الأنهر الجليدية الاصطناعية تمنع الجفاف في قرغيزستان وتوفر المياه للمزارعين  

أ ف ب-الامة برس
2024-03-24

 

 

مجموعة من بينهم المزارع إركينبيك كالدانوف (54 عاماً) ورئيس منطقة سين تاش ماكسات دزولدوشيف قرب النهر الجليدي الاصطناعي في مضيق جبلي بالقرب من قرية سين-تاش، على بعد حوالي 60 كيلومترا من بيشكيك، في 13 شباط/فبراير 2024 (أ ف ب)   في جبال تيان شان في قرغيزستان، ابتكر القرويون نهرا جليديا اصطناعيا لتوفير المياه لمزارعهم المتضررة من الجفاف.

ويبدي المزارع إركينبيك كالدانوف، وهو يقف على التلة الجليدية، تفاؤلا بشأن الاستفادة من الطبيعة لمواجهة التغير المناخي.

ويقول كالدانوف الذي كان قلقاً على خرافه في العام الفائت بعدما شهدت المنطقة ارتفاعاً غير معتاد في درجات الحرارة "لن نواجه أي مشاكل أخرى مرتبطة بالمياه".

ويتابع "عندما يذوب النهر الجليدي، سنحصل على كمية كافية من المياه للمواشي ولسقي أراضي سين تاش"، في المنطقة المحيطة.

ويبلغ ارتفاع النهر الجليدي حالياً خمسة أمتار وطوله نحو 20 مترا. ووصل ارتفاعه في الشتاء إلى 12 مترا.

ففي فصل الخريف، أعاد السكان على مدى أسبوعين توجيه المياه من قمم تيان شان التي يبلغ ارتفاعها أكثر من 4000 متر في شمال قرغيزستان.

يضطر كالدانوف وآخرون إلى التكيف مع الاختفاء البطيء للأنهر الجليدية الطبيعية في آسيا الوسطى، المصدر الرئيسي للمياه في المنطقة، بسبب الاحترار المناخي.

وتوقعت دراسة أجريت عام 2023 ونشرت نتائجها مجلة "ساينس" أن التسارع في ذوبان الأنهر الجليدية لن يصل إلى ذروته إلا بين عامي 2035 و2055.

ولا تتمكن الأنهر الجليدية من التجدّد بسبب قلة الثلوج الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة.

- "كميات أقل من المياه" -

ويتّضح حجم المشكلة من خلال صور بالأقمار الاصطناعية لآسيا الوسطى، ومن خلال تحذيرات تصدرها باستمرار الأمم المتحدة.

ولهذه المشكلة تأثير غير مباشر على الأراضي المنخفضة في آسيا الوسطى، وتحديداً في البلدان الأكثر تعرضاً للجفاف مثل كازاخستان وتركمانستان وأوزبكستان.

وهذا الواقع يغذي بدوره التوترات القائمة بين الدول التي لا تزال تتقاسم الموارد المائية في ظل خطة معقدة وموروثة من الحقبة السوفياتية.

ويقول الناطق باسم مزارعي سين-تاش أيدوس يزمانالييف "تتضاءل كميات المياه كل عام، ويفرغ منسوب المياه، وتجفّ الينابيع، ونواجه مشاكل في الرعي".

ويُعدّ إيجاد الحلول أمراً طارئاً، خصوصاً وأن الزراعة تمثل نحو 10% من الاقتصاد الهش لقرغيزستان التي يعيش ثلث سكانها في المناطق الريفية.

وفي شمال قرغيزستان، الدولة التي شهدت ثورات وانتفاضات، كان نقص المياه سبباً في تأجيج التوترات الاجتماعية خلال فترات سابقة من الجفاف.

ويقول المسؤول عن المنطقة ماكسات دزولدوشيف إنّ "هدفنا الرئيسي يتمثل في توفير المياه للمواشي لأن غالبية سكان منطقة سين-تاش البالغ عددهم 8400 نسمة هم من المزارعين".

ويتابع "نتوقع إنشاء اثنين أو ثلاثة أنهر جليدية اصطناعية إضافية للأراضي الزراعية".

- مفهوم بسيط -

تتسم الفكرة وتنفيذها ببساطة نسبياً، في حين تبلغ تكلفة إنشاء كل نهر جليدي نحو 550 ألف سوم (حوالى 6200 دولار).

ويقول يزمانالييف إنّ "المياه تأتي من مصدر جبلي على بعد ثلاثة كيلومترات عبر أنابيب تحت الأرض. وتتدفق وتتجمد لتشكل نهرا جليديا".

ويضيف "بالإضافة إلى توفير المياه عند ذوبانها، يساعد النهر الجليدي أيضا على خفض درجة الحرارة المحيطة وإحداث رطوبة".

ويتابع "هذا يساعد النباتات المحيطة التي ترعاها المواشي من الربيع إلى الخريف".

وتم إنشاء الأنهر الجليدية الاصطناعية للمرة الأولى في جبال الهيمالايا الهندية عام 2014، ثم انتشرت عالميا وظهرت في تشيلي وسويسرا.

وفي قرغيزستان، قاد عملية إدخالها رئيس جمعية مستخدمي المراعي في البلاد عبد المالك إيغمبردييف.

ويشير إيغمبردييف إلى فائدة إضافية من هذه الأنهر الجليدية، إذ أنها تتيح للمزارعين الحفاظ على المواشي في المراعي الربيعية لفترة أطول قبل إرسالها إلى المراعي الصيفية، وبالتالي إبطاء تآكل التربة.

ويقول إيغمبردييف "لدينا راهناً 24 نهرا جليديا اصطناعيا في مختلف أنحاء البلاد وسننشئ المزيد".

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي