ميدل إيست آي: هل تخطّ حكومة "العمال" البريطانية سياسة مستقلة تجاه إسرائيل بعيداً عن واشنطن

2024-07-26

من المتوقع أن تسحب الحكومة اعتراضها على المذكرة التي تقدم بها مدعي عام “الجنائية الدولية” لاعتقال قادة إسرائيليين (ا ف ب)نشر موقع “ميدل إيست آي” في لندن تقريراً أعدّه عمران ملا قال فيه إن الحكومة العمالية في بريطانيا قد تعلن عن تحرك يفرض بعض القيود على مبيعات الأسلحة لإسرائيل، لكن ليس وقفها بشكل دائم.

ومن المتوقع أن تسحب الحكومة اعتراضها على المذكرة التي تقدم بها مدعي عام “الجنائية الدولية” لاعتقال قادة إسرائيليين.

ونقل الموقع عن مصادر في حزب “العمال” قولها إن الحكومة ستعلن، في الأيام المقبلة، فرض قيود على صفقات الأسلحة، ولكنها لن تعلق تصدير الأسلحة.

 وجاءت هذه التطورات بعد ما قال وزير الخارجية ديفيد لامي، الأسبوع الماضي، إنه طلب، في اليوم الأول من دخوله وزارة الخارجية، مراجعة شاملة بالتزام إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني.

وقالت مصادر لـ “ميدل إيست آي” إن القيود ستكون على الأسلحة الهجومية، على الأرجح. وأخبر وزير الخارجية  أنه في ظل هجمات الحوثيين و”حزب الله” فـ “ليس من الصواب فرض منع شامل بين البلدين”. واقترح أن النظر في الأسلحة الهجومية التي قد تستخدم في غزة قد يكون جزءاً من المراجعة الشاملة.

ومنذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، وافقت بريطانيا على 100 رخصة تصدير أسلحة لإسرائيل. وفي يناير/كانون الثاني، قدمت وزارة الأعمال والتجارة إفادة خطية إلى المحكمة العليا أظهرت أن الوحدة الحكومية التي تشرف على صادرات الأسلحة حدّدت 28 ترخيصاً و28 طلباً معلقاً للحصول على تراخيص لمعدات تحمل علامة “على الأرجح أن يستخدمها جيش الدفاع الإسرائيلي في عمليات هجومية في غزة”. وهذه قد تكون محلاً للقيود الجديدة على صادرات السلاح.

وقال كريس دويل، من مجلس التفاهم العربي- البريطاني إن “الخطوة المحتملة، وإن الحكومة البريطانية قد تستهدف مبيعات الأسلحة لإسرائيل، مرحب بها، لو وضعت قيوداً جدية على مبيعات الأسلحة هذه، وبطريقة تمنع إسرائيل من استخدامها”.

وهددت واشنطن، قبل فترة، بأنها ستعلق عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل.

وفي أيار/مايو، هدّد الرئيس جو بايدن بأنه سيعلق الأسلحة لو مضت إسرائيل في هجومها الشامل على مدينة رفح، مع أن الرئيس لم ينفذ تهديداته.

  والأسبوع الماضي، أصدرت “محكمة العدل الدولية” حكماً استشاريا حول احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، باعتباره غير شرعي يجب وقفه “بأسرع وقت ممكن”. وجاء فيه أن أعضاء المحكمة، ومن بينهم قاض بريطاني، عليهم واجب “اتخاذ خطوات لوقف العلاقات التجارية أو الاستثمارية التي تساعد في بقاء الوضع الذي خلقته إسرائيل”. وقد قاد هذا لدعوات متجددة من أجل أن تعلق الحكومة مبيعات السلاح إلى إسرائيل.

وقال زكي الصراف، المستشار القانوني في المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين: “هناك إشارات بأن الحكومة البريطانية قد تقيد مبيعات السلاح، وتسحب اعتراضها عن مذكرات الجنائية الدولية، ويجب تنفيذ هذه الخطوات، وبدون تأخير”، و”أي شيء أقل قد يجعل بريطانيا متواطئة في جرائم الحرب الإسرائيلية الكثيرة ضد الفلسطينيين. ومن أجل دعم العدالة والقانون الدولي، فالتحرك العاجل ليس ضرورياً لإنقاذ أرواح، بل هو واجب”.

وقالت كاتي فالون، مديرة منظمة الحملة ضد تجارة الأسلحة، إن التعليق على بيع الأسلحة يجب أن يشمل على “مساهمة بريطانيا الكبيرة لمقاتلات أف-35 وأف-16، والتي تسقط القنابل حالياً على غزة”. وهذا يشمل تزويد المقاتلات “عبر الولايات المتحدة، أو دول أخرى، من خلال تراخيص “مفتوحة”، أو “تأسيسية”، كما هو الوضع الحالي”.

ومن المتوقع أن تسحب بريطانيا، في الأيام المقبلة، اعتراضها على طلب مدعي عام “المحكمة الجنائية الدولية” طلب مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

في ظل حكومة المحافظين السابقة، تقدّمت بريطانيا بطلب، في 10 حزيران/يونيو، لتوفير معلومات مكتوبة تزعم أنه بما أن السلطات الفلسطينية لا تملك ولاية قضائية على المواطنين الإسرائيليين بموجب اتفاقيات أوسلو، فلا يمكنها نقل الولاية القضائية إلى “المحكمة الجنائية الدولية”. وفي 27 حزيران/يونيو، حَكَم قضاة “المحكمة الجنائية الدولية” بأن بريطانيا يمكنها تقديم حجج قانونية في القضية. ويعتقد المسؤولون في حكومة “العمال”، وبعد الانتخابات أن “الجنائية الدولية” تملك ولاية قضائية على غزة، وجاء هذا بعد تقارير عن محاولات أمريكية للضغط على بريطانيا، وألا تسحب تحديها القانوني.

 وفي 15 تموز/يوليو، ذكرت مصادر إعلامية أن بريطانيا طمأنت إسرائيل بأنها لن تسحب اعتراضها. وقال دويل إن على حكومة “العمال” إظهار التزامها بالقانون الدولي والسماح للمحكمة بـ “اتخاذ قراراتها المبرأة من التدخل السياسي” ومن “المهم أن تظهر بريطانيا بأنها لا تواصل، بأي حال، تواطؤها بما يجري في غزة، كما كان هو الحال”. وأضاف: “هذه فرصة للحكومة لوقف تواطئها، وسترسل رسالة لدول أخرى تحذو حذوها، كما آمل”.

وتأتي التطورات الأخيرة في ظل تعرض “العمال” لضغوط من منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان لتعليق بيع الأسلحة إلى إسرائيل. وعبّرَ مسؤولون بارزون في الحزب عن أثر موقف الحزب من الحرب في غزة، وخسر مقاعد في الانتخابات العامة بسبب سخط الناخبين المسلمين على دعم بريطانيا للحرب الإسرائيلية في غزة. وانتخب خمسة نواب مستقلين على قائمة المستقلين، وببرامج انتخابية تدعو لدعم الفلسطينيين ووقف الحرب.

 وذكرت صحيفة “التايمز”، في تقرير أعدّه جورج غريلز، إن حكومة كير ستارمر ستسحب الاعتراض على قرار “الجنائية الدولية” طلب مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين. ويتوقع أن تنشر نصيحة قانونية حول قرار بيع الأسلحة لإسرائيل، في تراجع قد يؤدي إلى صدع في العلاقات بين البلدين.

وقالت الصحيفة إن حكومة “العمال” اتخذت موقفاً متشدداً من إسرائيل، بعد فوزها في الانتخابات العامة وخسارة مقاعد في بلاكبيرن وليستر وبيرمنجهام وديوزبري وباتلي قرب ليدز لناشطين مؤيدين لفلسطين.

وقرر وزير الخارجية لامي، الأسبوع الماضي، رفع الحظر عن تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بعد تعليق حكومة المحافظين الدعم بناء على مزاعم إسرائيلية بأن موظفين في الوكالة دعموا هجوم “حماس” في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وفي إشارة جديدة لنهج “العمال” الجديد من إسرائيل، سينشر لامي النصيحة القانونية بشأن مبيعات الأسلحة، الأسبوع المقبل. وقالت الصحيفة إن لامي تردد في زيارته إلى إسرائيل، الأسبوع الماضي، بتقديم تطمينات لنتنياهو حول “الجنائية الدولية”.

وتقول الصحيفة إن الولايات المتحدة التي حثت بريطانيا على مواصلة تحديها لإصدار المذكرة، لم تعد تمارس الضغط عليها، وخاصة أن ألمانيا تقدمت بتحدٍ قانوني ضد إصدار مذكرات الاعتقال.

وتقول الصحيفة إن هناك 60 طلباً لتقديم جدال قانوني تقدم بها مؤيدون لفلسطين وإسرائيل، ما يعني أن ملاحقة كريم خان، مدعي عام “الجنائية الدولية”، لنتنياهو قد تتأخر لوقت طويل.

وأكد متحدث باسم 10 داونينغ ستريت أن الحكومة تنظر في موقف الحكومة السابق، وبعدما نشرت “نيويورك تايمز” تقريراً ذكرت فيه أن الحكومة البريطانية تدرس سحب اعتراضها. ورأت الصحيفة أن بريطانيا تحركت، وعلى مدى ستة أشهر من الحرب، وبشكل متسق مع الولايات المتحدة. ولكنها الآن باتت تبتعد عن أقرب حلفائها في الصراع.

ورأت الصحيفة أن سحب الاعتراض على طلب المدعي العام، واستئناف دعم أونروا، يظهر أن الحكومة مستعدة لممارسة المزيد من الضغوط على نتنياهو بسبب الرد العسكري الإسرائيلي القاسي في غزة. ويظهر أيضاً أن  ستارمر، المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان، يهتم بالمؤسسات القانونية الدولية أكثر من الولايات المتحدة.

في شهر أيار/ مايو، أدان الرئيس بايدن جهود المدعي العام لـ “المحكمة الجنائية الدولية” للحصول على أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، ووصفها بأنها “مشينة”.

وعلى الرغم من أن أوامر الاعتقال ستكون بمثابة إجراءات رمزية إلى حد كبير، إلا أن مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون صوّت لصالح تمرير تشريع يفرض عقوبات على مسؤولي المحكمة. بالمقابل، تشير هذه التحركات المبكرة إلى أن رئيس الوزراء، وهو مؤلف كتاب عن القانون الأوروبي لحقوق الإنسان، يرسم مساره الخاص بشأن الصراع الذي أثار حيرة الزعماء الغربيين، بما في ذلك بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز.

وكان تحالف بريطانيا الوثيق مع الولايات المتحدة سبباً في حدوث صدع بين حزب “العمال” والعديد من أنصاره، الذين طالبوا بدعوة بريطانية أسرع لوقف فوري لإطلاق النار في غزة.

وقال دانييل ليفي، الذي يدير مشروع الولايات المتحدة والشرق الأوسط، وهو منظمة بحثية مقرها في لندن ونيويورك: “يمكن لستارمر أن يقول: اُحكم عليّ من خلال ما أفعله. هذان هما القراران المبكران اللذان اتخذتهما. كيف يمكنك انتقادهما؟”.

 وقام  ستارمر بتعيين ريتشارد هيرمر، وهو محام يهودي معروف في حقوق الإنسان، وزميله السابق المقرب، في منصب المدعي العام. وسيكون لهيرمر تأثير كبير في تقديم المشورة لرئيس الوزراء بشأن إسرائيل، والتوقيع على أي تدخل قانوني يقدم إلى “المحكمة الجنائية الدولية”.

وبينما يتوقع عددٌ قليل من المحللين أن تلتزم الحكومة الجديدة بخط الحكومة السابقة، يعتقد البعض أنه بدلاً من إسقاط اعتراضها بالكامل، قد تختار بريطانيا تقديم نص أكثر دقة إلى المحكمة.

ويأتي هذا التحول في بريطانيا في الوقت الذي تدخل فيه الولايات المتحدة نفسها فترة من عدم اليقين السياسي المتزايد بشأن إسرائيل. إذ أثار انسحاب بايدن من حملة عام 2024، وظهور نائبة الرئيس كامالا هاريس كمرشحة ديمقراطية مفترضة، تساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستغيّر حساباتها بشأن إسرائيل والحرب في غزة.

وقال آرون ديفيد ميلر، مفاوض السلام السابق في الشرق الأوسط، والذي يعمل الآن زميلاً بارزاً في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: “إنها أكثر إحباطاً وغضباً تجاه نتنياهو من بايدن”.

لكن  ميلر أشار إلى أن أي تغيير في السياسة الأمريكية من المرجح أن يأخذ شكل ضغط أكبر على  نتنياهو، الذي ألقى كلمة أمام جلسة مشتركة للكونغرس، يوم الأربعاء، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع “حماس”.

وقال إن البيت الأبيض لن يستأنف تمويل الأونروا، أو يتخلى عن معارضته لـ “المحكمة الجنائية الدولية” لأن هذه الخطوات، كما قال، ستثير معركة لا داعي لها في عام الانتخابات مع الجمهوريين في الكابيتال هيل.









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي