
نفذت القوات الإسرائيلية، أمس الأربعاء، أكثر من عشر غارات جوية على مدينة النبطية ومحيطها في جنوب لبنان، واستهدفت بعض الغارات مبنيي البلدية واتحاد بلدياتها، فقتلت، حسب حصيلة أولية، خمسة أشخاص بينهم رئيس البلدية أحمد كحيل، وأعضاؤها صادق إسماعيل، وخضر قديح، وقاسم حجازي، بالإضافة إلى مسؤول الإعلام محمد بيطار، والموظف محمد زهري.
كانت إسرائيل، قبل أيام، قد استهدفت قاعدة للجيش اللبناني في كفرا جنوب البلاد مما أسفر عن مصرع اثنين من الجنود.
زعم الجيش الإسرائيلي حينها أنه لم يكن على علم بوجود منشأة تابعة للقوات اللبنانية في المنطقة وأنه “يقاتل حزب الله وليس دولة لبنان” لكنّ هجوم جيش الاحتلال الإسرائيلي الأخير على مجلس بلدية منتخب ويعتبر مؤسسة خدمية تابعة للدولة اللبنانية يشير صراحة إلى أن آلة القتل الإسرائيلية تريد توسيع دائرة استهدافاتها، من إرهاب المدنيين إلى إرهاب الدولة اللبنانية.
كان بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، قد حاول قبل ذلك تبرير استهداف المدنيين اللبنانيين الذين طالبهم بـ”استعادة بلدهم” وإلا فإن “حزب الله”، حسب قوله، “سيواصل محاولة حرب إسرائيل من مناطق مكتظة بالسكان”. يُعيد نتنياهو هنا الأطروحة الإجرامية التي ما فتئ يكرّرها أمام العالم والتي يرفع من خلالها مسؤولية الجرائم الجماعية التي يرتكبها في غزة ولبنان ليحمّلها لحركة “حماس” و”حزب الله”.
بين خطاب نتنياهو عبر الفيديو الذي وجهه “إلى الشعب اللبناني” واستهداف الجيش اللبناني وبلدية النبطية، مرّت آلة القتل الإسرائيلية على مجمل الأراضي اللبنانية، بما في ذلك ضربه مبنى سكنيا في أيطو، وهي قرية ذات أغلبية مسيحية في الشمال، بعيدة عن المناطق التي ينفذ فيها الجيش الإسرائيلي آلاف الضربات، كما استهدف هجوم إسرائيلي، هو الثاني، قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) مما أدى إلى سقوط جرحى.
أعلن نتنياهو، عمليا، الهدف من تلك الهجمات حين دعا، يوم الأحد الماضي إلى سحب قوات حفظ السلام الأممية فورا من الجنوب، وارتبكت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بعد ردود الفعل الغربية القوية على الأمر. أما المدنيون اللبنانيون، الذين قتل أكثر من 2350 منهم حتى الآن، فكان نصيبهم من تصريحات نتنياهو الوقحة هو ذلك الطلب / التهديد بالتخلص من “حزب الله”… وإلا حُكم عليهم بالموت مع عناصر الحزب وحاضنته الاجتماعية ومؤسسات الدولة البلدية وجنود الجيش اللبناني!
سيستمر نتنياهو وشركاؤه في عمليات الإبادة والإرهاب التي لا توفّر سيادة أو أرواحا أو مؤسسات، كما سيستمر بمحاولة اللعب على أوتار عدم استهداف الدولة اللبنانية، أو الجيش اللبناني، أو المدنيين اللبنانيين، أو جنود قوات حفظ السلام الأممية، لكنّ الحقيقة الواضحة للعيان أن آلة الإجرام الإسرائيلية قد أفلتت من عقالها وأن ذلك أدى إلى عطب هائل في نظام العالم الحديث الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وإسرائيل نفسها، من منتجاته.
إسرائيل صارت، بهذا المعنى، التمثيل الشديد البشاعة لهذا الخلل الهائل، وهناك إشارات في مناطق عديدة من العالم إلى أن البخار بدأ ينطلق من مرجل العالم وأنه ربما ينفجر.