القدس العربي : ممداني وفلسطين: نصر الشجاعة وتغيّر العالم!

الأمة برس
2025-11-06 | منذ 2 ساعة

عمدة نيويورك المنتخب زهران ممداني (ا ف ب)بفوزه بمنصب عمدة نيويورك، حقّق زهران ممداني، إنجازات كبيرة ومتعددة يصعب اختزالها واختصارها في كونه مسلما أو أنه أصغر عمدة منتخب في تاريخ أكبر مدينة في الولايات المتحدة، أو في التحدّي السياسي الكبير الذي يمثّله لإدارة الرئيس دونالد ترامب، ولإسرائيل، أو في التيّار اليساري الديمقراطي الذي يمثّله.
يصعب، بداية، اختصار ممداني في كونه مسلما لأنه يمتلك أصولا غنيّة تصل بين الهند وأفريقيا وأمريكا، وأبواه شخصان استثنائيان: والد أكاديمي يدرّس في جامعة كولومبيا (التي اشتهرت بتدريس إدوارد سعيد فيها، وكانت في السنتين الأخيرتين مهد الاحتجاجات المطالبة بوقف حرب غزة) ولديه كتب تنتقد ظواهر الامبريالية والفاشية والاستبدادات المحلية، ووالدته مخرجة معروفة رشّحت سابقا لجائزة الأوسكار، وزوجته فنانة سورية، وهو ولد في أوغندا وأمضى سنواته الأولى في جنوب أفريقيا.
أعطى ممداني الأمريكيين، والعالم، درسا سياسيا كبيرا باتخاذه القرار الشجاع الصريح بمناصرة الفلسطينيين، والتنديد بالإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل ضدهم في غزة، وصولا إلى التعهد باعتقال بنيامين نتنياهو، رئيس حكومتها، إذا وطأت قدماه المدينة حيث يقع مقرّ الأمم المتحدة، وذلك في المدينة التي تعتبر عاصمة اليهود في العالم، ومع ذلك فقد حصل ممداني، على دعم مختلف الطوائف الدينية بما في ذلك أداء غير متوقع من الناخبين اليهود (أكثر من 950 ألف يهودي) رغم المحاولات التي قام بها ترامب، قبل أيام، بوصف ممداني بـ«كاره اليهود» وحتى بمهاجمة من يصوّتون له منهم باعتبارهم «يهودا أغبياء»، كما بلجوء المرشح الجمهوري كومو إلى إساءات معادية للإسلام للتنفير من انتخابه، وتعرّضه لحملات على وسائل التواصل تصفه بالجهادي والإرهابي.
إضافة إلى المؤسسات المالية العملاقة، أثارت حملة ممداني الداعية لفرض ضرائب على كبار الأثرياء، النخب التقليدية في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لكنّ الحملة التي قدّمت أيضا برنامجا سياسيا يعد بفوائد مباشرة للطبقات الفقيرة والوسطى، وخدمة الجمهور العام حشدت نشطاء من كافة فئات المجتمع، وخصوصا من الشباب.
طالب ترامب قبل أيام الجمهوريين باستخدام ما سمّاه «الخيار النووي» (أي الخيار الأقصى) وحذّر من «أحداث شديدة الوحشية في أمريكا) ويقوم برنامجه على توظيف الانقسامات ودعم التفاوت الاجتماعي والاقتصادي مما أدى في حقبتي رئاسته إلى استقطابات فظيعة ومطاردات مكثفة ضد الأقليات والمهاجرين، أما ممداني فركّز على التنوّع العرقي والدينيّ واللغوي الذي يميّز المدينة مشيرا إلى أنها «مدينة المهاجرين» قائلا في خطاب نصره: «اعتبارا من هذه الليلة يقود المدينة مهاجر»، وأتبع ذلك بمخاطبة ترامب، الذي تقوم سياساته على كره المهاجرين: «اسمعني يا ترامب: لكي تصل الى أي منا، عليك أن تتغلب علينا جميعا».
يمثّل برنامج ممداني المشدد على التنوع الديني والإثني وتضمين المهاجرين والأقليات واقتراحاته برفع الضرائب على كبار الأغنياء النقيض الحاد أيضا لعنصرية الدولة اليهودية، ولمزاعم «الديمقراطية الوحيدة» في الشرق الأوسط التي تقود حرب إبادة ضد سكان فلسطين الأصليين، وتحالفها في ذلك مع بعض مؤسسات المال وشركات المجمّع الصناعي ـ العسكري في أمريكا.
ردا على فوز ممداني لجأ المسؤولون الإسرائيليون إلى بضاعتهم المعتادة التي تساوي بين مصالح الطغمة الإجرامية الحاكمة في تل أبيب ومصالح اليهود في العالم، وكان هذا النصر مزعجا بشدة لحكام إسرائيل لأنهم اعتادوا أن تكون الآراء المعادية لدولة الاحتلال سببا لخسارة أي مرشّح، وهو ما عبّر عنه ترامب بالقول: «كان هناك وقت إذا أردت أن تكون سياسيا فلا يمكنك التحدث بسوء عن إسرائيل»، ولكنّ فوز ممداني أثبت العكس، أولا، كما أثبت تغيّرا مهمّا في رياح السياسة الأمريكية، وربما العالمية، ثانيا.

 











شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي