدة بموجبها السيطرة على غزة، “المنطقة ذات السيادة”، أوضح الرئيس أنه غير قلق. وأجاب: “تحت السلطة الأمريكية”.