رواية «أصل الهوى نسمة»: استكشاف أعماق الذات الإنسانية

2024-03-09

أيمن دراوشة

«خارج المألوف هي، فلا بداية لها ولا نهاية، ولا إطار يحصرها في قالب معين، ويدفعك لفك رمـوزه وأســراره، والبحث عن مكامن الجمال فيه.. هذا العمل باختصار، يحاول إضاءة إشكالية العلاقة بين فلسطين ولبنان.. العلاقة التي لها نكهة خاصة متفردة فرادة احتضان هذا البلد الجميل لقضية فلسطين. هذا ما ذكرته الروائية الفلسطينية سلوى البنا في تقديم روايتها «أصل الهوى نسمة» الصادرة عن دار الفارابي (2023).

ملخص الرواية

تبدأ الرواية بقدوم نسمة، فتاة فلسطينية من يافا، وهي ابنة شاعر ومناضل فلسطيني بارز، إلى بيروت. تقوم نسمة بمهمة غير مألوفة، تتضمن تجسيد دور «جاسوسة» لصالح رفيقتها نونا، ابنة وزير سابق، يتنافس مع والدها في الانتخابات. وتتوتر الأمور عندما تكتشف نسمة أن الشخص، الذي تتجسس عليه هو درويش، صديق والدها المقرب ومناضل فلسطيني بارز. تتطور العلاقة بين نسمة ودرويش، مما يثير صراعا داخليا عند نسمة بين مشاعر الحب والخيانة.

تقول الكاتبة سلوى البنا في مقدمة روايتها: «هذا العمل باختصار يحاول إضاءة إشكالية العلاقة ما بين فلسطين ولبنان، التي لها نكهة خاصة متفردة فرادة احتضان هذا البلد الجميل لقضية فلسطين.

شخصيات الرواية

نسمة: فتاة فلسطينية من يافا، تتورط في مهمة تجسس لصالح صديقتها نونا، لكنها تكتشف أن الشخص المستهدف هو درويش، صديق والدها، مما يثير صراعًا داخليًا في نفسها.

درويش السعد: صديق ومناضل فلسطيني قريب من والد نسمة، يثير اهتمامها ويدخل في علاقة معها، مما يجعلها تعاني من توتر داخلي بين مشاعر الحب والخيانة.

نونا: ابنة وزير سابق وصديقة نسمة، تطلب منها تجسسًا على درويش، مما يؤدي إلى تورط نسمة في صراع داخلي.

فنيات السرد

يتميز السرد بتناوب الأحداث بين الماضي والحاضر، مما يضفي عمقًا على القصة، ويسلط الضوء على تطور العلاقة بين الشخصيات، وتأثير الأحداث عليها.

تُظهر الوصفات الدقيقة للشخصيات والأماكن والأحداث قدرة الكاتبة على جعل القارئ يشعر بالاندماج في عالم الرواية وتفاعل التميز في السرد. كما تتميز الرواية بالسرد الدقيق والتفصيلي، الذي يجعل القارئ يعيش الأحداث ويشعر بالقلق والتوتر، الذي تمر به الشخصيات. وتقوم الكاتبة بتمييز الشخصيات وإبراز تطورها عبر الأحداث، مما يجعل القراء يتعاطفون معهم ويشعرون بقربهم.

التنويع في العلاقات الإنسانية

تتنوع العلاقات الإنسانية في الرواية بين الصداقة، والحب، والانتماء الوطني، والخيانة، مما يجسد تعقيدات العواطف والعلاقات الإنسانية في المجتمعات العربية. وإجمالا تبرز الرواية تنوع العلاقات الإنسانية وتأثير الظروف الخارجية على تطورها، مع تمحورها حول صراع داخلي للشخصية الرئيسية بين الوفاء لأصدقائها وبين تحقيق رغباتها ومشاعرها الشخصية.

العنوان وفك شيفرته

العنوان «أصل الهوى نسمة» يشير إلى فكرة أصل الحب والانجذاب بين الشخصيات الرئيسية، إذ يُظهر أنَّ الحب بين الناس ينبع من «نسمة» أو من تأثير خفي ورمزي، يشبه نسمات الهواء، التي تجلب معها الإحساس بالانتماء والوجدان. ويعزز العنوان، المثير للذة الاكتشاف، فكرة الرواية حول التأثير العميق للعواطف والروابط الشخصية على تطور العلاقات الإنسانية.

التعبير عن الهوية الوطنية

يتم التعبير عن الهوية الوطنية والانتماء لفلسطين من خلال شخصيات الرواية وتفاعلاتهم مع التحديات السياسية والاجتماعية، مما يبرز الروابط العميقة، التي تربط الأفراد بتاريخهم وهويتهم الوطنية، وما يربطهم بلبنان من أواصر الأخوة والمصير المشترك. ومن أبرز الأحداث التاريخية التي ذكرتها الروائية اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982 التي شكلت عنصرًا مهما من عناصر الرواية وما قام به أبطال الرواية من تضحيات من أجل فلسطين.

تطور الشخصيات الرئيسية

تبرز الرواية تطور الشخصيات الرئيسية، عبر مواجهتهم للتحديات والصراعات، وتعلمهم من تجاربهم وتجارب الآخرين، مما يجسد رحلة النضج والتطور الشخصي.

الحب والخيانة

تستكشف الرواية موضوعات الحب والخيانة بشكل عميق، وهنا تتداخل المشاعر بين الشخصيات، وتؤثر على قراراتهم وأفعالهم، مما يجعل القارئ يتساءل عن طبيعة العلاقات الإنسانية وتعقيداتها.

التأثير الاجتماعي والسياسي

تعكس الرواية التأثير الاجتماعي والسياسي على حياة الشخصيات وقراراتهم، وتبرز تداعيات الصراعات السياسية على العلاقات الإنسانية والمجتمعية.

استعادة الذاكرة التاريخية

تسلط الرواية الضوء على أهمية استعادة الذاكرة التاريخية والموروث الثقافي، وتعزيز الانتماء الوطني والثقافي للشخصيات والمجتمعات.

الخيوط الثقافية والتراثية

تنسج الكاتبة خيوطًا ثقافية وتراثية في الرواية تعكس الهوية الفلسطينية وتعزز الانتماء للتراث والثقافة العربية.

ختامًا

إذا كانت الرواية أشبه بعدسة متعددة الزوايا تلتقط جوانب مختلفة، تتجاوز عدستنا الواقعية المحددة بوعينا الذاتي في مداه المحدود؛ فإن سلوى البنا استطاعت الوقوف على مسافة دقيقة لتتيح لعدستها أن تصور الأشياء برؤية كلية، فانعكس ذلك الجمال على ضيق العدسة بتركيزها على شخصية بعينها أو شخوص بعينهم، خاصة إذا كان ذلك الشخص -أو الشخوص- في دائرة المغزى الروائي.

كاتب أردني








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي