غزة - الاراضي الفلسطينية - خرج يحيى السنوار الذي أعلن الجيش الإسرائيلي الخميس أنه يتحقق من احتمال مقتله في عملية عسكرية بقطاع غزة، من ظلّ المعتقلات الإسرائيلية الى زعامة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وكان هدفا رئيسيا للدولة العبرية الذي تعتبره مهندس هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
أمضى السنوار (61 عاما) 23 عاما في السجون الإسرائيلية، ثم تولى مسؤوليات أمنية داخل حماس وصولا الى رئاسة مكتبها السياسي في خضم الحرب الحالية في قطاع غزة إثر اغتيال إسماعيل هنية في طهران في 31 تموز/يوليو.
تتهمه إسرائيل بالوقوف وراء الهجوم المباغت وغير المسبوق الذي شنته الحركة في جنوب الدولة العبرية، وخلّف 1206 قتلى غالبيتهم من المدنيين وفق حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية، بينما اقتاد مقاتلو حماس معهم 251 شخصا رهائن الى قطاع غزة.
في حال تأكيد وفاته، سيلتحق السنوار بسلسلة من الشخصيات البارزة في الحركة قتلت منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، يتقدمها هنية ونائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري الذي قضى بضربة جوية في كانون الثاني/يناير في الضاحية الجنوبية لبيروت.
كما أعلنت إسرائيل أنها اغتالت في تموز/يوليو بضربة جوية في قطاع غزة، قائد الجناح العسكري لحماس محمد الضيف. ولم تؤكد حماس حتى الآن مقتله.
وبعد هجوم حماس على جنوب إسرائيل، أصبح السنوار "الرجل الحي الميت" بالنسبة للجيش الإسرائيلي. ويعتقد أنه كان يتنقل في شبكة الانفاق التي أقامتها الحركة تحت الأرض في غزة.
ولم يظهر الرجل المكنّى "أبو إبراهيم" إلى العلن منذ ذلك الحين.
- أمني بامتياز -
تقول ليلى سورا من المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية في باريس إن التخطيط للهجوم ربما استغرق عاما أو عامين، مضيفة "هذه استراتيجيته، هو من خطط له" قبل أن "يفاجئ الجميع" ويحاول "تغيير ميزان القوى على الأرض".
في العام 2017، وبعد انتخابه زعيما للحركة في قطاع غزة، التقت وكالة فرانس برس أبو عبد الله المنتمي الى حماس والذي أمضى بضع سنوات مع السنوار في المعتقلات الإسرائيلية. وقال إن السنوار معروف خصوصا بتكتمه لا سيما أنه رجل أمني "بامتياز".
وأضاف أن السنوار "يتخذ قراراته بهدوء تام لكنه صعب المراس عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالح حماس".
ولد السنوار في مخيم خان يونس للاجئين الفلسطينيين في جنوب قطاع غزة، وانضم الى حركة حماس التي أسسها الشيخ أحمد ياسين قبل الانتفاضة الفلسطينية الأولى في العام 1987.
- معاقبة المتعاونين -
أنشأ السنوار في 1988 الجهاز الأمني للحركة (عرف باسم "المجد")، وهو المسؤول عن ملاحقة المتهمين بالتجسس لحساب إسرائيل ومعاقبتهم وصولا الى إعدامهم في بعض الأحيان.
بحسب محضر التحقيق الذي خضع له في إسرائيل ونشرت وسائل إعلام عبرية، اعترف السنوار بخنقه متعاونا مع إسرائيل بالكوفية حتى الموت في مقبرة في خان يونس.
تخرّج من الجامعة الإسلامية في غزة وتعلّم العبرية التي يتقنها بمستوى جيد خلال 23 عاما أمضاها في السجون الإسرائيلية. ويقال إنه تمتع بفهم عميق للثقافة والمجتمع الإسرائيليين.
حكم على السنوار بالمؤبد أربع مرات بتهمة قتله جنديين إسرائيليين. وكان من بين 1027 فلسطينيا أفرج عنهم في العام 2011 في صفقة تبادل مع الجندي الفرنسي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
لاحقا، أصبح السنوار قائدا بارزا في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قبل أن يصبح زعيم الحركة في القطاع.
- "راديكالي وعملي" -
كان السنوار يطمح إلى إقامة دولة فلسطينية واحدة تجمع بين قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة من إسرائيل إلى جانب القدس الشرقية منذ 1967.
ووفقا لمجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية (مركز أبحاث)، تعهّد السنوار معاقبة أي شخص يعرقل المصالحة مع حركة فتح.
وبعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية في غزة عام 2006، خاضت الحركة نزاعا داميا مع حركة فتح أفضى الى طرد الأخيرة من القطاع وسيطرة حماس بالكامل عليه في 2007.
ورغم تقارب واضح في العلاقات، إلا أن جهود المصالحة بين الحركتين الفلسطينيتين جميعها باءت بالفشل.
لكنهما اتفقتا على "إنهاء الانقسام" والعمل معا لتشكيل "حكومة وفاق وطني موقتة" لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة، وفق ما جاء في "إعلان بكين" الذي وقعته الحركتان مع أبرز الفصائل الفلسطينية برعاية الصين في 23 تموز/يوليو.
وتقول سورا إن السنوار اعتمد مسارا "راديكاليا في التخطيط العسكري وآخر براغماتيا في السياسة". وتضيف "إنه لا يدعو إلى القوة من أجل القوة بل من أجل إجراء مفاوضات" مع إسرائيل.
في العام 2015، أضيف اسم السنوار إلى قائمة الولايات المتحدة لأكثر "الإرهابيين الدوليين" المطلوبين.
وسبق لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن تعهد "العثور على السنوار والقضاء عليه"، وحضّ سكان قطاع غزة على تسليمه.