مهاجر تقطعت به السبل في تونس: "الوضع صعب، قدري وعلي أن أتحمله"  

أ ف ب-الامة برس
2025-02-13 | منذ 3 ساعة

 

 

مهاجر من دول افريقيا جنوب الصحراء يقف أمام مسجد في محافظة أريانة في تونس في 1 شباط/فبراير 2025. (أ ف ب)   فرَّ جوناس من جنوب نيجيريا في تشرين الأول/أكتوبر 2023، تاركا ويلات  العنف الذي يستهدف جماعته العرقية "شعب إيغبو"، وانتهى به المطاف في تونس حيث لم تجد مناشدته المساعدة تجاوبا من قبل منظمات في بلد يشهد تصاعد مشاعر مناهضة للمهاجرين.

فضل جوناس التحدث لوكالة فرانس برس بهذا الإسم المستعار خوفا من أن يكشف أمره من قبل السلطات التونسية ويتم ترحيله، بعدما ذاق هول عبور صحراء النيجر وليبيا قبل أن يصل إلى تونس في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

عند وصوله إلى تونس حيث أنجبت زوجته طفلهما الأول، وجد نفسه في مواجهة نظام يقيد منح اللجوء وحيث شرعت السلطات في اعتقال المدافعين عن حقوق المهاجرين.

يقف جوناس بالقرب من مكب نفايات في منطقة روّاد الشعبية في شمال العاصمة تونس، يبحث عن نفايات بلاستيكية لبيعها وكسب رزقه ويقول "لا أجد مساعدة هنا"، ويتابع "سمعت أن الأمم المتحدة لديها نفوذ أكبر هنا، وأنها تهتم بالمهاجرين. لكني أقوم بكل شيء بنفسي".

ويضيف "لم أجد أي شخص يساعدني، الوضع صعب، هذا قدري وعلي أن أتحمله".

وتونس دولة عبور رئيسية للآلاف من المهاجرين بطريقة غير نظامية الآتين من دول جنوب الصحراء الكبرى والذين يسعون للوصول إلى أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط في جزئه الأوسط.

وتواجه تونس أزمة اقتصادية حادة ويرى التونسيون أنه من الصعب على سلطات بلادهم استضافة مهاجرين.

وفي العام 2023 حذر الرئيس التونسي قيس سعيّد في خطاب آثار أزمة في البلاد من "جحافل" المهاجرين الذين "يهددون التركيبة الديموغرافية" لبلاده.

وخلال الأشهر التي تلت الخطاب، تصاعدت اشتباكات بين الأهالي والمهاجرين خصوصا في محافظة صفاقس (وسط) وأسفرت عن مقتل تونسي.

ونُقل مهاجرون، وفقا لمنظمات غير حكومية، إلى مناطق في جنوب البلاد وتوفي العديد منهم وفقا لتقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش".

وأكدت "المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب" في تقرير نشرته الشهر الفائت أن "السلطات تواصل تجريم المهاجرين".

وأوضحت المنظمة أن المهاجرين في تونس "غالبا ما يُحرمون من المأوى ومن حريتهم ويتركون في أوضاع محفوفة بالمخاطر".

وفي حزيران/يونيو الفائت، توقفت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وبشكل مفاجئ عن استقبال طلبات اللجوء من الوافدين الجدد إلى البلاد.

وقال متحدث باسم المفوضية لوكالة فرانس برس إن القرار جاء بناء على "التعليمات التي قدمتها حكومة تونس".

ولم ترد السلطات التونسية على طلب وكالة فرانس برس للتعليق على هذا الموضوع.

- "خونة ومرتزقة" -

جاء موقف تونس في بيان نشرته وزارة الخارجية الجمعة الماضي ونددت فيه "بتواصل انتشار المزاعم المُغرضة وتداول الأخبار الزائفة والمضلّلة التي لا تعكس حقيقة الموقف التونسي وتعاطي بلادنا مع ملف الهجرة والمهاجرين غير النظاميين".

وأكدت على أن "المقاربة العادلة والشاملة لهذه الظاهرة تتطلّب التركيز على معالجة الأسباب الحقيقيّة المسبّبة لها وعدم الانكفاء إلى حلول أمنية صرفة".

تحصي منظمات المجتمع المدني من جانبها، ما لا يقل عن 10 أشخاص موقوفين في صفوفها منذ اتهم الرئيس سعيّد في آيار/مايو "الأطراف" التي تساعد المهاجرين بأنهم "خونة ومرتزقة".

ومن بين الموقوفين، مصطفى الجمّالي (80 عاما) رئيس منظمة "المجلس التونسي للاجئين"، وهو شريك أساسي لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.

كذلك، لا تزال كل من سعدية مصباح، الناشطة المعروفة بمناهضة العصنرية وشريفة الرياحي الرئيسة السابقة لجمعية "تونس أرض اللجوء"، في الاعتقال أيضا.

وفي المجموع، علقت 14 منظمة "جزئيا أو أعادت توجيه نشاطاتها"، بحسب المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، وخمس منظمات أخرى قد "علقت نشاطاتها كليا".

- "لم يتفاجأوا...العنصرية" -

ورأى المتحدث باسم منظمة "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" رمضان بن عمر، أن الاتحاد الأوروبي  "متواطئ في القمع ضد المهاجرين ومنظمات المجتمع المدني التونسي".

وأوضح بن عمر أن وسائل ومعدات اعتراض المهاجرين "تم شراؤها بتمويلات أوروبية"، مشيرا "في الوقت الذي يتم اعتراض المهاجرين الذين غالبا ما يلقون حتفهم في الصحراء، جاءت أوروبا في شهر تموز/يوليو إلى قصر قرطاج لتوقيع مذكرات التفاهم، وتم مد السلطات التونسية بامكانيات مادية".

وفي صيف العام 2023، زارت رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية المتشددة جورجيا ميلوني تونس مرات متتالية، وكانت في مناسبتين مصحوبة برئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ووقعتا اتفاقا بقيمة 105 ملايين يورو مع تونس لوقف مغادرة المهاجرين، بالإضافة إلى دعم مالي لاقتصاد البلاد وقدره 150 مليون يورو.

وفقا للاتحاد الأوروبي، انخفضت أعداد الواصلين من المهاجرين عبر وسط البحر الأبيض المتوسط بالنصف تقريبا في العام 2024 مقارنة بالعام السابق.

وأشادت ميلوني بما اعتبرته نجاحا، بالرغم من أن تقريرا قُدِّم إلى البرلمان الأوروبي في نهاية كانون الثاني/يناير اتهم تونس بـ"انتهاكات متزايدة الخطورة" ضد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء.

وتقول باحثة تونسية فضلت عدم الكشف عن هويتها، لوكالة فرانس برس إنها وآخرين "من التونسيين السود لم يتفاجأوا" بخطاب الرئيس سعيّد في 2023.

وتفتخر تونس بكونها بلدا رائدا في إلغاء العبودية في العام 1846، قبل حوالى عشرين عاما من الولايات المتحدة، لكنها "لم تفتح ماضيها المسكوت عنه في العنصرية".

وتخلص إلى أن الرئيس "تحدث فقط بالكلمات عما يخالج الكثير من التونسيين"، هو موضوع بمثابة "دمّل وجب فقعه".

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي