فورين أفيرز: بسبب تداعيات 7 أكتوبر.. أمريكا تخسر العالم العربي والصين تجني الفوائد  

2024-06-13

 

شدد الباحثون على أن “هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين 2023، وما تبعه من حرب إسرائيلية على غزة كان لحظة فارقة ليس لإسرائيل وحدها، بل للعالم العربي برمته” (أ ف ب)نشرت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية تحليلا بعنوان “أمريكا تخسر العالم العربي.. والصين تجني الفوائد” لثلاثة أكاديميين أمريكيين وهم مايكل روبينز، وأماني جمال ومارك تيسلر، وهم باحثون في شبكة “الباروميتر العربي” البحثية.

وشدد الباحثون على أن “هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين 2023، وما تبعه من حرب إسرائيلية على غزة كان لحظة فارقة ليس لإسرائيل وحدها، بل للعالم العربي برمته”.

وذكروا أن هجوم “حماس” على إسرائيل وقع في وقت بدأ فيه نظام جديد بالتشكل في المنطقة، عندما شرعت 4 دول عربية -هي البحرين والمغرب والسودان والإمارات العربية المتحدة– في تطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل قبل 3 سنوات. وقد أدى هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والعملية العسكرية الإسرائيلية المدمرة التي أعقبت ذلك في قطاع غزة إلى تراجع زخم التطبيع، حيث أعلنت المملكة العربية السعودية أنها لن تمضي قدما في أي اتفاق للتطبيع ما لم تتخذ إسرائيل خطوات واضحة لتسهيل إقامة دولة فلسطينية.

ولفت الباحثون إلى أن الآلاف في العديد من الدول العربية خرجوا للشوارع احتجاجا على الحرب الإسرائيلية والأزمة الإنسانية التي أفرزتها. وفي الأردن والمغرب، طالب المتظاهرون بإلغاء معاهدتي السلام المبرمتين مع إسرائيل، وأعربوا عن إحباطهم من عدم إصغاء الحكومات العربية لمطالب شعوبها.

وأشاروا إلى أن 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قد يمثل نقطة فاصلة للولايات المتحدة أيضا، ذلك لأن الرأي العام العربي قد انقلب بشكل حاد على إسرائيل “أوثق حلفائها” في المنطقة، بسبب الحرب التي تشنها في قطاع غزة.

وبرأي الباحثين الثلاثة فمن شأن هذا التطور أن يُربك الجهود الأميركية ليس للمساعدة في حل الأزمة بالقطاع الفلسطيني فحسب، إنما في احتواء إيران أيضا، والتصدي للنفوذ الصيني المتزايد في الشرق الأوسط.

وذكر الكُتاب الثلاثة أن شبكة “الباروميتر العربي” التي يديرونها هم أنفسهم -وهي منظمة بحثية محايدة- ظلت منذ عام 2006 تجري استطلاعات رأي نصف سنوية على المستوى الوطني في 16 دولة عربية، للوقوف على آراء المواطنين العاديين في منطقة لا تُنظَّم فيها سوى القليل من استطلاعات الرأي.

وأشاروا إلى أن استطلاعات للرأي أُجريت بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، كشفت أن قلة من العرب العاديين لديهم آراء إيجابية تجاه الولايات المتحدة.

لكن هذه المواقف تحسنت بعض الشيء بحلول عام 2022، حيث أكد ما لا يقل عن ثلث المستجيبين في جميع البلدان التي شملها استطلاع الباروميتر العربي تقريبا، أن لديهم آراء “إيجابية جدا” أو “إيجابية لحدٍّ ما” عن الولايات المتحدة.

لكن استطلاعات الرأي التي أجرتها الشبكة البحثية في 5 دول في أواخر عام 2023 وأوائل عام 2024 تظهر أن مكانة الولايات المتحدة بين المواطنين العرب قد تراجعت بشكل كبير. وقد أشار استطلاع أُجري في تونس جزء منه قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول وجزء آخر بعده، إلى أن هذا التحول حدث ردا على أحداث غزة.

وشدد الباحثون على أنه لعل المفاجأة الكبرى هي أن الاستطلاعات أوضحت أن خسارة الولايات المتحدة للرأي العام العربي كانت مكسبا للصين. فقد تحسنت وجهات نظر المواطنين العرب تجاه الصين في استطلاعات الباروميتر العربي الأخيرة، على عكس ما كان سائدا طوال نصف عقد من الزمن من ضعف التأييد لبكين في العالم العربي.

ولكن الباحثين الثلاثة لفتوا إلى أنه عندما سُئل المستطلعة آراؤهم عما إذا كانت الصين قد بذلت جهودا جادة لحماية حقوق الفلسطينيين، لم يوافق على ذلك سوى عدد قليل منهم. وتشير هذه النتيجة إلى أن آراء المواطنين العرب تنم عن استياء عميق من الولايات المتحدة أكثر مما تعكس دعماً محددا للسياسات الصينية تجاه غزة.

ويتوقع الباحثون الثلاثة في أن الزعماء الأميركيين سوف يسعون، في الأشهر والسنوات المقبلة، إلى إنهاء الصراع في غزة وبدء مفاوضات من أجل التوصل إلى تسوية دائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني (مع أن تساؤلات تطرح نفسها هنا في حالة فوز ترامب).

ووفق الباحثين تأمل الولايات المتحدة كذلك لصون الاقتصاد الدولي من خلال حماية البحر الأحمر من هجمات “وكلاء إيران” في إشارة إلى جماعة الحوثي اليمنية، وترسيخ تحالف إقليمي يحتوي إيران ويحد من التدخل الصيني في المنطقة، بحسب المجلة.

ولكي يتسنى لواشنطن تحقيق أي من هذه الأهداف، فإنها تحتاج إلى شراكة الدول العربية، وهو أمر يزعم الكُتَّاب الثلاثة أنه سيتعذّر عليها نيله إذا ظلت الشعوب العربية مرتابة من الأهداف الأميركية في الشرق الأوسط.

ويشير الكتاب هنا إلى أن العديد من المحللين والسياسيين الأميركيين، في المقابل، كثيرا ما أشاروا إلى أنه لا ينبغي إيلاء “الشارع العربي” أهمية كبيرة في السياسة الخارجية، متذرعين بأن القادة العرب “المستبدين” لا يكترثون كثيرا بالرأي العام في بلدانهم.

وبرأي الباحثين الثلاثة استنادا إلى هذه الحجة، يشدد هؤلاء المحللون والسياسيون على أنه يتوجب على صُنّاع السياسة الأميركية إعطاء الأولوية لعقد صفقات مع أصحاب النفوذ على كسب قلوب وعقول المواطنين العرب. ومع ذلك فإن الباحثين الثلاثة فإن الفكرة القائلة إن القادة العرب ليسوا مقيدين بالرأي العام، لا تعدو أن تكون مجرد “وهم”.

واستدل الباحثون الثلاثة بانتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بالحكومات في 4 دول عربية، وبالاحتجاجات الواسعة النطاق في عام 2019 التي أدت إلى تغييرات في قيادات 4 بلدان عربية أخرى.

وأضافوا أن من الممكن أيضا أن تكون لغضب المواطنين العرب من السياسة الخارجية الأمريكية عواقب مباشرة وخطيرة على الولايات المتحدة. وأفادوا بأن الأبحاث السابقة المستندة إلى بيانات من استطلاعات الرأي التي أجرتها شبكتهم في الجزائر والأردن، أظهرت أن الغضب من السياسة الخارجية الأميركية قد تدفع المواطنين العرب إلى التعاطف مع الأعمال “الإرهابية” الموجهة ضد الولايات المتحدة.

ووفق الباحثين فلطالما اعتبر العرب أن الولايات المتحدة تعمل على تأمين مصالحها ومصالح القادة العرب المتحالفين معها قبل مصالح المواطنين العاديين، حتى في الوقت الذي يسعى فيه المواطنون العرب إلى دعم أكبر لجهود التحول الديمقراطي ومكافحة الفساد.

ويخلص الباحثون إلى أن مخاطر الفشل في معالجة تراجع الدعم العربي للولايات المتحدة تتجاوز غزة، “فمن دون حدوث تحول كبير” في الدعم الأمريكي لحرب إسرائيل، ومن دون إجراء تغييرات ذكية في السياسة الأميركية للحد من تنامي العداء العربي لأمريكا على المدى الطويل، ستواصل جهات فاعلة أخرى -بما فيها الصين- محاولة “إزاحة” الولايات المتحدة من دورها القيادي في الشرق الأوسط.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي