تيغراي (إثيوبيا) - تقول راوا وهي جالسة على كرسي ويغطي وجهها حجاب أبيض "اغتصبني سبعة رجال". هذه الإثيوبية هي واحدة من النساء اللواتي وقعن ضحايا الاغتصابات التي حدثت خلال الحرب في تيغراي عام 2020 بين القوات الحكومية المدعومة من ميليشيات والجيش الإريتري، وجبهة تحرير شعب تيغراي.
كانت راوا التي تم تغيير اسمها الأول مثل أسماء الضحايا الآخرين الذين قابلتهن وكالة فرانس برس، قد أنجبت لتوها توأمين عندما اندلعت الحرب في إقليم تيغراي في شمال إثيوبيا.
تنحدر راوا (40 عاما) من ويلكيت، وهي منطقة قريبة من الحدود مع إريتريا، وتروي من مركز صحي صغير في بلدة شيري "بقيت هناك لأنني كنت قد أنجبت حديثا، لكن الجميع فرّوا وتركوني".
رفض العديد من الأشخاص مساعدتها قائلين إن زوجها يقاتل مع المتمردين. ثم أُمسك بها وضُربت وهي تحمل أحد أطفالها بين ذراعيها. وتقول راوا "لقد مات الطفل".
وتضيف "تحملت الكثير من المعاناة"، مستذكرة عمليات الاغتصاب التي تعرّضت لها من سبعة جنود إريتريين و"فقدت الوعي خلالها".
تعاني راوا اليوم "مرضا طويلا"، في إشارة إلى إصابتها بفيروس نقص المناعة البشرية أثناء الاغتصاب الذي تعرّضت له. وتقول "لست بصحة جيدة ولا أستطيع الذهاب إلى الطبيب لأنني لا أملك القوة ولا المال للتنقل"، علما أنها تعيش حاليا في الشارع مع أطفالها لعدم قدرتها على دفع الإيجار.
- عمليات اغتصاب "ممنهجة" -
اندلعت الحرب في تيغراي في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 وانتهت في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 بتوقيع اتفاق سلام في بريتوريا.
وخلال عامين من الحرب التي خلفت، بحسب تقديرات الاتحاد الإفريقي، 600 ألف قتيل وأكثر من ثلاثة ملايين مشرد، كانت عمليات الاغتصاب والعنف الجنسي "ممنهجة" واستخدمت كسلاح حرب، وفق ما أظهرت دراسة نشرتها عام 2023 مجلة "بي إم سي ويمنز هِلث" العلمية التي تعنى بصحة النساء.
وتختلف الأرقام المتعلقة بعدد حالات الاغتصاب المرتكبة خلال الحرب وهي تصل إلى 120 ألفا، بحسب البيانات التي جمعها الباحثون. وفي أكثر من 70 % من الحالات، حمّل الضحايا الجنود الإثيوبيين والإريتريين المسؤولية.
في خضم الحرب في تيغراي، اضطرت تسيغا للذهاب إلى متجر صغير قرب منزلها لشراء الدقيق إذ لم يتبق لعائلتها أي شيء لتأكله.
تقول هذه الشابة التي تبلغ 29 عاما "كنت أعتقد أن قصص الجنود الذين يمسكون بالنساء ويغتصبونهن مجرد شائعات".
في طريقها إلى المتجر، صادفت تسيغا جنديين إريتريين لحقا بها. وتستذكر قائلة "هدّدا بتفجير المتجر إذا لم أخرج". وتروي باكية "بمجرد خروجي، أخذني الجنديان ثم اغتصباني".
بعد عمليات الاغتصاب "لم أفكر إلا في شيئين، إما أن أقتل نفسي أو أن أذهب وأقاتل" مع المتمرّدين كما تضيف.
بعد مرور عامين على انتهاء الحرب، ما زالت فرق أطباء بلا حدود "تستقبل ناجين (من العنف الجنسي) يحتاجون إلى دعم نفسي وطبي أساسي"، بحسب ما تؤكّد الدكتورة نمرت كور، وهي منسقة مشاريع للمنظمة غير الحكومية التي تدير بالتعاون مع السلطات الإقليمية، مركزين صحيين في شيري وشيرارو.
ووفقا لمنظمة أطباء بلا حدود، يصل إليها حوالى أربعين شخصا جديدا كل شهر. وتقول كور "تحتاج السلطات المحلية إلى المساعدة من أجل تلبية الحاجات المتزايدة لسكان المنطقة".
- "لا أحد يسمع صراخنا" -
كان العدد الأكبر من ضحايا الاغتصاب نساء وأحيانا شابات قاصرات، لكنّ رجالا كانوا أيضا عرضة لذلك.
عندما بدأت الحرب، غادر ماماي (21 عاما) غرب تيغراي الذي كان مسرحا لاشتباكات عنيفة. وعلى الطريق، أوقفه جنود إريتريون مع حوالى ستين شخصا من بينهم فتيات صغيرات في العاشرة من العمر.
وكان ذلك بداية المحنة.
يروي ماماي "احتجزونا في مستودع، ثم أخذونا واحدا تلو الآخر واغتصبونا". ويستذكر قائلا "لم يكن هناك أحد ليسمع صراخنا، ولا أحد لمساعدتنا".
كانت تلك الانتهاكات يومية واستمرت قرابة عامين. وفي نهاية المطاف، أُطلق سراحه مع المحتجزين الآخرين بعد توقيع اتفاق السلام.