ماذا يعني فوز ترامب بالنسبة لروسيا؟

2024-11-09

ارئيس الأمركي المنتخب دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين  (أ ف ب)واشنطن- ترى المحللة السياسية الروسية تاتيانا ستانوفايا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبدو وكأنه رجل محظوظ في الأشهر الأخيرة. فالدعم الغربي لأوكرانيا في حالة ضعف مستمر، ولم يعد إجراء مفاوضات مباشرة مع روسيا فكرة هامشية، ويستمر تحول السياسات الغربية صوب اليمين بوتيرة سريعة مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ويبدو كما لو أن موسكو على وشك الحصول على ما تريده. ومع ذلك فإن هذا أمر مضلل، حيث إن موقف روسيا الحقيقي أكثر تعقيدا مما يبدو. وبالفعل هناك أسباب قليلة للتفاؤل في الكرملين.

وفي تقرير نشره موقع كارنيغي للسلام الدولي، قالت ستانوفايا، وهى زميلة بارزة في مركز كارنيغي روسيا أوراسيا، إنه بعد مرور قرابة ثلاث سنوات من القتال في أوكرانيا، يشكك عدد قليل فقط من الأشخاص في أن روسيا لها اليد العليا في ساحة القتال. وتحرز القوات الروسية بشكل تدريجي تقدما، حيث لديها المزيد من الأسلحة والجنود، وتضغط أيضا على كييف من خلال مهاجمة البنية التحتية الحيوية في البلاد. ويبدو أن فرص شن هجوم أوكراني مضاد آخر ضئيلة، وليس هناك أي إشارة إلى أزمة سياسية في روسيا. وببساطة، يمكن القول إن بوتين يحقق انتصارا.

وأضافت ستانوفايا أن كثيرين يتوقعون أن يؤدي فوز ترامب إلى استئناف اتصالات عالية المستوى بين واشنطن وموسكو، وخفض في المساعدات الأمريكية لأوكرانيا وحدوث خلافات داخل حلف شمال الأطلسي (ناتو). ومع ذلك، فإن هذا لا يزيد فرص الانتصار بالنسبة للكرملين. وتتمثل المشكلة في أنه ليس لدى أي زعيم غربي، بما في ذلك ترامب، خطة لإنهاء الحرب سوف تلقى الحد الأدنى من القبول من جانب بوتين. ولم يقترب أي من الحلول التي تم طرحها من تلبية الطلبات الروسية، وهى ألا يقبل الناتو أوكرانيا كعضو، أو أن تكون الحكومة في كييف موالية لروسيا.

وفي الواقع، تحاول موسكو اقناع كل من الأوكرانيين والغرب بالتخلص من زيلينسكي واختيار زعيم أكثر مرونة. ومع ذلك ورغم كل المشاكل التي تواجه الحكومة في كييف، لم يكن هناك أن تحرك ملحوظ في هذا الاتجاه. ويبدو أن هناك فرصة ضئيلة لتغيرات سياسية في كييف تؤدي إلى ظهور حكومة مستعدة لتبحث بشكل جدي طلبات بوتين.

ويتمثل المسار الثالث في تغييرات سياسية كبيرة في الغرب من شأنها أن تؤدي إلى قيام الزعماء الغربيين بالضغط على أوكرانيا لتشكيل حكومة سوف تكون مقبولة بالنسبة لموسكو. ويعتقد كثيرون أن هذا هو السيناريو الذي يعول عليه الآن الكرملين. ومع ذلك، فإنه إذا نظرت بالفعل إلى ما يقوله الزعماء الغربيون، بما في ذلك ترامب، عندئذ، فإنه من الواضح أنه لا أحد منهم قريب حتى من الضغط من أجل تغيير الحكومة في كييف. وحتى أولئك الذين يشعرون فيما يبدو بالسعادة لرؤية مفاوضات لا يريدون استسلام أوكرانيا أو تنصيب نظام دمية في كييف.

وقام الكرملين بإعداد الروس لهجوم نهائي، على أمل تحقيق اختراق استراتيجي سوف يؤدي إلى مفاوضات بشأن استسلام أوكرانيا. وإذا لم يحدث هذا قريبا، سوف تضطر روسيا لشن عملية تعبئة مع كل المخاطر السياسية التي تنطوي عليها، وتسعى لمزيد من التصعيد في ميدان القتال.

ويعنى كل هذا أن انتخاب ترامب يضع الكرملين في موقف صعب. ومثلما قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين، سوف يراقب المسؤولون الروس أفعال الرئيس المنتخب عن كثب. ويرغبون في رؤية ما هي الخطوات الأولي التي سوف يتخذها ترامب لكي يفهموا على نحو أفضل ما إذا كان الحديث عن “نافذة فرصة” سوف يصل إلى أي شيء.

ومن الناحية النظرية، قد تعنى لعبة الانتظار هذه أن تمتنع روسيا عن مزيد من التصعيد. وقد يخفض الكرملين حتى الضغط على كييف كإشارة إلى أنه منفتح لأفكار جديدة. ولكن هناك أيضا الكثير من المسؤولين الروس الذين يدفعون بالقول إنه لا يتعين على روسيا أن تفقد تفوقها الحالي في ميدان القتال مقابل تعهد أجوف بإجراء محادثات مع واشنطن. ووفقا لمنطقهم، فإن الصقور في المؤسسة السياسية الأمريكية هم الذين يكون لهم دائما اليد العليا.

واختتمت ستانوفايا تقريرها بالقول إنه في التحليل النهائي، تعتمد استراتيجية روسيا لتحقيق النصر، مثل استراتيجية أوكرانيا، على عملية لا تسيطر عليها. وكنتيجة لذلك، تتأرجح موسكو بين احتمال وقف لإطلاق النار والمزيد من التصعيد العسكري. وسوف تنطوى أي خطوة خاطئة من جانب موسكو على مخاطر كبيرة، تتضمن إرغامها على شن جولة جديدة من التعبئة، واتخاذ المزيد من الإجراءات الراديكالية للاحتفاظ بالسيطرة في الداخل، ومواجهة جنود الناتو بشكل مباشر. ورغم الذهول الحالي من فوز ترامب، فإن الغرب لا يزال لديه دور حاسم ليقوم به في تحديد مستقبل أوكرانيا.









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي