رؤية إخراجية جديدة.. (دائرة الطباشير) لأيمن زيدان.. إسقاط لمسرح بريخت على الواقع الراهن

الأمة برس
2024-09-02

حكاية ساخرة تثير قدرة المتلقي على التفكير والنقد (العرب)كشف العرض المسرحي "دائرة الطباشير" للفنان السوري أيمن زيدان عن رؤية إخراجية جديدة لمسرح برتولد بريخت، إذ أُسقطت المحمولات الفكرية للنص على الواقع الراهن، وتم تعريب وإعادة تشكيل أطروحاته لتوافق ما نشهده اليوم من أحداث وصراعات، وفقًا لـ العرب.

يقوم الإطار العام للمسرحية على الحكاية نفسها التي وضعها بريخت، وفيها ينجب الملك وريث عرشه، وتوكل مهمة تربية الطفل إلى مدبرة المنزل. وبتطور الأحداث، تشتعل الثورة، وتنشغل مدبرة المنزل بمحاولة تهريب الطفل خوفا على حياته، وبعد السيطرة على الثورة تبحث الأم عن طفلها، فتكتشف أنه يعيش مع المدبرة التي ترفض التخلي عنه، فتتقدم الملكة إلى القضاء لتستعيده.

يعقد القاضي محاكمته في الشوارع والحقول، ويضع الطفل في دائرة مرسومة بالطباشير، ويأمر الامرأتين بأن تتجاذبانه من يديه، على أن تكون حضانته للمرأة التي تتمكن من سحبه، وعندما ترفض المدبرة ذلك خوفا من تعريض الطفل للخطر، يرى القاضي في هذا السلوك ما يؤكد أحقيتها بأن تكون أمه.

وأثّث المخرج أيمن زيدان العرض الذي جال عددا من المدن الأردنية، بفنيات مسرح الفرجة، وحوّل المواقف التراجيدية إلى مواقف مملوءة بالسخرية السوداء، فمن ناحية السينوغرافيا اعتمد على قطع بسيطة يمكن أن يكون للواحدة منها أكثر من استخدام؛ برميل ماء يمكن أن يصبح مقعدا أو منصة، وقطع قماشية يمكن أن تتحول إلى ساقية ماء.

وتمتزج تلك المفردات البسيطة مع الملابس التي ارتداها الممثلون ومع أدائهم الجسدي فوق الخشبة، وبخاصة الحرص طوال العرض على التقارب مع الجمهور، سواء عبر استخدام الممرات بين المقاعد أو من خلال الاقتراب من مقدمة الخشبة ومواجهة الجمهور.

وقامت رؤية زيدان في ما يخص أزياء الممثل على وضع أقنعة خلف رأس كلٍّ منهم، في إشارة إلى فكرة القناع وما يخفيه، وهو ما عمّق الصراع ونقله من خارج الذات إلى داخلها، فالملامح التي تظهر فوق الوجوه وترتسم بوضوح تبدو زائفة، بينما الحقيقة تكمن أسفل القناع وفي طياته الخفية.

وكانت موسيقى العرض، الذي أعدّ الممثلين فيه المسرحي د.عبدالسلام قبيلات وأنتجه مسرح شمس ضمن برنامجه التدريبي للفنون المسرحية، جزءا أصيلا من تلك الفرجة الساخرة التي أرادها المخرج، ففي كل مفصل تراجيدي يعبّر عن مأساة المصير، تتعالى موسيقى مرحة، تتلاعب بمشاعر الجمهور وتنقلهم إلى حالة من البهجة المرة.

وتجدر الإشارة إلى أن “دائرة الطباشير القوقازية” هي ثاني أهم مسرحيات برتولد بريخت بعد “الأم الشجاعة”، وهي من نمط المسرح الملحمي الذي اعتمده بريخت، والذي يبغي أن يقود المشاهد إلى رؤية بعيدة ونقدية للأحداث على المسرح، وهدفه ليس التعاطف أو إثارة المشاعر، بل حفز التفكير والرؤى النقدية الاجتماعية.

وتدور ضمن لوحات المسرحية قصتان منفصلتان تلتقيان في نهاية المسرحية ومنها نرى أن مبدأ بريخت أن يروي حكاية تحث المتلقي على التفكير ليصل إلى الأمثولة بعد أن فكر هو بها. والمثل في هذه المسرحية هو “إذا أحببت شيئا فلا تتنازع عليه وتمزقه”.

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي