نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا قالت فيه إن الحرب ليست هي السبب التي تدفع المسلمين والعرب الأمريكيين للتخلي عن الديمقراطيين، ففي ميشيغان حيث تتقدم المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بأقل من واحد بالمئة على المرشح الجمهوري دونالد ترامب، ستحدث نتائج هذه الولاية فرقا.
وفي مؤتمرات صحافية عقدت في 27 تشرين الأول/أكتوبر بمبنى غرفة التجارة العربية – الأمريكية بمدينة ديربورن، في ضواحي ديترويت، كان الجو غير مريح. فعلى أحد جانبي طاولة مجلس الإدارة، أمام حشد من الكاميرات والميكروفونات، جلس نحو 12 رجلا وامرأة لهم وزن في الدوائر العربية الأمريكية. وتناوبوا على الحديث حيث شرح كل منهم كيف تأثروا بشكل مباشر بالحرب في الشرق الأوسط وكيف شعروا بخيبة الأمل والخيانة من جانب الرئيس جو بايدن وكيف أنهم على الرغم من كل ذلك، سيمنحون أصواتهم لكامالا هاريس.
وقال جيمس زغبي، المتحدث الثاني ومؤسس المعهد العربي الأمريكي: “سمعت أناسا في مجتمعي يتحدثون عن معاقبة الديمقراطيين بسبب هذه الحرب”، مضيفا “لن يعاقبوا الديمقراطيين بل وسيعاقبون المهاجرين وسيعاقبون الناس الأبرياء”، وأنهى كلامه بمناشدة “لا تعاقبوا البلد، العالم وأطفالكم وأحفادكم فقط لأنكم تشعرون بالغضب”.
وفي الوقت الذي كانوا يتحدثون به تجمع حشد صغير وهم يحملون العلم الفلسطيني في الخارج مما يقترح أنهم سيعملون هذا بالضبط، وهتفوا قائلين: “من في الداخل هم خونة” و”يصادقون على إبادتنا الجماعية”، وبعد ذلك وصفوا من حضر الاجتماع في الداخل بأنهم “عملاء للصهيونية”. وبحسب جنين ياسين، إحدى المتظاهرات، فإن الفارق الوحيد بين هاريس ودونالد ترامب هو السرعة التي يقبل بها كل منهما قتل جميع الفلسطينيين. وقالت إن كلا منهما رهيب، لكنها تعتقد أن ترامب كان صادقا على الأقل في احتقاره للقضية الفلسطينية.
وتعلق المجلة أن ميشيغان هي واحدة من الولايات المتأرجحة التي تقترح فيها استطلاعات الرأي أن هاريس لديها أضعف تقدم: ويضعها نموذج المجلة في المقدمة بفارق 0.4% فقط. ووفقا لمكتب الإحصاء الوطني، يزعم 310,000 شخص أنهم من أصول شرق أوسطية أو شمال أفريقيا في الولاية، أي حوالي 3٪ من الإجمالي السكاني. وعليه فكسب أصوات الناخبين العرب قد يعطي ترامب النصر في الانتخابات.
وفي 26 تشرين الأول/ أكتوبر، ظهر الرئيس السابق في تجمع حاشد في نوفي، إحدى ضواحي ديترويت، وكان إلى جانبه على المنصة 21 من القادة المسلمين والعرب (جميعهم من الرجال)، بعد أن أيده رؤساء بلديات ديربورن هايتس، وهي ضاحية عربية كثيفة بجوار ديربورن، وهامترماك، وهي جيب في ديترويت يديرها بالكامل مجلس بلدي مكون من المسلمين. وأعلن أحد المتحدثين من أن ترامب سيحقق “السلام”.
وربما لم يكن هذا هو الحال، فبحسب السناتور الجمهوري ليندزي غراهام فقد أخبر ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه يشعر “بالدهشة” من العمليات العسكرية الأخيرة للجيش الإسرائيلي ويريد المزيد منها. ودعا الرئيس السابق نتنياهو إلى “إنهاء المهمة”، كل هذا لم يمنع بعض العرب الأمريكيين في ميتشغان من منح أصواتهم لترامب. وقالت رانيا بطريق، وهي فلسطينية- أمريكية وناشطة ديمقراطية عملت سابقا في حملة المرشح بيرني ساندرز عام 2016، وتدعم عن تردد حملة هاريس، إن من يدعمون ترامب من العرب الأمريكيين يعرفون أن وعوده بتحقيق السلام هي “كذبة كبيرة سمينة”، ولكنها تخشى أنهم لن يهتموا لأنهم غاضبون جدا من بايدن وهاريس.
وقد أبدى عدد منهم تعاطفا ودفئا من هاريس بداية، لكنهم شعروا بالخيبة لأن نائبة الرئيس لم تبعد نفسها عن خطابه بعد أن أصبحت مرشحة للحزب.
وتقول المجلة: “هناك بعض الأسباب التي تجعلنا نعتقد أن قلة من المسلمين قد ينجرفون نحو ترامب حتى من دون الحرب، وأن إراقة الدماء في غزة ولبنان توفر ببساطة ذريعة. ففي مكالمة هاتفية نظمتها حملة ترامب في 21 تشرين الأول/أكتوبر لم يذكر عامر غالب، عمدة هامترامك، الحرب في غزة على الإطلاق. وأشار أحد الأئمة الحاضرين إلى أنه إذا فازت هاريس، “سيتحول الأولاد إلى بنات والبنات إلى أولاد”.
وتقول ميليسا جيلكريست، المقيمة في هامترامك، إنها تعتقد أن تأييد غالب لترامب يتعلق أكثر بالسياسة المحلية. فقبل عام، كانت في مقدمة احتجاج ضد غالب بعد أن أزال علم قوس قزح لحقوق المثليين في المدينة من خارج مبنى البلدية. وتقول إن العمدة وزمرته “أكثر محافظة في الأمور الاجتماعية من الحزب الديمقراطي”. وتأييد العمدة لترامب هو لسعة لمنتقديه المحليين.
وفي استطلاع أجراه المعهد العربي- الأمريكي بداية الشهر الحالي، وجد أن العرب الأمريكيين منقسمون بين المرشحين بالتساوي. وربما قرر العرب والمسلمون الأمريكيون الامتناع عن المشاركة في الانتخابات، أو قرروا التصويت لمرشح من حزب ثالث. ودعت حملة تشجعهم على القيام بذلك، والتي أطلق عليها “اهجروا هاريس” للتصويت لمرشحة حزب الخضر جيل ستاين.
ويقول حسن عبد السلام، مؤسس هذه الحملة، إنه يأمل أن تخسر السيدة هاريس الانتخابات بهامش ضئيل في ميشيغان، وهو ما سيدفع الديمقراطيين لتغيير مواقفهم ويتعهدون بتبني مرشح يعبر عن سياسة أكثر حزما تجاه إسرائيل.
ويقول: “نريد أن نكتب التاريخ، وأن يتذكرنا أحفاد أحفادنا إلى الأبد”، هذه هي مجرد فكرة.