فايننشال تايمز: اتفاق وقف إطلاق النار في غزة كفيل بوقف انزلاق الشرق الأوسط نحو حرب شاملة  

2024-08-08

 

يبدو من الخطاب الصادر من بيروت وطهران، أنهم سيردون بطريقة منسقة. لكن حجم الانتقام مهم وسيحدد طبيعة الرد الإسرائيلي، وهو ما سيشكل الردود المضادة من حزب الله وإيران (أ ف ب)نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” افتتاحية تساءلت فيها عن الكيفية التي يمكن فيها وقف الأزمة المتفاقمة في الشرق الأوسط.

وقالت إن صفقة لوقف إطلاق النار في غزة، هي السبيل الوحيد لوقف دوامة العنف بالمنطقة. فبعد عمليات اغتيال متعاقبة قامت بها إسرائيل لقائد عسكري في حزب الله، وزعيم حركة حماس في الأسبوع الماضي، كانت هناك فورة من الحسّ بالانتصار في الدولة العبرية.

ومنذ ذلك الوقت، يعيش الإسرائيليون وبقية المنطقة حساً من القلق والانتظار لما قد يأتي، حيث باتت إسرائيل عالقة في دوامة خطيرة من العنف المتصاعد مع أعدائها.

وتعهدت إيران وحزب الله بالانتقام لمقتل فؤاد شكر، الرجل الثاني في الحزب، والذي اغتيل بغارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت، ومقتل إسماعيل هنية في طهران. وتحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها العرب، مرة أخرى بذل جهود يائسة لخفض التوتر، خشية من أن ينزلق كل الشرق الأوسط نحو الحرب الشاملة. وهو سيناريو كانت أمريكا وحلفاؤها يمقتون التفكير به منذ هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر ضد إسرائيل.

ومع ذلك، فاتفاق وقف إطلاق النار وعودة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس هو الطريق الوحيد لمنع التصعيد. وقد حان وقته، كما تقول الصحيفة.

وتقول “فايننشال تايمز” إن مصير المنطقة بات بيد المتشددين، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته من المتطرفين، وحسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، آية الله علي خامنئي، ويحيى السنوار زعيم حماس الذي يعتبر العقل المدبر لهجمات 7 أكتوبر. وهو ما يجعل الوضع قابلا للاشتعال ولا يمكن التكهن به.

وأضافت أن التصاعد الأخير في التوتر بدأ بسقوط صاروخ يُشكّ في أن حزب الله أطلقه، وقتل 12 طفلا في قرية مجدل شمس بمرتفعات الجولان المحتلة. ونفى الحزب المسؤولية عن ذلك، مع أنه اعترف باستهداف منشآت عسكرية إسرائيلية في محيط القرية ذلك اليوم.

وكانت هذه المأساة حتمية نظرا لتبادل الرشقات الصاروخية بين الحزب وإسرائيل منذ بداية الحرب على غزة. وسارع الساسة الإسرائيليون لوصف ما حدث بأنه من أكبر الهجمات القاتلة على إسرائيل منذ هجوم حماس.

واعترفت واشنطن بالتهديد، وضغطت على نتنياهو لضبط النفس. لكنه تجاهل الضغط على ما يبدو، وقامر بعملية انتقامية عالية الرهانات، حيث اغتال شُكر في معقل حزب الله ببيروت، ثم إسماعيل هنية في طهران. وأدت الضربتان لتوجيه إهانة كبيرة لأعداء إسرائيل، ووضعتهم في ورطة: إما الرد ومواجهة حرب شاملة مع إسرائيل، أو ضبط النفس والظهور بمظهر العاجز.

ويبدو من الخطاب الصادر من بيروت وطهران، أنهم سيردون بطريقة منسقة. لكن حجم الانتقام مهم وسيحدد طبيعة الرد الإسرائيلي، وهو ما سيشكل الردود المضادة من حزب الله وإيران.

وترى الصحيفة أن هناك مخرجا وهو الجهود الأمريكية متعددة الوجوه لتأمين الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة ووقف الحرب هناك. وهذا مهم للتوصل إلى اتفاق منفصل تتوسط فيه الولايات المتحدة بين حزب الله وإسرائيل. ولو تم الإعلان عن وقف إطلاق النار، فسيسمح لإيران بحفظ ماء وجهها وإعادة النظر في الرد.

وتشير الصحيفة إلى أن مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وصلت إلى طريق مسدود، حيث تطالب حماس بصفقة تضمن نهاية دائمة للحرب، وهو ما يرفضه نتنياهو بشدة. إلا أن حماس خففت في الأسابيع القليلة الماضية من موقفها، ووافقت على مناقشة نهاية الحرب مع نهاية المرحلة الأولى من الصفقة.

واعتقد المفاوضون أن موافقة حماس أزالت آخر عقبة للاتفاق، إلا أن نتنياهو شدد من موقفه، حتى مع دعم قادته الأمنيين للاتفاق. وعليه كان اغتيال هنية، رئيس المفاوضين عن حماس نكسة للمحادثات.

وكان انتخاب حماس للسنوار خليفة لهنية بمثابة إهانة لإسرائيل، وقد يعقّد قرار المفاوضات. ولكن السنوار لا يزال يسيطر على ما تبقى من حماس في غزة، ولديه القدرة على عقد صفقة.

وتعلق الصحيفة أن إسرائيل أضعفت من قدرات حماس العسكرية، ولن تستطيع الحركة السيطرة مرة أخرى على غزة أو تنفيذ هجمات مثل 7 أكتوبر، كما وجهت ضربة لحزب الله وأظهرت لإيران أنها قادرة على الضرب في عقر دارها.

ولكن التاريخ يكشف عن أن مقتل زعيم حركة مسلحة يعني ظهور آخر يملأ الفراغ. ويجب أن يستمع نتنياهو لبايدن وقادته الأمنيين وينتهز فرصة تأمين تحرير ما تبقى من أسرى، ويجب أن تكون هذه رسالة أمريكا الأولى والحازمة.

ومن المفارقة، أن إسرائيل وحزب الله وإيران لا يريدون حربا واسعة. ولكن كما ظهر في الشهر الماضي، فإن الأوضاع تنزلق ببطء وخطورة نحو الحرب.









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي