
بيروت - قتل ثلاثة صحافيين في غارة إسرائيلية طاولت مقر إقامتهم في جنوب لبنان فجر الجمعة، وندد مسؤولون لبنانيون بما اعتبروه "جريمة حرب" في وقت تتواصل المواجهة المفتوحة منذ شهر بين الدولة العبرية وحزب الله.
وفي غزة، قتل 20 فلسطينيا في غارتين إسرائيليتين صباح الجمعة مع استمرار الحرب بين إسرائيل وحركة حماس منذ أكثر من عام، مع تجدد الحراك الدبلوماسي سعيا لاستئناف مباحثات وقف إطلاق النار والافراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.
وأتى احياء الجهود عقب جولة إقليمية أجراها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، يستكملها الجمعة بمباحثات في لندن مع نظراء عرب ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي.
وأعلنت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن ثلاثة صحافيين قُتلوا "في غارة معادية استهدفت مقرّ إقامتهم في حاصبيا" في جنوب لبنان فجر الجمعة.
ونعت قناة المنار التابعة لحزب الله مصوّرها وسام قاسم، بينما نعت قناة الميادين مصوّرها غسان نجار ومهندس البث محمد رضا.
ورأى ميقاتي أن ذلك "يشكّل فصلا من فصول جرائم الحرب التي يرتكبها العدو الاسرائيلي"، وأن هدف "العدوان المتعمّد... ترهيب الاعلام للتعمية على ما يرتكب من جرائم وتدمير".
وكتب وزير الإعلام زياد مكاري على منصة أكس "انتظر العدو الاسرائيلي استراحة الصحافيين الليلية، لكي يغدر بهم"، مضيفا "كان في المكان 18 صحافيا يمثلون سبع مؤسسات إعلامية. هذه جريمة حرب".
ولم يعلّق الجيش الإسرائيلي بعد على هذه الغارة ردا على سؤال فرانس برس.
- قطع معبر حدودي -
وتواصلت الغارات على مناطق أخرى.
وتسبّبت إحداها صباح الجمعة بقطع معبر حدودي بين لبنان وسوريا، وفق ما أفاد وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية.
وهذا المعبر هو الثاني من إجمالي ثلاثة رئيسية، يصبح خارج الخدمة بسبب ضربات إسرائيلية.
وأكد الجيش الإسرائيلي الاستهداف، وهو يتهم حزب الله باستخدام المعابر "لنقل الكثير من الوسائل القتالية".
من جهتها، اعتبرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن استهداف المعابر "يعوق ويهدد حقا شريان حياة رئيسيا يستخدمه الناس للهروب من النزاع في لبنان والعبور إلى سوريا".
وشنّ سلاح الجو الإسرائيلي "سلسلة غارات" استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل الخميس، وفق الوكالة الوطنية التي أشارت الى أن أعنفها كانت "في الشويفات العمروسية حيث دمّرت مبنيَين وأشعلت حريقا كبيرا".
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يستهدف "بنى تحتية" ومنشآت لانتاج وتخزين الأسلحة عائدة لحزب الله، بينما يعلن الأخير "صد" محاولات تقدم بري، وإطلاق صواريخ ومسيّرات ضد مناطق وقواعد عسكرية في شمال الدولة العبرية.
أعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة مقتل خمسة من جنوده في جنوب لبنان، ما يرفع الى عشرة عدد الجنود الذين أعلن مقتلهم خلال أقل من 24 ساعة.
وبعد عام على تبادل القصف عبر الحدود، دخلت إسرائيل والتنظيم اللبناني المدعوم من إيران في مواجهة مفتوحة اعتبارا من 23 أيلول/سبتمبر. وكثّفت الدولة العبرية غاراتها الجوية وأطلقت عمليات برية قالت إنها "محدودة" في المناطق الحدودية في 30 منه.
وأسفرت الحرب عن مقتل 1580 شخصا على الأقل منذ 23 أيلول/سبتمبر، بحسب تعداد لفرانس برس استنادا الى بيانات وزارة الصحة. كما تسببت بنزوح زهاء 800 ألف شخص، بحسب الأمم المتحدة.
وأفادت وزارة الصحة اللبنانية الجمعة بمقتل 163 عاملا في القطاع الصحي منذ بدء التصعيد العام الماضي.
- دعوات الى ايجاد حل -
في الأثناء، تتواصل الدعوات الدولية لايجاد حل في لبنان يحول دون توسع النزاع بشكل إضافي.
وقال بلينكن بعد لقائه ميقاتي في لندن "نشعر بأنه من الملح للغاية التوصل إلى تسوية دبلوماسية والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، حتى يتحقق أمن حقيقي على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان".
أنهى القرار الأممي 1701 حرب العام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، ونصّ على تعزيز انتشار قوة اليونيفيل وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الأممية. ويتحدث مسؤولون ووسائل إعلام عن اقتراحات ينقلها دبلوماسيون إلى لبنان من أجل إجراء تعديلات أو إضافات على القرار.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الجمعة "نحن في سباق مع الزمن بين إمكان إطلاق مسار سياسي في لبنان واحتدام للوضع بشكل معمم لا تحصى تداعياته".
من جهتها، قالت اليونيفيل الجمعة إن الوضع على الحدود يشكل "تحديا بالغ الصعوبة"، مشيرة في بيانين إلى تعرض مواقعها وعناصرها لأربعة حوادث، أحدها وقع الخميس وأطلق خلاله جنود اسرائيليون النار على موقع مراقبة تابع لها.
- 20 قتيلا و"تطهير عرقي" -
في غزة، قتل عشرون فلسطينيا في غارتين إسرائيليتين صباح الجمعة على منزلين في خان يونس (جنوب)، بحسب الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل.
وأشار بصل إلى انتشال 14 جثة "وأشلاء من تحت أنقاض منزل عائلة الفرا في حي المنارة"، وست جثث أخرى "من عائلة عابدين في المنطقة نفسها".
وقال مصدر طبي في مستشفى ناصر إن 28 قتيلا نقلوا صباح الجمعة إلى المستشفى إثر قصف إسرائيلي على منازل في خان يونس.
اندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل، أسفر عن 1206 قتلى، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية، بينهم رهائن قتِلوا أو ماتوا في الأسر.
ومن بين 251 شخصا خطفوا، لا يزال 97 في غزة، وأعلن الجيش أن 34 منهم في عداد الموتى.
ردا على ذلك، توعدت إسرائيل بالقضاء على حماس، وشنت هجوما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 42847 فلسطينيا، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفق بيانات وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة ذات صدقية.
وتنفّذ القوات الإسرائيلية عملية واسعة في شمال القطاع وخصوصا منطقة جباليا منذ أيام. وقال الدفاع المدني الخميس إن أكثر من 770 شخصا قتلوا في الشمال منذ السادس من تشرين الأول/أكتوبر.
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لبلينكن خلال لقاء في لندن الجمعة "نرى حصول تطهير عرقي، وعلى ذلك أن يتوقف".
بدوره، أكد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الجمعة أن شمال غزة يعيش "أحلك" لحظات الحرب، محذرا من أن ممارسات إسرائيل قد تصنف "جرائم فظيعة".
وقادت الولايات المتحدة ومصر وقطر خلال الأشهر الماضية، جهودا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في غزة. ولم تثمر هذه الجهود سوى هدنة لأسبوع في تشرين الثاني/نوفمبر.
والخميس، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن رئيس الموساد سيتوجه الأحد إلى الدوحة للقاء مسؤولين أميركيين وقطريين لبحث "استئناف المفاوضات".
كما التقى وفد أمني مصري مسؤولين أمنيين إسرائيليين "في إطار الجهود المصرية لاستئناف المفاوضات"، وفق قناة "القاهرة الإخبارية" القريبة من الاستخبارات المصرية.
وأكد مسؤول في حماس لفرانس برس "جاهزية" الحركة لوقف النار إذا التزمت إسرائيل الانسحاب من القطاع وعودة النازحين وإبرام صفقة تبادل.